عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
فيروسات الإنفلونزا «الضيف الثقيل» فى كل بيت
9 ديسمبر 2019
تحقيق ــ سماح منصور



  • د. محمد عوض تاج الدين: نشر ثقافة التعامل معها ضرورة لمنع انتشار العدوى


  • د. أشرف حاتم : تناول فيتامين سى ..والتطعيم السنوى ضد نزلات البرد الشديدة أمر مهم


  • د. شريف عسكر: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات ..والتغذية الجيدة الأفضل للوقاية





 



بشكل شبه يومى ..وبطريقة ما أو بأخرى لمجرد الخروج من باب المنزل نتعرض إلى الفيروسات التى تحيط بنا، فهى موجودة فى كل مكان حولنا وعند تعرضنا لها تصيبنا بالعديد من الأمراض التى يعمل جهاز المناعة على الحماية منها فى أوقات كثيرة، ولكنه يضعف أمامها أحيانا فتظهر على صورة أعراض تختلف خطورتها وجديتها حسب إمكانات الفيروس، حيث قد يصاب الإنسان بنزلات البرد والانفلونزا أو أمراض أكثر خطورة مثل التهاب الكبد ومتلازمة نقص المناعة «إيدز»، ويعتبر فيروس البرد هو أشهر أنواع الفيروسات والأكثر انتشارا وعندما يدخل أى بيت لا يغاده قبل أن يصيب جميع أفراده وينتج عنه احتقان فى الحلق ورشح فى الأنف



وإحمرار العين والعطس، وتتعدد دورة حياة هذا الفيروس من 7 إلى 14 يوما، كما أنه يسبب للإنسان الإرهاق والتعب العام فى الجسم وارتفاعا فى درجة الحرارة ويصاحبها أعراض أخرى إذا كانت المناعة ضعيفة.. وهناك العديد من الفيروسات الأخرى مثل فيروس الجهاز الهضمى والذى ينتج عنه ألم شديد فى البطن وتقلصات وشعور برغبة فى القىء، وفيروس إلتهاب الكبد والذى يعتبر من الفيروسات المهددة للحياة... تحقيقات «الأهرام» تناقش هذا الملف مع المتخصصين للتعرف عليه وكيفية الوقاية منها… والتفاصيل فى السطور التالية..



البداية كانت مع الدكتور محمد عوض تاج الدين ــ وزير الصحة الأسبق وأستاذ أمراض الصدر بجامعة عين شمس ــ قائلاً: إن الفيروسات التنفسية العادية تنتشر كل عام وأهمها فيروس الانفلونزا بأنواعه المعروفة، وتصيب الجهاز التنفسى وتزيد فى فصل الشتاء، وهناك أنواع أخرى ليست كثيرة ولكنها موجودة، ويرجع سبب انتشارها إلى تغير الفصول فى هذه الفترة، حيث يكون الجو متقلبا من بارد إلى حار، وأكثر سبب لانتشار فيروس الإنفلونزا الانتقال المفاجئ من جو بارد لجو ساخن والعكس خاصة عند الأطفال، حيث يخرج الطفل من منزله ذى الجو الدافئ إلى الشارع، حيث الجو البارد خاصة فى فترة الصباح حين يكون ذاهباً إلى المدرسة، هنا يتعرض لتغير مفاجئ فى الجو وتدخل الفيروسات إلى الجهاز التنفسى خاصة عند وجود الطفل بباص المدرسة مثلاً وأثناء خروجه منه إلى الفصل الدراسى فيجد جوا آخر، كل هذه العوامل المتغيرة تتسبب فى إصابة الأطفال خاصة أن مناعتهم قد تكون ضعيفة لأسباب متعددة مثل سوء التغذية أو غيرها.. ومن نعم الله علينا أنه خلق الجهاز التنفسى فيه قوة مناعة دفاعية ضد الفيروسات وتتفاوت الأعراض من برد عادى إلى رشح أو عطس وسعال حسب قوة الفيروس وضعف المناعة... وإذا كان الالتهاب فيروسيا هنا يُشفَى المريض بعد يومين أو ثلاثة، وإذا وصل للجهاز التنفسى وتحول إلى نزلات شعبية أو التهابات رئوية لابد من التدخل بمضادات للفيروس.



ويضيف تاج الدين أن العدوى تنتشر بين الأولاد فى المدارس والحضانات، لذلك لابد من نشر ثقافة التعامل مع هذه الفيروسات بين أولادنا كوضع اليد على الفم أثناء الكحة، ولابد من استخدام المناديل والتخلص منها بطريقه آمنة وغسل اليدين بالماء والصابون باستمرار حتى لا تنتقل الأمراض فيما بينهم.



أعراض عامة



أما الدكتور شريف عسكر أستاذ الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب جامعة الزقازيق ـ فيقول إن فيروسات الجهاز التنفسى لها أعراض عامة مثل ارتفاع حرارة الجسم وتكسير بالعظام، وبالنسبة للأطفال فتقل شهيتهم للطعام وهى أكثر شيوعا فى فترة تغير الفصول وتعتبر الوقاية أهم من العلاج نفسه، وأهم طرق الوقاية التهوية الجيدة فى البيت والمدرسة، وكذلك التغذية الجيدة مثل تناول فيتامين «سي» من مصادرها الطبيعية مثل البرتقال واليوسفي، كذلك التعرض للشمس فى الأوقات الصحية والابتعاد عن الأماكن المزدحمة.



ويضيف عسكر أنه خلال الساعات الأولى من المرض وتحديداً أول 48 ساعة نقوم بمعالجة الأعراض العامة مثل عمل الكمادات لخفض الحرارة قبل إعطاء خافض للحرارة أو مسكنات للآلام، ثم تناول مضادات الرشح حسب وصف الطبيب، مؤكداً أنه على الأم أن تعرف الفرق بين الحرارة التى تستجيب للكمادات والأخرى التى لا تقل إلا بتناول خوافض الحرارة، فعلى سبيل المثال بالنسبة للالتهاب السحائى فى أول المرض تكون البداية عبارة عن التهاب فى الجهاز التنفسى وبعد ذلك تظهر علامات التشنجات ويبدأ القلق عندما تظهر علامات ضعف الحركة العصبية عند الأطفال، وإذا زادت عن فترة يومين أو كانت الاستجابة ضعيفة فلابد من الذهاب لأقرب طبيب، وعلى الأم أن تنتبه جيدا لدرجة الوعى عند طفلها وحركته كذلك إذا كان هناك عدوى فى المدرسة أو الحضانة فلابد من زيادة الاهتمام ولكن لا داعى للقلق، لأن معظمها تكون التهابات فيروسية عادية.



التهوية الجيدة



وبالنسبة لاستخدام المضادات فيقول إن معظم الحالات لن يكون هناك دور للمضادات الحيوية فى أول يومين لأن المضادات يكون هدفها الوقاية من حدوث التهابات بكتيرية ثانوية، وليس لها دور فى علاج الفيروس، ويضع الدكتور شريف عسكر سبل الوقاية من الفيروسات فى عدة نقاط أهمها تهوية المنازل وفصول المدارس والحضانات جيدا، كذلك الامتناع عن التدخين نهائياً فى غرف الأطفال خاصة إذا كانت مغلقة، ثم الاهتمام بتغذية الطفل بالفيتامينات الطبيعية كتناول طبق السلطة بشكل أساسى وأخيرا ممارسة الرياضة التى ستقوى جهاز المناعة.



تهيج الشعب الهوائية



ويضيف الدكتور أشرف حاتم ــ أستاذ الأمراض الصدريه بكلية طب قصر العيني، أن الفيروسات تنتشر دائما مع تغير الفصول وغالبا آخر فصل الخريف وبداية فصل الشتاء وتكثر فى المدن الأكثر تلوثاً، وأهم تلك الفيروسات «الانفلونزا» والتى تتحول إلى نوع من تهيج الشعب الهوائية مثل الحساسية وهى كثيرا ما تصيب الأطفال فى المدارس، وللأسف يعود الطفل إلى المدرسة قبل الشفاء التام وبذلك تنتقل العدوى بين الأطفال نتيجة التنفس، ولابد من عدم التعرض لتغير مفاجئ فى الجو، وعلى الأم أن توقظ الطفل قبل موعده بوقت مناسب حتى لا يتعرض لبرودة مفاجئة وتناول فيتامين «سي» على هيئة فوار أو أقراص أمر مهم جدا.



ويضيف أستاذ الأمراض الصدرية أن الطفل الذى يتعرض كثيرا لنزلات برد متكررة أو مشكلة صدرية لابد أن يأخذ تطعيم الانفلونزا وهو نوع فيروسى يؤخذ مرة كل عام فى الكتف تحت الجلد وهذا يعطى مناعة من النزلات الحادة والنوع الثانى البكتيرى هو نوع من الكبسولات أو البودرة تؤخذ فى بداية الشتاء فى أول عشرة أيام فى الشهر ويتوقف تناولها لمدة الـ 20 يوما المتبقية فى الشهر وذلك لمدة 3 أشهر، وهناك خطأ شائع يقع فيه العديد من المرضى وهو تناول الليمون بالعسل فى حالة مصاحبة الكحة للإنفلونزا فهذا يسبب تهيجا شديدا فى الصدر ويزيد الكحة، لأن هذا الخليط طارد للبلغم وعلى المريض فى هذه الحالة الابتعاد عن تناول المواد القابضة والسكريات وتناول السوائل الدافئة والراحة التامة.



16 مليون فيروس يومياً



ويختتم الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة الكلام، حيث يقول إنه يمكن لفيروس البرد الواحد إنتاج 16 مليون فيروس مماثل له خلال يوم واحد، ويمكن للعطسة أن تطلق 100 ألف فيروس فى الهواء، لهذا يجب أن تبقى على مسافة 6 أقدام من شخص مريض لنزلات برد وهناك 200 نوع من الفيروسات تسبب البرد، ونزلات البرد هى أكثر الأمراض شيوعا وتصيب الجزء العلوى من الجهاز التنفسى بفيروس من فيروسات البرد، وهى مسئولة عن ثلث أيام غياب الموظفين فى العالم عن أعمالهم وثلثى غياب الطلاب عن مدارسهم، وتنتقل تلك الفيروسات عن طريق التلامس اليدوى او السعال أو العطس، ويضيف أن الرذاذ ينتشر فى الهواء بسرعة 300 متر فى الساعة، ومما يساعد فيروسات البرد على الانتشار أن العدوى تحدث بدون أعراض فى نحو 20% من الحالات والشخص المصاب يستطيع نقل العدوى للآخرين قبل ظهور الأعراض بنحو 48 ساعة، وأن قلة النوم تجلب نزلات البرد ففترات النوم المناسبة تقى الإنسان من الإصابة.



وأضاف ان معدلات نزلات البرد تكون أعلى فى الأطفال، بل ربما تتكرر عدة مرات خاصة أطفال مدارس رياض الأطفال ومراكز الرعاية النهارية لأطفال الأمهات العاملات، كما أن النساء أكثر تأثرا بالبرد من الذكور، وتزداد التهابات الأنف والحلق أيضا فى أمهات الأطفال لبقائهن فترات أطول مع الأطفال.




  • «الكحة» لا تفارق أطفال المدارس



يعانى الكثيرون من أطفال المدارس من الكحة المستمرة المصحوبة بالبرد الشديد.



واتخذت مدارس كثيرة احتياطاتها بتوفير طبيب معظم اليوم الدراسى خاصة فى المدارس الكبيرة الخاصة والحكومية.



وأطلقت بعض المدارس تحذيرات شديدة بغياب الطلبة المصابين حتى لا تنتقل العدوى فيما بين الطلاب خاصة الأصحاء منهم، وهناك دعوات أخرى للتحذير من الغياب لوجود مراجعات للمواد الدراسية.



ومع هذا وذاك، وقف أولياء الأمور فى حيرة: هل يذهب أبناؤهم إلى المدارس حتى يستفيدوا من الشرح؟ أم الأفضل أن يتغيبوا حرصا على صحتهم؟



وفى هذا الصدد، قال أحد أولياء الأمور إن «ابنى فى الصف الثالث الابتدائي،وعندما ذهبت لاصطحابه من المدرسة، فوجئت بعدد كبير من الأولاد فى حالة إعياء وعطس ورشح، وفى اليوم التالى فوجئت بإصابة ابنى وقررت أن يستريح فى المنزل، وعلمت أن عدد الحضور لم يتخط سبعة تلاميذ ورغم ذلك واصل المدرسون شرح دروس كثيرة، وعندما اعترضت قالوا: لا يوجد وقت، ولابد من الانتهاء من المنهج، وللأسف، لا أعرف: هل أجازف بصحة إبنى أم بدروسه»؟



ومن ناحية أخري، حذرت مدرسة أخرى من حضور الطلبة المصابين بالانفلونزا حتى لا يصيبوا زملاءهم بالعدوي.



ويقول ولى أمر آخر: «لقد التزمت بالقرار، وغاب ابني، ولكن للأسف فاته الكثير من شرح الدروس المهمة التى لن أتمكن من تعويضها له بالمنزل، ولا أعلم هل ستعيد المدرسة شرح الدروس التى فاتت الطلبة المرضي، أم ستسير فى طريقها دون الالتفات إليهم».



وكما تقول دنيا محمود ـ أخصائية اجتماعية بإحدى المدارس الخاصة ـ «أعطينا توجيهات لأولياء الأمور بعدم إرسال الأبناء فى رياض الأطفال إلا بعد شفائهم حتى لا يتم انتقال العدوي».



أما رانيا أحمد ـ والدة أحد الطلاب بمدرسة بمدينة نصر - فتقول: «نظراً لأن المدرسة بها أطفال صغار فى مرحلة رياض الأطفال والصف الأول فقط، فقد لاحظنا انتشار عدوى الانفلونزا هذا العام، والمشكلة أن هؤلاء الأطفال يعانون من الكحة الشديدة التى تصاحبها أمراض الحساسية والتى سرعان ما تتحول إلى نزلة شعبية حادة تأخذ أسبوعا على الأقل حتى يتم علاج الأطفال».