(النفقة ـ الرؤية ـ الاستقرار النفسى).. حقوق ضيعها الطلاق..
الدور التربوى لـ«إعلام الطفل» ضرورة لمعالجة قضاياه
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بعيد الطفولة، يعاني ملايين الأطفال الشتات النفسي والحرمان العاطفي، فضلاً عن المعاناة المستمرة للحصول علي حقى النفقة والرؤية، بسبب الطلاق، وانفصال والديهم.. فأصبحوا كاليتامي بل هم أشد.
علماء الدين أكدوا أن الرؤية والنفقة والعيش الكريم حقوق أصيلة للطفل، سواء في حالة وفاق والديه أو الاختلاف والانفصال. فحينما يتم حرمان الأب من الرؤية فإنما يتم الاعتداء علي حق للطفل قبل أن يكون حقا للأب، أو الطرف غير الحاضن، وحينما يتم التقصير في النفقة أو التعليم أو أى من احتياجات الطفل الرئيسية، نكاية في الأم الحاضنة، فإنما يصب هذا التقصير سلبيا في مصلحة الصغير أولا.
وحذر الدكتور عبدالغني الغريب، أستاذ العقيدة والفلسفة، بجامعة الأزهر، من الآثار النفسية التي يسببها الطلاق على شخصية الأبناء وتوافقهم النفسي والاجتماعي، حيث إن غياب الأب ينعكس أثره سلبيا على إشباع بعض الحاجات النفسية للأبناء كالحاجة للحب والعطف والأمن والشعور بالانتماء، مشيرا إلي أن الطلاق يمر على الأبناء بخمس مراحل: منها الغضب، الاكتئاب، ونجد كثيرا من أبناء المطلقين يشعرون بالحرج والخجل حين يسألهم زملاؤهم عن أسرهم، بل إنهم قد يشعرون بالذنب، وينتج عن ذلك تشرد وضياع، ويعقبه تشتت وفراق، وغالبا ما يؤدي إلى انحراف الأبناء، ويصبح الولد بلا أم تحنو عليه، ولا أب يقوم على أمره، مما يدفعه للجريمة، ويتربى على الفساد والانحراف. وسيجعل الأبناء أكثر عدوانية.
المكائد بين الأزواج
واشار الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية، بجامعة الأزهر، إلي أن من أخطر ما يؤثر علي الطفل بعد الطلاق المكائد المتبادلة بين الأب والأم ومحاولة كل منهما تشويه الآخر، فضلا عن اختلاق الأزمات وتلفيق الاتهامات لتصفية الحسابات، حيث يستخدم كل طرف الطفل وسيلة ضغط ضد الطرف الآخر، فالأب يماطل أو يتخلي بالكلية عن رعاية صغيره والإنفاق عليه، نكاية في أمه، في المقابل نجد من بيده الحضانة (الأم) تمتنع عن تقديم حق رؤية الأب لصغيره، أو التعنت في مكان ومدة اللقاء، وتمتد خلافاتهما إلي ساحات القضاء، فيصير الابن مشتتا غير متوازن نفسيا، لشعوره الدائم بالنقص أمام أقرانه ممن يعيشون بين أبويهما.
قانون الرؤية
وأوضح أن الرؤية حق المحضون، وينبغي أن تكون حيث يقيم، دون عنت ولا إكراه ولا ترويع، فليس من المناسب أن تتم الرؤية في أقسام شرطة أو حدائق أو مكان أحزاب كما يتم الآن، بل بالمكان الذي يليق بالطفل ويحفظ له استقراره النفسي، وما المانع أن يتفق الطرفان علي مصلحة الصغير بالاستضافة والرعاية المشتركة، وإن اختلفا وكان الطلاق قرارهما، فالطلاق في حد ذاته ليس محرما ما دامت العشرة قد استحالت، ولكن ينبغي مراعاة المصلحة الفضلي للصغار، وألا يكونوا وسيلة للتشفي والانتقام.
وإذا كان الشرع جعل الحضانة للعنصر النسائي في المقام الأول، فذلك دون غل يد الأب عن المتابعة لأولاده، ولا انتزاع لولايته التعليمية. أو تغييبه عن أسرة أبيه التي قد لا يعرف بعضهم إذا رآه في الطريق العام، نتيجة التعسف والتعنت في الرؤية.
وطالب كريمة بالعودة إلى التشريع الإسلامي لعلاج العوار الذى يكتنف آثار الطلاق من نفقة وحضانة ورؤية، وغيرها.
دور الإعلام
وعن دور الإعلام للتوعية في هذه القضايا، أوضح الدكتور مختار يونس ـ أستاذ الإخراج السينمائي بالمعهد العالي لفنون الطفل ـ أنه لا توجد أعمال فنية حتى الآن تبرز حقوق الطفل أو تركز علي توعية الأسر تجاه أبنائها في حالات الطلاق، فالإعلام الحالي للطفل مازال (إعلاماً ترفيهياً) وهو ما يتعارض مع إمكانات مصر كدولة نامية دولة (بناء) وليست دولة (رخاء)، ولذا يجب أن يتحول (إعلام الطفل) أولاً إلى (الإعلام التربوي) الذي يخاطب أطفال كل مرحلة عمرية على حدة، وتعبر عن مشكلاتهم المتعددة، وهذا يبرز حقوق الطفل التي ضيعها المطلقون.
وطالب د. مختار، بأن توجه الدولة بالقيام بأعمال فنية لتوجيه وإرشاد وتوعية الأب والأم عن التربية السليمة، وأضرار الطلاق، وهى الأعمال الفنية المنتظرة من خريجي المعهد العالي لفنون الطفل، والذي يستهدف إعداد كوادره من الدارسين لإعادة تربية (وجدان الطفل المصري) سواء التلاميذ أو «للأطفال بلا مأوى» الذين من بينهم أطفال المؤسسات الإصلاحية والأحداث، وغير الأسوياء ضحايا حالات الأسر المنكسرة، الذين هربوا من قسوة «زوجة الأب» أو «زوج الأم» علي أن تكون هناك مؤسسات إصلاحية تتلقفهم ليقفوا على حقوقهم المسلوبة، ليتم إعادة (تأهيلهم تربوياً) بواسطة (الإعلام التربوي الغائب مؤقتاً).
وأكد أن الطفل تنقصه الفنون التعبيرية السبعة، التي يقوم عليها (الإعلام التربوي الشامل) المدون إلكترونياً والمرئي والمسموع والمقروء، فالإعلام التربوي الشامل يرشد الوالدين بالامتناع عن الوسائل السلبية في التربية، كالتعدي بالضرب والإيذاء البدني والتعنيف والسب والإهانة، وغيرها.