عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«الجوكر» الفساد والظلم بوابة الفوضى والتعاسة
23 أكتوبر 2019
د.مصطفى فهمي
> مشهد من الفيلم


بعد محاربة باتمان للفساد فيها، تعود مدينة جوثام الوهمية صنيعة الأدب الأمريكى فى أربعينيات القرن الماضى فى جزيرة بجوار نيويورك تابعة لولاية نيوجيرسى هذه الأيام مع فيلم «الجوكر» الذى يجسد حياة رجل يعانى صعوبة الحياة وضيق العيش، مثل كثيرين من أبناء مدينته لكنه يختلف عنهم بتعرضه للسخرية الدائمة،والضرب بسبب طبيعته الهادئة الناتجة من مرضه النفسى نتيجة ظروفه الأسرية،والاقتصادية التى يعيشها مع أمه، التى تمثل أحد أسباب مرضه النفسى واضطراب حياته مما يدفعه لقتلها.



بين لحظة وأخرى تأتى لحظة تحول للإنسان من النقيض للنقيض مثلما حدث مع أرثر الذى اختار لنفسه اسم «الجوكر»، بعدما تحول لقتل كل من يضايقه ويسخر منه ويسبب له التعاسة والضيق بسلاح نارى أعطاه له أحد أصدقائه بالعمل ليدافع به عن نفسه بعد أن كسر الأولاد فى الشارع اليافطة التى كان يحملها وضربه بقوة، ليكون السلاح مصدر قوته فى تحوله.



منذ قتله لثلاثة رجال فى المترو وهو بشكل المهرج أصبح أرثر أيقونة السكان الذين يعانون من الوضع الاقتصادى والنظام السياسي، وعندهم رغبة فى الانتقام من كل ما يمثل النظام،خاصة الشرطة التى تمثلت فى اعتداء ركاب المترو المرتدين لقناع المهرج عليهم وإحداثهم إصابات بالغة بهم نتيجة حيلة قام بها الجوكر.



دائما ما ظهرت مدينة جوثام على أنها الأهم اقتصاديا فى الولايات المتحدة، وصاحبة أكبر نصيب من الفساد المسبب لضعف دخل السكان ومعايشتهم، لذلك كان طبيعيا أن يدعو الفيلم إلى الفوضى للتخلص من الفساد والظلم عن طريق القتل الذى صوره الفيلم على أنه تحقيق للراحة النفسية، ومن ثم السعادة، كما جاء فى المشاهد الأخيرة عندما نزل المحتجون إلى الشوارع بعد ظهور الجوكر فى التليفزيون وقتله للمذيع الذى يمثل النظام.



تذكرنا هذه المشاهد بفيلم «الفوضى والتطهير» الذى اعتمد على نشر الفوضى والقتل لتحقيق التطهير للبلد لإعادة بنائها فيما بعد، لتتأكد هذه الرؤية فى فيلم «الفوضي.. عام الانتخابات» بظهور الآباء المؤسسين وأصحاب المال مجتمعين ويضحون بمن هم أقل منهم إجتماعيا، واقتصاديا فى مقابل إيجاد حياة جديدة بلا فقراء، ليكون بذلك فيلم «الجوكر» امتدادا لنفس الرؤية المعتمدة على الفلسفة الأناركية والفكر الأشتراكى الثورى بضرورة الاحتجاج، واحداث فوضى ليتم البناء من جديد بمعايير مختلفة،وأكد الفيلم هذه الرؤية باللافتة التى يمسكها الجوكر ومكتوب عليها «كل شئ يجب أن يرحل».



لذلك ليس غريبا أن يكون العالم مشتعلا بالثورات والحروب فى مناطق متعددة،ومنها منطقة الشرق الأوسط التى تمثل قلبه لأهميتها الاستراتيجية جغرافيا، وسياسيا، واقتصاديا بمواردها الكثيرة المتنوعة، اجتماعيا بتعداد سكانها الكبير، وليكون الاقتصاد العالمى كلمة السر فى هذه اللعبة بين الشعوب والأنظمة.