عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
خير الأجناد.. قادة عبور الأزمات
4 أكتوبر 2019
خالد أحمد المطعنى
الجندى المصرى كلمة السر فى نصر أكتوبر


تظل حرب أكتوبر عام 1973 ـ العاشر من رمضان ـ التى أعادت أرض سيناء من العدو الغاشم إلى حضن الوطن، وفى الوقت نفسه استردت العزة والكرامة والهيبة للأمة العربية كلها، خير شاهد على قوة بأس وبراعة الجندى والمقاتل المصرى فى ميدان المعركة بمختلف الجوانب، ولم العجب فى ذلك فهو خير أجناد الأرض، كما اخبر بذلك رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فى أحاديث متواترة، وأيدت وشهدت بذلك الوقائع والأحداث والمواقف على مختلف العصور.



 



من جانبهم، أكد علماء الدين، أن الجنود المصريين خير أجناد الأرض هم قادة عبور الأزمات فى كل زمن وليس فى وقت الحرب فقط، وأن الإيمان بالله وحب الوطن والتخطيط السليم فى حرب أكتوبر المجيدة، كانت من أهم عوامل النصر.



يقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، وأستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر: إن الأحاديث الواردة على أن جند مصر هم خير أجناد الأرض، والتى منها، عن عمرو بن العاص رضى الله عنه: حدثنى عمر رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جندا كثيفا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا فتح الله عليكم مصر استوصوا بأهلها خيرا فإن فيها خير جند الله» وفى رواية: «إن جند مصر من خير أجناد الأرض لأنهم وأهلهم فى رباط إلى يوم القيامة»، هذه الأحاديث كلها صحيحة المعانى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم ولا مطعن على مضامينها بوجه من الوجوه، ولم يتسلط عليها بالإنكار أو التضعيف أحد ينسب إلى العلم فى قديم الدهر أو حديثه، ولا عبرة بمن يردها أو يطعن فيها هوى أو جهلا.



وعن سبب أنهم خير أجناد الأرض، يوضح د. أحمد عمر هاشم، لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة، وعلى الوصية النبوية بأهلها، لأن لهم ذمة ورحما وصهرا، وكلها معان صحيحة ثابتة عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم، تتابع على ذكرها وإثباتها أئمة المسلمين ومحدثوهم ومؤرخوهم عبر القرون سلفا وخلفا، ولا يقدح فى صحتها وثبوتها ضعف بعض أسانيدها، فإن فى أحاديثها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر الذى احتج به العلماء، وقد اتفق المؤرخون على إيراد هذه الأحاديث والاحتجاج بها فى فضائل مصر من غير نكير، مشيرا إلى أن الوقائع التاريخية قد تضافرت منذ قديم الزمان وعلى مر العصور وكر الدهور على إثبات الخيرية والأفضلية لجيش مصر من الناحية الواقعية العملية.



وأوضح أن يوم حرب العاشر من رمضان كان يوما عظيما تاريخيا، حيث شهد هذا اليوم انتصار الجيش المصرى وهزيمة الجيش الإسرائيلى الذى كان يصفه الإسرائيليون بـ «الجيش الذى لا يقهر».. مضيفا أن البعض كان يتحدث بأن عبور خط بارليف أمر مستحيل، والبعض الآخر كان يتحدث بأن عبور هذا الخط سيكلف الجيش المصرى الكثير من الأرواح والأموال والمعدات، ولكن بفضل الإيمان بالله تعالى أولا وحب الوطن والعقيدة القتالية السليمة للجنود المصريين والتخطيط السليم - وهى من أهم العوامل التى ساعدت على النصر- تم تحطيم خط بارليف الحصين وسقوطه تحت أقدام جنودنا البواسل، وعبور القناة إلى الضفة الشرقية، ورفع علم مصر خفاقا على أرض سيناء، مما يثبت بما لا يدع مجالا للتشكيك، خيرية الجندى المصري، وقوة بأسه ضد كل من تسول له نفسه المساس بتراب هذا الوطن، مشددا على ضرورة وقوف الشعب المصرى صفا واحدا مع رجال القوات المسلحة والشرطة لمواجهة الجماعات الإرهابية التى تعيث فى الأرض فسادا، لتنال من وطننا الحبيب.



وفى سياق متصل، يؤكد الشيخ أسامة قابيل، من شباب علماء الأزهر، أن الجندى المصرى هو خير أجناد الأرض قولا وفعلا، فلقد أظهر قدرته الإبداعية فى كل عصر، وفى الوقت الحالى يقوم بالتصدى لكل أشكال الإرهاب والعنف.



كما أن جند مصر هم الذين هزموا الصليبيين، وحرروا القدس، وكسروا جيش التتار فى عين جالوت، وحرروا الأرض من العدو الاسرائيلى الغاشم فى 1973، ولذلك فمن خلال موضع وموقع مصر- التى كرمها الله وشرفها وذكرها عدة مرات صريحة فى القرآن وتلميحا فى مواضع كثيرة - أصبح المصرى خير أجناد الأرض أمس واليوم وغدا بمشيئة الله.



كلمة السر



يشير الشيخ أسامة إلى أنه عندما يأتى الحديث عن حرب أكتوبر المجيدة، نتذكر هذا الجندى القوى، فالأصل فى هذا الانتصار هو الجندى المصري، الذى جاد بروحه ودمائه من أجل هذا الوطن، وهذا الانتصار أجبر إسرائيل على أن تنسحب من الأراضى المصرية، هذا بالإضافة إلى أن وقوف الشعب المصرى وراء جيشه كان ولا يزال بمثابة «حائط صد»، منيع ضد جميع المؤامرات والمخططات التى تستهدف الوطن فى كل وقت، فقد شهدت حرب أكتوبر تجسيدا حقيقيا لتلاحم جميع أطياف الشعب على قلب رجل واحد.



واختتم الشيخ أسامة بأن القوات المسلحة المصرية كما استطاعت تحقيق هذا الانتصار العظيم فى حرب أكتوبر، فإنها الآن أمام  اختبار آخر لا يقل أهمية، يتمثل فى مواجهة الإرهاب، وفى الوقت نفسه مواصلة «ثورة العمران» التى تعيشها مصر حاليا، مطالبا باستثمار روح حرب أكتوبر فى العبور بالوطن من أزماته فى مختلف المجالات الى بر الأمان حتى يتحقق الرخاء والتنمية للجميع، من خلال غرس قيم الولاء والانتماء وحب الوطن فى نفوس الأجيال المتعاقبة.