عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
بريد السبت - يكتبه: أحمد البرى..
الحى الشهير
13 يوليو 2019
يكتبه أحــمد الــبرى


رواية «مصر 51»، رغم أنها كُتبت بالفرنسية ولم تُترجم إلي اللغة العربية حتي الآن، فإنها أعادت لنا نحن المصريين وبخاصة أهل إقليم قناة السويس، جزءا من تاريخنا، الذي كانت فيه مصر بشكل عام ومنطقة قناة السويس بشكل خاص تقطنها جاليات أجنبية وعربية من جميع أنحاء العالم، فانصهرت تلك الجاليات بثقافاتها المتعددة وأخرجت لنا وجها من أوجه مصر في الإسماعيلية (باريس الصغرى)، تلك المدينة الصغيرة على الحافة الغربية لقناة السويس، والتي تم تأسيس أحيائها الأوروبية علي نسق أحياء باريس بفيلاتها ذات الطراز الفرنسى وحدائقها الغناء، ومن أشهر حدائق الإسماعيلية الآن «جناين الملاحة».



مؤلفة الرواية ولدت وعاشت في الإسماعيلية قبل أن تتغرب عن مصر مثل باقي أبناء الجالية التي تنتمي إليها، فهي تعيش حاليا بين لبنان وفرنسا ولكنها تعتبر نفسها مصرية وتعتز بذلك، ولقد اختارت الكاتبة عام 1951 باعتباره آخر سنوات الزمن الجميل لها ولجميع أبناء الجاليات الأوروبية والعربية التي كانت تعيش في الإسماعيلية في ذلك الوقت، وكان معظم أبناء الجاليات الأجنبية ينتمون إلي أعراق وجنسيات مختلفة وجميعهم يعملون في شركة قناة السويس والخدمات الملحقة بها.



وفى ذلك الوقت كانت مدينة الإسماعيلية أيضاً مقسمة إلي أحياء للأجانب (الأحياء الأوروبية) وأحياء عربية (العرب ــ عرايشية مصر ــ عرايشية العبيد)، ورغم التقارب الجغرافي بينهما، فإن الفوارق الاجتماعية والطبقية كانت كبيرة، فسكان حى الإفرنج ينتمون إلي الطبقة البرجوازية، ويتمتعون بخدمات أفضل من أوروبا، بينما سكان الأحياء العربية في معظمهم فقراء وتنقصهم معظم الخدمات الأساسية، لذا فعندما حدثت أزمة الطاقة عام 1951م. وحريق القاهرة عام 1952م،  شهدت البلاد اضطرابات اجتماعية وسياسية تعكس الفجوة الطبقية بين عامة الشعب والمجتمع الأرستقراطي الذي كان يعيش في الأحياء الأوروبية، مما مهد الطريق لجلاء الانجليز وتأميم قناة السويس عام 1956 م، وانتهاء حقبة من تاريخ مصر الحديث.. إن الفروق الطبقية الشاسعة في ذلك الوقت بين الطبقة البرجوازية والطبقة العاملة الفقيرة والمهملة أدي إلي تغرب أبناء الطبقة البرجوازية عن موطنهم الذى ولدوا فيه وأحبوه «الإسماعيلية»، ولكن بقيت صورة السفن القادمة من جميع أنحاء العالم وهي تمر عبر الصحراء، تقدم منظرا خلابا وسيرة عطرة لمصر تجوب قارات وبحار العالم.



د. كمال عودة غُديف



أستاذ المياه بجامعة قناة السويس