عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
أين نحن من «زوربا» اليونانى يا دكتورة إيناس؟
9 نوفمبر 2018
أشرف عبدالشافى;


فوجئ الكاتب والمثقف الكبير بأنه لم يكن يعرف شيئاً عن الحياة وأسرارها!،فجلس تحت قدمى «زوربا» يتعلم من جديد!، فهاهو الرجل العجوز الذى يعمل فى مناجم الفحم يرقص لحن الوجود، يهزم الاكتئاب والاحباط والفشل،يصنع البهجة من كل شيء حوله، القمر والنجوم والعصافير والنباتات الصغيرة تتحول إلى جمال خالص وموسيقى راقصة كلما تأملها زوربا، ومازال المثقف غارقا فى الكتب يبحث عن السعادة بين سطور سوداء!.



.....................................................................



هذا هو الملخص المخل بالطبع للرواية الأشهر «حياة أليكسيس زوربا» التى ترجمها لنا الدكتور محمد حمدى إبراهيم فى إبداع لا يقل روعة عن النص الأصلى وصدرت عن الهيئة العامة للكتاب وتحولت إلى فيلم سينمائى شهير قام ببطوله أنتونى كوين،والمؤلف هو «نيكوس كازانتزاكيس» الاسم الأكثر ذيوعا فى العالم وصاحب الأعمال الخالدة «المسيح يصلب من جديد» ،«تقرير إلى جريكو ومؤلف كتاب «الرحلة إلى مصر» والمولود عام 1883 فى جزيرة كريت وهى الجزيرة نفسها التى جرت على أرضها (10 أكتوبر 2018) المصافحة الثلاثية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء اليونانى أليكسيس تسيبراس والرئيس القبرصى نيكوس أناستاسيادس، فى القمة الثلاثية السادسة التى جمعتهم فى إطار آلية التعاون الثلاثى التى انطلقت بالقاهرة منذ نوفمبر 2014، والتى تحتاج من الثقافة اهتماما يليق بها، فمن المعروف أن تركيا كانت تحاول فرض هيمنتها على قبرص بحجة حماية القبارصة الأتراك، وكان دخول مصر كطرف داعم للقبارصة اليونانيين ضربة لأطماع تركيا فى ثروات البحر المتوسط وبداية لصفحات جديدة مع الأصدقاء القدامى فى الثقافة والفكروالفن والفلسفة، فمن نفس الجزيرة الكبرى «كريت» جاء الكاتب الكبير كزانتزاكيس إلى مصر وكتب رحلته إلى جبالها وأسرارها فى سيناء، ومازال العالم كله يحسد مصر على حضورها المكثف فى أعماله حتى وإن كانت الرحلة التى قام بها 1927 تحتاج مراجعة لأفكار صاحبها إلا أنه خلّد البقعة المقدسة المصرية، وامتدت جذور الحضارة المصرية اليونانية حتى صنعت شجرة عملاقة من الفلسفة والمسرح والترجمة ولا تحتاج تلك الشجرة سوى من يجدد تربتها ويرتب أوراقها ويعيد حضور صاحب زوربا فى وجدان المصريين ويستغل هذه الصحوة السياسية فى العلاقات المصرية مع اليونان وقبرص بصحوة ثقافية وفنية مماثلة، وبما إننا نستعد للاحتفال باليوبيل الذهبى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب الذى ينطلق فى يناير المقبل فإن حضور زوربا وثقافة المتوسط الغنية والثرية والممتعة تليق بالمناسبة الكبرى وبحجم الحدث السياسى أيضا، فمن حق الناس أن تعرف ثقافات الشعوب التى تجددت معها علاقات سياسية مهمة وحاسمة فى ترسيم الحدود وصد الأطماع، وأظن أن الدكتورة إيناس عبد الدايم التى لاقت تكريما كبيرا وترحيبا واسعا فى أوساط دول البحر المتوسط تمتلك عشرات الأفكار التى من شأنها إحداث حالة ثقافية وفنية بين مصر واليونان وقبرص تجدد المياه الراكدة بحيث تتشارك كل هيئات ومؤسسات الدولة لصناعة حدث فنى وثقافى وسياحى أيضا، وتمتلك وزارة الثقافة حاليا قيادات شابة لديها الرؤية لإقامة مثل هذا الحدث لو تم التعاون اللائق بين قطاعات المسرح والسينما وأكاديمية الفنون ومعاهدها المختلفة خاصة بعد الروح التى دبت فى جنباتها مع مجيء الدكتور أشرف زكى، نحن فى حاجة لحدث ثقافى كبير يناسب الـ50 عاما من عمر معرض القاهرة الدولى للكتاب، ومازالت الفرصة قائمة لو تماسكت جبهة المثقفين وتوقف الجميع عن الصراعات الصغيرة التى أهلكتنا سنوات ولم نحصد منها سوى ما نراه من مصير الثقافة، فاتت علينا فرصة إقامة حدث كبير يناسب أسبوع «العودة للجذور» الذى انطلق فى مايو الماضى بفاعليات وانشطة مهمة لكنها لم تصنع حالة ثقافية وفنية تصل إلى الشارع بالفن والإبداع وسمو الروح.. فهل نفعلها هذه المرة ونفكر بشكل جماعى ونطرح الأفكار بدلاً من لغة الخناجر والسيوف وتمزيق الملابس واحباط الهمة؟!هل يوجه الدكتور «هيثم على» رئيس هيئة الكتاب الدعوة للمثقفين وأساتذة الجامعات والمفكرين والفنانين المصريين جميعا لوضع لمسات نهائية تليق باليوبيل الذهبى،هل نتوقف قليلاًعن تبادل الاتهامات بحثاً عن لجنة نرأسها أو ندوة نديرها أو سفرية نسافرها ونسمح للخيال أن يأخذ جانباً من تفكيرنا؟