عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الشيخ على الهاشم مستشار رئيس الإمارات للشئون الدينية:التعليم والتنمية أهم أسلحة مواجهة الإرهاب..أثق فى قدرة الأزهر على إنقاذ الشباب من التطرف
26 أكتوبر 2018
حوار ــ خالد أحمد المطعنى
الشيخ على عبد الرحمن الهاشم




  • «التصوف الحقيقى» قادر على تصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام





أكد سماحة الشيخ على عبد الرحمن الهاشم, مستشار الشئون القضائية والدينية لرئيس دولة الإمارات الشقيقة، أن التعليم والتربية السليمة والتنمية من أهم أسلحة مواجهة الإرهاب، وأن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، مشيرا فى حواره لـ«الأهرام» - على هامش مشاركته فى أعمال مؤتمر دور وهيئات الإفتاء فى العالم «التجديد فى الفتوى بين النظرية والتطبيق» الذى عقد بالقاهرة أخيرا ـ إلى ثقته الكاملة فى قدرة مؤسسة الأزهر وما يتبعها من مؤسسات دينية، على إنقاذ الشباب من براثن التطرف، موضحا أن علوم التزكية «التصوف» قادرة على تصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام، وأن المؤتمرات التى تعقد من أجل تجديد الخطاب الدينى أو التجديد فى الفتوى وضبطها مطلوبة، لكنه يترك تقويم توصياتها للإعلام بمختلف وسائله..والى نص الحوار....



 



ماذا يعنى التجديد فى الفتوي؟ وشروط المجدد من وجهة نظر فضيلتكم؟



التجديد فى الفتوى هو مراعاة محل النازلة، بمعنى أن العلماء فى فتاواهم عليهم أن يراعوا اللغة والأعراف والعوائد والزمان، والمكان، والأشخاص، فما يفتى به للمريض لا يفتى به للصحيح، وما يفتى به فى زمان قد لا يفتى به فى زمان آخر، أما عن شروط المجدد فأبرزها أن يتصف بالفطنة والتيقظ والعلم المتحقق، إذ على المفتى أن يكون على الدوام متيقظاً، يعلم حيل الناس ودسائسهم، فإن لبعض الناس مهارة فى الحيل والتزوير، وقلب الكلام وتصوير الباطل فى صورة الحق، فإن غفلة المفتى يترتب عليها ضرر كبير فى كل زمان.



برأيكم كيف يكون التجديد فى الفتوي؟



تجديد الفتوى يحدث من خلال تطوير أدواتها وأساليبها، وفى مقدمتها المفتى نفسه، ويكون ذلك بتجديد علم أصول الفقه بتنقيته مما علق به وتوسيعه بمراعاة الخلاف ضمن ضوابط محددة، والإضافة إليه بالاهتمام بالمقاصد وإعطائها المكانة اللائقة بها ضمن أصول الفقه دراسة واستعمالا، والتركيز على اللغة العربية وأساليبها، مع الاستعانة بمستجدات العصر من أدوات ومناهج فى تجديد أصول الفقه كعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من المجالات التى لها تأثير على الأحكام واستنباطها وتطبيقها، وكذلك جعل الإفتاء علما مستقلا يقوم على فقه الواقع، وافتتاح معاهد وكليات خاصة بتكوين المفتين، كما يجب الاهتمام بالاجتهاد الجماعى والمحافظة على الثوابت الشرعية الخارجة عن التغيير والتبديل.



وهل التجديد فى الفتوى قادر على مواجهة الفكر التكفيرى والتطرف؟



التجديد حلقة ومحطة مهمة وضرورة من ضرورات العصر، والتجديد فى الفتوى مطلوب، إذ من خلاله يتم توضيح الفتوى من أهل التخصص والاعتبار للمستفتى على أساس منهجية علمية تراعى أحواله وواقعه وزمانه، حتى لا يقع فى براثن من يفتون بالآراء الشاذة والمنكرة، ولكن حتى يكون التجديد فى الفتوى قادرا على مواجهة الفكر التكفيرى والمتطرف، لا بد من القيام بأمور أخرى إلى جوار ذلك، أهمها التربية السليمة والصحيحة للأبناء، فكما نحرص على تعليمهم اللغات المتعددة، لابد بالإضافة إلى ذلك من تأسيسهم تأسيسا دينيا صحيحا، إلى جانب القضاء على الجهل والفقر والبطالة، من خلال التنمية الحقيقية التى يعود خيرها على جميع أفراد المجتمع، مع الاهتمام بالتعليم النافع فى مختلف فروعه سواء الدينى وغيره من العلوم، ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة فى مراحل التعليم المتنوعة، فالتربية السليمة والتعليم والتنمية أهم أسلحة مواجهة الإرهاب.



علوم التزكية



تتحدثون كثيرا عن «علوم التزكية» نرجو من فضيلتكم إلقاء الضوء على المقصود بها وأهميتها ودورها فى المجتمع؟



المقصود بعلوم التزكية لمن لا يعرفها، هى »علوم التصوف الحقيقي«، القائم على نشر الفضائل والقيم والأخلاق الحميدة بين أفراد المجتمع، ويتم تحصيله من خلال العلماء الموثوق بهم فى هذا المجال، وأيضا تراثهم وكتبهم وأحاديثهم، وهم علماء كانت ولا تزال الوسطية منهجهم فى نشر التصوف، أمثال الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر، والشيخ محمد زكى إبراهيم- رحمهما الله-، وكل مشايخ الأزهر بمن فيهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر الحالى الدكتور أحمد الطيب، ومصر كلها خير، فهى التى حمت وتحمى العلماء، سواء فى حياتهم أو بعد مماتهم، أى بالمحافظة على تراثهم وعلومهم، وعلى العموم فعلوم التزكية قادرة على مواجهة الفتاوى الشاذة والضالة، التى تتسبب فى فهم الإسلام على أنه دين قتل وجمود ومقيد للحريات، فنشر تلك العلوم من مصادرها الصحيحة قادر على تصحيح الصورة الخاطئة عن الإسلام الناشئة من بعض الذين ينتسبون بالزور إلى الدين الحنيف وهو منهم براء.



ولكن كيف يتم نشر المنهج الوسطى بما فيه من علوم التزكية فى المجتمعات الإسلامية وغيرها؟



من خلال التوسع فى إنشاء المعاهد الأزهرية، ويكون ذلك بالتنسيق مع الأزهر الشريف، ودعمه من قبل حكومات الدول ومسئوليها، فعلماء وعلوم الأزهر لديهم القدرة على نشر المنهج الوسطى للإسلام فى داخل مصر وخارجها، وأنا وغيرى نثق فى مؤسسة الأزهر وما يتبعها من مؤسسات دينية وعلماء فى تصحيح المفاهيم الخاطئة التى روجتها وتروجها الجماعات التكفيرية والتيارات الدينية المتشددة، لدى الشباب الذين وقعوا فى براثن الفكر المتطرف، فالفكر لا يواجه إلا بالفكر، أما العمليات العسكرية فهى فى موضعها للتصدى لمن يحملون السلاح على الناس ويروعون الآمنين ويقومون بأعمال التخريب والعنف مثل الجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة، كما علينا ألا نغفل الدور المهم لوسائل التواصل الاجتماعى بمختلف أنواعها، بحيث تتم الاستفادة منها بشكل مؤثر وإيجابى فى نشر المنهج الإسلامى الوسطى فى الداخل والخارج، خاصة أن النسبة العالية التى تتابع هذه الوسائل من الشباب فى مختلف دول العالم.



الإسلاموفوبيا



ظاهرة«الإسلاموفوبيا» كيف تتم مواجهتها؟ وما رسالتكم للأقليات المسلمة فى دول العالم؟



تبدأ مواجهتها من خلال تخلق أبناء الجاليات المسلمة فى الغرب وفى كل الدول التى يقيمون بها، بأخلاق الإسلام السمحة، والتعايش السلمى مع غيرهم، بحيث يظهر ذلك جليا فى سلوكهم خلال تعاملاتهم مع بعضهم البعض، ومع غيرهم، بحيث الفعل الحسن والسلوك القويم، يسبق كلامهم، حتى يرى أهل تلك البلاد الرحمة والصدق والأمانة متجسدة فى المسلمين هناك عملا وقولا، فيقبلون على التعامل معهم أو اعتناق الدين الحنيف، كما حدث مع المسلمين الأوائل خلال الفتوحات الاسلامية لدول شمال إفريقيا وغيرها من بلدان العالم، كما أن على المسلمين فى تلك الدول الاندماج والانخراط فى هذه المجتمعات، مع المحافظة على مبادئ الإسلام، حتى لا يشعروا بالعزلة عن أفراد تلك المجتمعات، كما يجب عليهم ألا يستخدموا الديمقراطية فى الإساءة إليهم، بل على العكس لابد أن يشعر أهل تلك البلاد بالسعادة بوجود المسلمين بينهم، أما بالنسبة لمفهوم «الأقليات»، من وجهة نظرى فهذا اسم مستورد، بمعنى لا توجد أقليات وأكثريات، لذا أوجه رسالتى للمسلمين جميعا، فالمسلم مطالب بالتعايش السلمى فى كل مكان يكون فيه، محافظا على مبادئ دينه ومراعيا حقوق الآخرين، أيا كان دين أو جنس أو لون هذا الآخر، وذلك لأن رسالة الإنسان فى هذا الكون هى الإعمار وليس التخريب، والبناء وليس الهدم.



أخيرا.. هل مؤتمرات التجديد فى الخطاب الدينى والفتوى مجدية، وماتقويمكم للتوصيات التى تسفر عنها؟



لا شك أن تلك المؤتمرات والندوات والمنتديات فى هذا الشأن مطلوبة وضرورية، والحشود الهائلة من العلماء والمفتين والباحثين وغيرهم من مختلف التخصصات، الذين نراهم ونجتمع ونتحاور معهم فى تلك المناسبات، لها أثر طيب وإيجابى فى عملية التجديد بمختلف أشكاله، وتعتبر خطوة نحو تحقيق الهدف الذى نصبو إليه جميعا، وتضييق الخناق على غير المتخصصين، فالتباحث والتشاور والتناقش فى مختلف المسائل الفقهية، لا شك له نتيجته فى وضع مناهج استرشادية، للخروج والوصول إلى خطاب دينى عصرى قادر على استيعاب كل المستجدات، أما بالنسبة لتوصيات تلك المؤتمرات والمنتديات، فأترك تقويمها ومتابعة تنفيذها للإعلام بوسائله المختلفة.