عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
المنظمة الدولية وحفظ السلم العالمى
28 سبتمبر 2018
محمود مراد


كادت منظمة الأمم المتحدة ـ أعلى تنظيم دولى تتحول إلى ما يشبه حديقة «هايد بارك» فى لندن التى جعل منها الإنجليز ساحة يذهب إليها من يشاء ليقول ما يشاء ثم ينصرف وهو بشعر بالراحة بعد أن أفرغ ما فى جعبته و«فضفض» بما كان يجثم على صدره!.



وهذا ما يحدث فى القاعة الرئيسية بمقر المنظمة الأممية فى حى مانهاتن الشهير بنيويورك، حيث ترتفع الشعارات وتتردد المبادئ ثم تنتهى الجلسات بلا قرارات. ومثلا.. فإنه تنعقد هذه الأيام الدورة الثالثة والسبعون للأمم المتحدة وفى بدايتها ـ كما هى العادة ـ حضرها عدد من رؤساء الدول وقادتها وتحدث كل منهم وعرض من وجهة نظره القضايا المهمة والمشاكل الحساسة.. ومع أن الحلول متاحة وممكنة فإن أخطبوط القوى الأعظم يقف بالترهيب والترغيب واستخدام الفيتو فلا يسمح إلا بادانة من يريد.. إذ إنه بجبروته يحلل الحرام و.. يحرم الحلال.. والمتضرر يشرب من البحر أو.. المحيط!!



ولقد كان مشهدا جميلا أن خصصت المنظمة الدولية جلسة يوم الاثنين الماضى باسم الزعيم الإفريقى «نيلسون مانديلا»، على أساس أن تكون دعوة للحرية والسلام وحقوق الإنسان، وهى المبادئ التى ناضل «مانديلا» فى سبيلها ضد العنصرية والإبادة البشرية وصنوف القهر التى كان يتعرض لها شعبه.. وتوالى المتحدثون يشيدون بهذه المبادىء مؤكدين التمسك بها.. ولكن كل هذا ـ كما قلت ـ كان أشبه بفضفضة «هايد بارك».. أما الأحداث على أرض الواقع ـ بل داخل قاعات أخرى فى المبنى الذى يرتفع إلى نحو 34 طابقا ـ فكانت مختلفة بل متناقضة.. بدءا من الإعلان الواضح الصريح للولايات المتحدة الأمريكية أنها ستعاقب وتطارد قضاة المحكمة الدولية أن تجرأوا على نظر دعوى ضد أمريكيين واتصالا بإسرائيل التى طلبت حكومتها علنا وبصراحة من المواطنين الفلسطينيين ان يهدموا بايديهم منازلهم ومنشآتهم فى قرية خان النار ـ استكمالا لما بدأته هى من ابادة جماعية لكى تبنى مستوطنات لمهاجرين يهود جدد.. أما المواطنون الأصليون فإن عليهم البحث عن خيمة فى الصحراء.. وكسرة خبز ـ ان وجدوها ليقتاتوا بها. ورغم أن هذا، وغيره من حوادث القتل والتدمير والابادة، يحدث إلا أنها لم تهز المشاعر الرقيقة فى المنظمة الدولية ولم تلمس شغاف قلب السيدة ميشيل مسئولة حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة.



لهذا.. ومن ثم.. فإن الأمر صار خطيرا.. ومصداقية المنظمة الدولية أصبحت على المحك.. مما يحتم على الضمير العالمى أن يتحرك.. وأشير هنا إلى ما جاء فى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى بجلسة مانديلا. إذ أشار إلى الحاجة لتطوير النظام الدولي.. وهذا بالفعل مطلب عادل وشرعي، وأكثر من ذلك فهو مطلوب على وجه السرعة قبل أن يدمر العالم نفسه بحفنة من المجانين فيه!! وتذكروا الحربين العالميتين السابقتين.. أما المقبلة فاننا إذا عرفنا بدايتها فاننا أبدا لن نعرف نهايتها! ولعلنا أيضا نتذكر أن مانديلا الذى يقدمونه اليوم فى الذكرى المئوية لميلاده.. لم يكن يجد دعما ولا مساندة فى كفاحه النضالى من الدول التى توصف الآن بأنها متقدمة وتبكى عليه. ولم يقف معه إلا الأحرار الشرفاء الأصلاء وفى مقدمتهم جمال عبدالناصر الذى تجيء ذكرى رحيله اليوم.. ولذلك فبعد أن أعيد الاعتبار للزعيم الإفريقي.. جاء إلى القاهرة وكان أول موعد له مع رئيس الجمهورية ـ حسنى مبارك ـ لكنه قال إن أول من يزوره لابد أن يكون عبدالناصر وطلب لقاء محمد فايق ـ رئيس المجلس القومى للسلام ـ ومدير مكتب عبدالناصر للشئون الإفريقية وهمزة الوصل بينه وبين قادة التحرر.. وبالفعل تم اللقاء فى الثامنة والنصف صباحا ورافقه إلى زيارة ضريح عبدالناصر وبعدها قال مانديلا: الآن.. يمكن أن نبدأ البرنامج، بعد أن أديت الواجب للزعيم المناضل الذى كان وشعبه يقف معنا .. والآخرون يرجموننا بالحجارة!



أما.. كيف يكون تطوير النظام الدولى من خلال إعادة صياغة المنظمة الدولية فإن تلك قصة طويلة لكن أول فصولها توسيع العضوية الدائمة لمجلس الأمن.. وتحديد شروط استخدام الفيتو.. والكيل بمكيال واحد.