إلى شباب عابر مرّ بهذه الدنيا ظلّاً لا تعرفه حيّاً أو ميّتا، إلى أحرار ضاقت بهم البلاد، فقرّروا أن يوقفوا عقارب الساعة على كهولتهم المبكرة...
آه يا وطن أبحث فيه عن «وطن الطفولة» داخلى، عمر طويناه، لم نعرف طفولتنا من فرط قهر أو حرمان، فأنا أنتمى لجيل عاش انكسار واغتراب... كان ذلك دافعا للبحث عن تجارب لمصريين نشأوا على هذه الأرض وعبثاً ضاعت أحلامهم بين العواصف والرياح، هواهم أوجاع أغنية، أنغامها أدمع تجرى بألحان، وإن تعرضوا للاضطهاد بسبب الفكر أو الديانة واجبروا على الرحيل منها لكنهم لم يكفروا بالوطن ولم يسقطوا عنهم جنسيته.
روبير سوليه، أونجاريتى، إدمون جابيس، لوسيت لنيادو، فان ليو.. اثنتا عشرة شخصية مصرية وأجنبية يقدمها كتاب «وطن القلوب» للزميلة نسرين مهران، الصادر عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، تكشف لنا فيه كيف يصبح المحب دار الناس وهو بدون دار! كيف النفوس إذا أحبت تصير مدناً كبيرة، يباركون كل صباح عاشوه على ترابها، يبحرون بشراعهم الحالم، فحديث الحب يحلو ههنا على لحن قيثار شجى تفيض به عيون المصريين الحالمات، وقلوبهم النقية، وابتسامتهم الصادقة التى تذوب معها كل المسافات والحدود، شعب تمرّس فى الصّعاب ولم تنل منه الصّعاب.
رسائل عديدة ربما نحن فى أشد الحاجة اليوم - أكثر من أى وقت مضى- لقراءتها، وتأمل جوهرها ومضمونها الحقيقى عن أقدم أرض وأقدم شعب على وجه البسيطة.
يا موطني.. علّمنى كيف أحيا، إننى ضيعت فى الذكرى حياتي، ومادام القلب ينبض سنظلّ نكتب فوق أسوار الحياة، ونظلّ نزرع فى حقول اليأس أقدامنا حتى تصير المسافات خضراء، ومادمنا نحبك سوف نحيا لأجلك، فأينما يوجد الحب، يوجد وطن القلوب.