عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
فرنسا تعلن حربا جديدة لتجفيف منابع تمويل داعش
1 مايو 2018
رسالة باريس نجاة عبد النعيم
أقارب أحد ضحايا الهجوم الداعشى على فرنسا


قضية الإرهاب وكيفية التصدي لتمويله ودراسة أفضل السبل لتجفيف منابعه موضوع تنشغل به الساحة السياسية فى فرنسا كثيرا خاصة بعد الكشف عن تورط شخصيات فرنسية في تمويل عصابات «داعش». 



هذا الملف خصص له الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا دوليا،عقد لمدة يومين بمشاركة 500 خبير و80 وزيرا من 72 دولة تقريبا،بالإضافة إلي 20 منظمة دولية وإقليمية ووكالات متخصصة في مكافحة الإرهاب.  



ومن دون شك زاد اهتمام فرنسا بملف مكافحة الإرهاب بعد ان تكررت الاعتداءات علي المواطنين داخليا وخارجيا.ولعل أبرز أمثلتها حادثة جريدة شارلي ايبدو الساخرة عام 2015التى أجبرت البلاد علي اعلان حالة الطوارئ، ورفع حالة التأهب الأمني لأقصي درجاتها،وهو الوضع المستمر حتي الآن.



ثم تبعها عمليات إرهابية متكررة كانت أكثر شراسة ،منها حادثة الدهس التى راح ضحيتها المئات-في يوم احتفال فرنسا بعيدها القومي يوليو 2016-, أو ما حدث من إطلاق نار فى مسرح البتاكلان بقلب باريس،إلى جانب عدد من الأحداث المروعة من ذبح لأفراد شرطة أو لرجال دين فضلا عن استهداف الفرنسيين بالخطف أو القتل خارج الحدود.



ومما يثير الجدل بعد كل ذلك ان تكشف السلطات القضائية عن تورط شخصيات فرنسية في تمويل مافيا الإرهاب.



 ولمزيد من التوضيح وجهت باريس تهمة تمويل الإرهاب إلى مسئولين فرنسيين كبار في إحدى الشركات العملاقة للأسمنت،أحدهما رئيس مجلس إدارتها السابق برونو لافون وتقوم الجهات المعنية بالتحقيق حول أموال دفعتها الشركة لتنظيم داعش في سوريا.



وقد وضع كل من لافون الذي تولى منصب رئيس مجلس إدارة لافارج بين 2007 و2015 وكريستيان هيرو الذي كان يشغل منصب نائب المدير العام تحت الرقابة القضائية.



والجدير بالذكر ان الشركة التى تعمل في دول عدة خارج الحدود متهمة بأنها أبرمت عبر وسطاء اتفاقات مع جماعات متطرفة بينها تنظيم داعش حتى تضمن استمرار عمل مصنعها في منطقة «جلبية»بشمال سوريا خلال عامي 2013 و2014.كما يشتبه القضاء في قيام الشركة التى اندمجت في 2015 مع إحدى الشركات بنقل أموال عبر وسيط إلى تنظيم داعش لتمكين موظفيها من العبور. والأكثر فداحة أن الشركة متهمة بشراء النفط من تنظيم داعش بعد استيلائه على معظم المخزون الاستراتيجي السوري في يونيو 2013.



وكانت الشركة قد بدأت في أكتوبر 2010 بتشغيل مصنع للأسمنت في الجلبية في شمال سوريا بعدما أنفقت عليه 680 مليون دولار،و لكن الاضطرابات التى اندلعت في البلاد بعد ذلك بستة أشهر، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى المسارعة بفرض حظر على الأسلحة والنفط السوري بعد دخول البلاد فى حرب أهلية.



ومن هنا بدءا من عام 2013، انهار إنتاج الأسمنت وفرض تنظيم داعش وجوده في المنطقة.



وحسب ما ذكرته التقارير حول هذا الملف فإن فرع الشركة السوري بين يوليو 2012 وسبتمبر 2014 دفع حوالى 5٫6 مليون يورو لفصائل مسلحة عدة بينها تنظيم داعش.



وربما لهذا السبب اهتم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعقد مؤتمر دولى لتناول الموضوع. وحسب ما ذكره مصدر من قصر الإليزيه في هذا الشأن فقد أكد أن المجموعات الإرهابية،الناشطة في المشرق أو في دول الساحل الأفريقي  أو في آسيا، لديها ميزانيات دول ، وتتصرف مثل التنظيمات التي لديها نفقات تشغيل وتتمتع بكيانات وهياكل . ذلك بعكس الميزانيات التي تعمل بها علي الأراضي الأوروبية وفي أمريكا الشمالية فهي تعمل بنفقات صغيرة، نظرا لكلفة الاعتداءات التي ارتكبت على أراضيها. ويضيف المصدر انه بالرغم من ذلك فنحن نعمل جاهدين للتصدي لتمويل هذه المنظمات.



وحول نوعية هذه الجرائم الصغيرة واجه المحققون وأجهزة مكافحة الإرهاب في العالم كله في السنوات الأخيرة اعتداءات ومحاولات تنفيذ اعتداءات أدرجت تحت عنوان «إرهاب بكلفة منخفضة»، أي أنها استخدمت مبالغ مالية ضئيلة، من الصعب أو من المستحيل تتبعها وتحديدها مسبقا. 



وحسب بحث ناقشه المشاركون في المؤتمر فإن «الإرهابيين يجمعون وينفقون المال بشكل طبيعي»،وأن «مصدر التمويل الأكثر انتشارا هو رواتب ومدخرات الأعضاء،يليه الجرائم الصغيرة»



كما أشارت بعض الدراسات إلي أن ثلاثة أرباع العمليات الإرهابية لم تتجاوز المبالغ المالية المخصصة لها عشرة آلاف دولار.وهو حصر تقريبي لتكلفة الاعتداءات التي تمت بين عامي 1994 و2013، في أوروبا. 



وكان الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قد عد فى المؤتمر الذى عقد تحت شعار «لا أموال للإرهاب» وتم خلاله بحث سبل وقف تمويل الإرهاب الدولي خصوصا تمويل تنظيمي داعش والقاعدة، الإرهاب «عدوا»،ودعا الي ضرورة تضافر الجهود الدولية لتعزيز دور الهيئة الدولية لمكافحة تبييض الأموال، وتبادل المعلومات والشفافية لمواجهة هذا العدو المشترك، مشيرا إلى أهمية التنسيق المعلوماتي ووضع قاعدة بيانات، ومراقبة المعاملات المالية وتمويل الجمعيات الخيرية وكذلك مراقبة التمويل عبر وسائل الدفع الجديدة، وغسل الأموال، والالتزام الجماعي تجاه البلدان الضعيفة.



وأضاف الرئيس ماكرون أنه يتعين علينا تجفيف الإرهاب من منابعه. فهو يتغذى من الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة ولكي نكون فعالين يجب علينا الالتزام بالشفافية والاستعداد. كما عدد الرئيس الفرنسي ما سماه «ميادين» مكافحة الإرهاب وهي الإنترنت والسجون ومكافحة الأماكن التي يتم منها بث الأفكار المتطرفة مثل العراق وسوريا وبلدان الساحل ومن أبرزها مالي.



وكان الإليزيه قد واجه الانتقادات التى ثارت عن جدوي انعقاد مثل هذه المؤتمرات كونها مناقشات تنتهى عقب انتهاء الاجتماعات.. بأن المشاركين يقارنون تجاربهم ويحاولون التوصل معا إلى خطوات جيدة قد تعمم لاحقا على مستوى الأمم المتحدة.