عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
حلم الأمس «المراهق»!
8 أبريل 2018
مروى محمد إبراهيم


من غرفة صغيرة في جامعة «هارفارد» الأمريكية انطلقت الفكرة الفريدة التي غيرت شكل العالم، فلم يكن الفتى الانطوائي مارك زوكربيرج الذي يدرس علم النفس يحلم بأكثر من وسيلة بسيطة تساعده على كسب الأصدقاء والتعارف داخل الجامعة، ليبدأ في استغلال شغفه بعالم البرمجة في وضع سلسلة من البرامج التي استحوذت على لب العالم. وخلقت عالما موازيا صغيرا تنصهر فيه الأفكار والرؤى والبشر من مختلف أنحاء الكون، وتحول هذا العالم الإليكتروني الافتراضي الموازي إلى بديل عن الحياة الاجتماعية التقليدية. ولم يكتف بذلك بل تحول في غضون أشهر وسنوات قليلة إلى عملاق اقتصادي ومركز تجاري هائل يتهافت عليه كبار رجال الأعمال والشركات في كل مكان. إنه ببساطة «فيسبوك» الحياة الافتراضية، التي تحولت من حلم إلى «فيروس» يغزو حياتنا التقليدية ويتلاعب بأفكارنا.



في سن صغيرة للغاية، لمح والدا زوكربيرج علامات النبوغ والعبقرية في ابنهما الصغير. وهو ما دفعهما إلى الاستعانة بمدرس خاص في برمجة الكمبيوتر لمساعدته على اتقان شغفه الكبير في عالم تكنولوجيا المعلومات، وما كان من المدرس إلا أن وصف الطفل الذي لم يتجاوز عمره حينها 11 عاما بـ»المعجزة» وتنبأ له بمستقبل باهر. وفي غضون فترة قصيرة بدأت الدروس تؤتي ثمارها ووضع الطفل الصغير برنامجا فريدا أطلق عليه اسم «زوكنت» لمساعدة والده على التواصل مع موظفيه ببساطة، وبدون الحاجة للصراخ في كل مرة يحاول فيها استدعاء أحد منهم.



ويبدو أن إبداع الطفل الصغير فاق كل الحدود، فخلال دراسته الثانوية وضع برنامجا أطلق عليه اسم «ساينابس» يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تعقب ذوق كل مستخدم ومعرفته عاداته والمادة المفضلة له في الموسيقى والأغاني، ولفت هذا البرنامج المتميز نظر شركتى «مايكروسوفت» و«إيه أو إل» العملاقتين في عالم تكنولوجيا المعلومات، ليقدما للشاب الصغير فرصة شراكة غير مسبوقة.



ولم يتوقف الإبداع، ففي عام 2003 وضع زوكربيرج ومجموعة من أصدقائه برنامج «فيسماش»، وهو برنامج أو موقع شبيه بالموقع الشهير «مثير أم لا» الذي تم وضعه في عام 2000. ولكن «فيسماش» كان يقتصر على طلبة جامعة هارفارد، وفكرته تستند إلى تقييم مدى جاذبية كل طالب، من خلال نشر صور الطلبة التي حصل عليها زوكربيرج وأصدقائه عن طريق القرصنة والتحايل والسرقة، في واقعة كادت أن تؤدي إلى فصل الشاب العبقري من الجامعة بتهمة انتهاك القواعد الأخلاقية والقانون. فلم يكن حينها يؤكد ما يعرف بنظام إليكتروني مركزي لحفظ صور الطلبة والطالبات، وهو ما يعني أن الفتى العبقري وأصدقاءه تسللوا خلسة للسطو على السجلات الرسمية بدون الحصول على إذن إدارة الجامعة أو حتى الطلبة أنفسهم.



والطريف، أنه بالرغم من هذا الانتهاك الواضح للقواعد الأخلاقية إلا أن الإقبال على هذا الموقع كان استثنائيا فقد تجاوز الـ22 ألف زائر خلال الساعات الأولى لبثه، ولكن تم إغلاقه في غضون أيام قليلة.



وبمرور الوقت قرر زوكربيرج التخلي عن تعليمه الجامعي والتركيز فقط على شركته الجديدة وموقعه الذي ولد عملاقا كبيرا. ليعلن نفسه رئيسا لمجلس إدارة شركة «فيسبوك» التي تهافتت عليها كبرى شركات التكنولوجيا، وهو ما أسهم في تضاعف قيمتها السوقية يوما بعد الآخر، ليواصل العملاق الإليكترونى نموه حيث وصلت أرباحه في عام 2016 إلى 4 مليارات دولار، وتجاوزت ثروة زوكربيرج -33 عاما- الآن الـ62 مليار دولار.



ولكن هل يستمر الصعود إلى الأبد..أم أن ظهور الوجه القبيح لفيسبوك سيعيد توجيه دفته إلى الخلف؟؟