عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
ماذا وراء اكتساح بوتين انتخابات 2018؟
22 مارس 2018
د. سامى عمارة
بوتين


أكد الفوز الساحق للرئيس فلاديمير بوتين فى انتخابات الرئاسة الروسية بفارق هائل عن أقرب منافسيه، مدى التفاف الملايين من أبناء الوطن حول زعيمهم، وفشل كل التوقعات الغربية التى كانت تعرب عن أمل دفين فى تراجع مواقعه، تحت تأثير العقوبات التى لاتتوقف ضده وضد صحبه ووطنه منذ اندلاع الأزمة الاوكرانية فى عام 2014.



ولعل الارقام التى كشفت عنها انتخابات هذا العام فى المناطق المثيرة للجدل ومنها شبه جزيرة القرم والشيشان، يمكن أن تؤكد أيضا خيبة الامل التى تتبدى ملامحها لدى خصوم بوتين فى الداخل والخارج على حد سواء. فبينما فاز بوتين بأصوات تقترب من 77% من مجموع الناخبين، محققا نتائج أفضل من الانتخابات السابقة فى عام 2012 ، التى فاز فيها بنسبة اصوات تزيد قليلا على 64%. حقق بوتين فى انتخابات هذا العام «اختراقا» حمله بعيدا عن أقرب منافسيه بافيل جرودنين مرشح الحزب الشيوعى والجبهة الشعبية بما يزيد على خمسة وستين فى المائة من الاصوات. اكد «زعيم روسيا» صحة سياساته وارتفاع مستوى شعبيته فى كل من القرم والشيشان، حيث بلغ عدد مؤيديه فى القرم نسبة 92% وهى نسبة تقترب من نفس النسبة التى اسفر عنها استفتاء سكان القرم، وقالت بالرغبة فى الانفصال عن اوكرانيا والعودة إلى الوطن روسيا، وفى الشيشان ما يقرب من 91% من مجموع المشاركين فى هذه الانتخابات الذين بلغ عددهم ما يزيد على السبعين مليونا.



وهناك كذلك من الأرقام الأخرى التى كشفت عنها هذه الانتخابات، ما يقول بمدى الضعف الذى يعترى صفوف معارضيه من ممثلى اليمين واليسار على حد سواء، حيث بلغت نسبة مؤيدى بافيل جرودنين 11٫8% ، بينما قنع فلاديمير جيرينوفسكى زعيم الحزب الليبرالى الديمقراطى بنسبة 5.67% ، وكسينيا سوبتشاك بنسبة 1٫67% وجريجورى يافلينسكى بنسبة 1% ، فيما هبطت نسبة أصوات مؤيدى المرشحين الثلاثة الآخرين إلى ما هو أقرب من نصف فى المائة.



ملاحظة أخرى نسوقها بهذا الشأن ردا على تساؤلات تتقافز على شفاه الملايين فيما وراء حدود الدولة الروسية، عن الاسباب التى تقف وراء تمتع بوتين بتأييد هذه الاغلبية الساحقة، والتى نوجزها فى ان الغرب أسهم، ودون أن يدرى فى ارتفاع شعبية بوتين وزاد من إصرار مواطنيه على الالتفاف حوله، ردا على الضغوط الغربية واصرار الخارج على فرض عقوباته ضد وطن يملك كل مقومات الدولة العظمي، وشعب يعلم جيد العلم أن لا مشكلة عالمية يمكن حلها دون مشاركة روسيا وزعيمها الذى يعترف الكثيرون داخل روسيا وخارجها بأنه احد الزعماء الأكثر تأثيرا فى العالم. وتاريخ الامس القريب، والحاضر أيضا، يقول بذلك، مستشهدا بما توصل إليه المجتمع الدولى من اتفاق حول البرنامج النووى الايراني، والبرنامج النووى لكوريا الشمالية ، وهما ما تحاول واشنطن التراجع عنهما، فضلا عن اضطرار الادارة الامريكية السابقة الى التراجع وتسليم ملف الازمة السورية لموسكو، بعد فشلها فى معالجة الاوضاع فى افغانستان والعراق.



وبينما يعكف الكثيرون من المراقبين والسياسيين فى الداخل والخارج على دراسة نتائج انتخابات روسيا، هناك من يمضى إلى ما هو أبعد فى محاولة لمعرفة آفاق بقاء بوتين فى سدة الحكم إلى ما بعد عام 2024 تاريخ انتهاء ولايته الرابعة. وكان ذلك محور الكثير من تساؤلات الصحفيين فى لقائهم الخاطف معه على هامش الاعلان عن النتائج شبه النهائية للانتخابات، والتى تطرق بعضها إلى مدى احتمالات إجراء إصلاحات دستورية، او بقول آخر احتمالات تغيير الدستور، فى مادته التى تحول دون استمرار الرئيس لأكثر من ولايتين متتاليتين، وفى إشارة لا تخلو من مغزى إلى ما حدث فى الصين خلال الايام القليلة الماضية. وذلك لم يكن وبطبيعة الحال ليخفى على بوتين الذى رد بانه «لا يعتزم «حاليا» إجراء اية تغييرات دستورية» ، وإن كشف عن احتمالات تغييرات جذرية فى قوام وسياسات الحكومة الروسية بعد الانتهاء من مراسم تنصيبه. وذلك يضفى ضمنا الكثير من الغموض على احتمالات استمرار صديقه أناتولى ميدفيديف فى رئاسة الحكومة الروسية.