عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
حضن فى الزنزانة
20 مارس 2018
مى الخولى














ما إن دُفع بابنها إليها، حتى هوت إليه ، جثت على ركبتيها ، ضمته إلى صدرها، ثم أبعدته بالقدر الذي يمكّن كفيها من احتضان وجهه، قبّلته مرات ومرات، ثم تحسست وجهه، ويده، وقبّلتها،ثم بكت وعاودت احتضانه، كانت تتمسح في كل أنملة بجسده، ثم انتبهت، وقد عرّى ضوء الكاميرات وعيون الصحفيين الحالة التي كانت عليها، فالوَحدة مراد كل محب يحظى بلقاء حبيبه بعد طول وحشة وغربة عنه، لكن الكاميرات ظلت ترقبها حتى انزوت منهم بابنها ، وتاهت وسط جمع النساء، لم يعد يسيرا على العيون تمييزها، فكلهن يحتضن أبناءهن كما تحتضنه هي، ويبكين كما بكت، وتطلع عليهن على حين غفلة، تجد وجوههن متهللة فرحا بولدانهن، يلاطفهونهم، ترفعه إحداهن وتقذفه في الهواء ثم تلقفه، لتستدعي الشعور ذاته بحوزته، تحاول اختلاس لحظات قرب وفرح عز عليهن..يخفين وجوههن تارة خلف ظهور أبنائهن، ثم يغالب فرحهن بأبنائهن ما سواه من شعور، فيقفن يغنين مع كورال سجن القناطر «سيد الحبايب يا ضنايا أنت.. يا أحلى غنوة»



كان لسان حالهن أو إن شئت ما قالته عيونهن لولدانهن: «إن القانون والقاضي والسجان والناس يعرفون أن سجني هو عقوبة ما إقترفت من إثم، لكن أنا وأنت يا ولدي نعرف أن حرماني من احتضانك، إطعامك، الاطمئنان عليك، إسداء نصائحي إليك، أن أقلق عليك وأرقبك تكبر، حرماني منك هو عقوبتي التى أقل منها أي عقوبة دونها.. وأن أعتذر منك وأحبك وأفتقدك.»