عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
«اضحك لما تموت».. الإنسانية على هامش الحياة
2 فبراير 2018
باسـم صـادق


ها هو المسرح القومى يعود لبهائه من جديد وتسطع أضواءه بالعرض المسرحى «اضحك لما تموت» الذى تم افتتاحه مساء أمس الخميس، بعد شهور من التأجيل لأسباب فنية ومالية حسمتها د. إيناس عبد الدايم وزير الثقافة بمجرد توليها مسئولية الوزارة..



وهو ما أثار بهجة الوسط الفنى بالكامل خاصة أنها اقترنت بعودة الفنانين القديرين نبيل الحلفاوى ومحمود الجندى للوقوف على تلك الخشبة العريقة وتحت قيادة المخرج الكبير عصام السيد والمؤلف الشهير لينين الرملي. العرض يثير فى وجدان من يشاهده كثيرا من الشجن نظرا لتماسه مع المشاعر الإنسانية الأليمة التى يرصدها صناعه من خلال صديقين التقيا بعد سنوات طويلة من الفراق وقد دهمتهما الشيخوخة.. أحدهما يرفض ماضيه الثورى ويتخلى عنه مدعيا إصابته بالزهايمر، والآخر تراوده أفكار الانتحار والتعلق بحبه القديم وابنته المهاجرة فى ذات الوقت.. ورغم أن أحداث العرض تلامس الأحداث السياسية وتحاول أن تلقى نظرة على أحداث ثورة يناير من خلال شخصية يحيى أستاذ التاريخ الذى رسخ قيم النضال فى كتبه واستقاها منه شباب الثورة الأنقياء، فإنه رغم هذا يظل الجانب الإنسانى المفعم بالشفقة والتعاطف مع بطلى العرض هو سيد الموقف، فكلاهما يشعر أنه صار صفرا على اليسار.. لا معنى لوجوده حتى أن جثة أستاذ التاريخ تلاحقه فى شقته طالبةً منه بأن يتعطف عليه بدفنها، فى دلالة على شعور هذا البطل بأنه ميت منذ سنوات.. وأمام حالة الوهج الشديدة لنبيل الحلفاوى الذى أضفى مسحة كوميدية فى غاية الرقى رغم أدائه الجاد، بجانب الأداء الهادئ الرصين المعروف عن محمود الجندى والمباراة الحوارية الجاذبة بينهما، استخدم المخرج عصام السيد تقنيات إخراجية حديثة لضخ الحيوية فى إيقاع العرض، منها اضافة تقنية تستخدم فى المسرح المصرى لأول مرة يتم من خلالها استدعاء الماضى بعمل حوارات بين أستاذ التاريخ وأمه وزوجته المتوفيتين وكذلك مع ابنه المختفي، بحيث تتحدث الشخصية على المسرح وتجيبه شخصية أخرى على شاشات عرض كثيرة منتشرة على جدران الديكور، وهو ما شكل مع موسيقى هشام جبر حنينا خاصا للماضى وذكرياته.. أما إيمان إمام وتامر الكاشف وزكريا معروف فقد أضفوا مزيدا من الحيوية لإيقاع الأحداث بأدائهم المتنوع والبصمة الخاصة بكل منهم، مع الظهور الخاص والمؤثر لسلوى عثمان، والتعبير الحركى المكثف لشيرين حجازى الذى رصدت به أحداث ثورة يناير من خلال راقصين مهرة حافظوا على الأداء الموحى بالثورة والغليان حتى بلغت ذروة أدائهم حين دخلوا على المسرح نهاية الأحداث وكأنهم يقاومون إغلاق الستار لتبقى النهاية مفتوحة للجميع يتوقعها كيفما شاء.