عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
د.حامد طاهر: حفظنا للعربية حماية لوجودنا
7 يناير 2018
وجيه الصقار
الدكتور حامد طاهر


احتفلت مصر باليوم العالمى للغة العربية أخيرا، وهى لا تزال أهم الروابط التى توحد الأمة العرببة فى الأفكار والاتصال، مع أن الكتابة الفصحى تعانى هبوطا كبيرا منذ سنوات.



ويذهب الدكتور «حامد طاهر» أستاذ الفلسفة الإسلامية وعميد دار العلوم سابقا إلى أن اللغة العربية تتعرض لبعض الإهمال، ولولا أن الصحف والمجلات ومحطات الإذاعة والتليفزيون تستعين بمصححين محترفين لضبط الألفاظ والأساليب لخرجت الأمور عن السيطرة تماما. ومن يجيدون الفصحى الآن فإننى أرثى لحالهم، لأنهم يحرصون على الأداء اللغوى الصحيح وليس حولهم من يعرف الصواب من الخطأ، والأدهى أنهم أنفسهم أصبحوا يتهاونون كثيرا فى إتقانها، ومنهم المدرسون والقضاة والمحامون والمذيعون ونواب البرلمان، إضافة للموظفين الذين ينحصر عملهم فى المذكرات والتقارير. وهذا يسوقنا لتذكر النهضة الفكرية التى شهدها العرب مطلع القرن العشرين والصحوة اللغوية المصاحبة على يد مفكرين وكتابا أعادوا للعربية رونقها وقوتها، مثل أحمد لطفى السيد والعقاد وطه حسين ومحمد حسين هيكل والرافعى والزيات والمنفلوطي. والزعماء السياسيين الذين ألهبوا المشاعر الوطنية بلغة قوية مثل عبد الله النديم، ومصطفى كامل، وسعد زغلول ومكرم عبيد، وانتعاشة الشعر على أيدى البارودى وأحمد شوقى وحافظ والعديد من شعراء مصر والبلاد العربية. وهناك عاملان جديدان لابد من الإشارة إلى دورهما فى اعتدال حال اللغة العربية الفصحي، وهما انتشار التعليم، وشيوع الصحافة، فالتعليم يؤكد القواعد فى أذهان التلاميذ، ويميز لهم الصواب من الخطأ. وقامت الصحافة بدور مهم للغاية فى تحرير الأسلوب العربى من المحسنات المرهقة، مثل السجع، وعممت لغة سهلة مباشرة، تصف الأحداث وتحلل المواقف، وتصل للقارئ بسهولة. لكن هذا لم يستمر طويلا، حيث كثرت الأخطاء، وزادت العامية، والألفاظ الأجنبية أصبحت ظاهرة سيئة، إلا أن الخطأ الرئيسى الذى كان يوقف أو يضعف محاولات تعلم العربية، يرجع إلى تناولها بصورة منقوصة، حيث تركزت كل المحاولات السابقة على إصلاح القواعد النحوية، مع أنها لا تمثل فى مجال اللغة إلا جزءًا واحدًا منها، وتظل هناك أجزاء أخرى متعلقة بالمعجم، والأفعال، والأدوات، والأساليب المتنوعة، التى تكوّن الثروة اللغوية اللازمة لمتعلم الفصحي، كما أن المصطلحات الفنية المستخدمة فى قواعد اللغة تقف عقبة دون الوصول إلى الهدف الحقيقي، ومع الاستعانة بتجارب لغات أجنبية الأخرى يمكن تجاوز هذه العقبة، كما حدث فى وضع قاموس للأفعال، وآخر للأدوات. ويضيف د. طاهر: من الملاحظ أن الإعلاميين بالقنوات يتحدثون العامية بدلا من الفصحي، ولا نستثنى أحدا، وحتى السادة القضاة المبجلين، والمحامين وهم يترافعون فى المحاكم، والإعلاميين الذين يحترفون الكتابة، مع أن القاعدة تقرر أن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة، وإذا لم يتناسق أحدهما مع الآخر فالأمر يكون مختلا، فاللغة وسيلة تعبير عن الفكر، وحين تخرج معتلة، ومضطربة، ومتكسرة، فالفكر يكون مثلها، وقديما قال الفيلسوف «ديكارت»: «الفكرة الصحيحة تكون دائما واضحة»، أى أن الكلام إذا كان منظما، ومحددا، ودقيقا، يعكس بالضرورة فكرا منظما ومحددا ودقيقا. ويختتم د.حامد طاهر بقوله: المأساة أن أحدا لا ينتبه لخطورة فساد اللغة على ألسنة المصريين، وحتى المجمع اللغوى العريق فى القاهرة لا يحرك ساكنا حيال الأمر، الحال نفسه لدى مدرسى العربية فى المدارس والجامعات، لا بد أن نستفيد من كل بلد يحرص على لغته، وليس أمامنا الآن غير الاهتمام والحفاظ على لغتنا حرصا على قيمنا ووجودنا ذاته.