عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
خلاصات من معركة الواحات
6 نوفمبر 2017
هشام النجار;

يومًا تلو الآخر تواصل مصر كسب معركتها ضد الإرهاب وداعميه، وكلما مر يوم تتكشف فصول جديدة من المؤامرة الكبرى وأبعادها، وتصعد مصر فى واجهة التحدى كمدافعة ليس فقط عن ترابها وعن العرب، بل عن العالم والإنسانية.

مع ذروة الحدث ومع اشتداد المواجهة تظهر الصورة أكثر وضوحًا ككتاب مفتوح أو كشاشة تفضح الخونة الموتورين، وتظهر معدن الوطنيين الغيورين على أوطانهم.

لماذا قلوب وأنظار الإخوان وأذيالهم فى كل مكان بالعالم معلقة على مصر وما يجرى على أرضها؟ ولماذا تتجه فلول الإرهابيين صوب مصر من الشرق والغرب؟..

لأن تماسك مصر وصمودها وعبقريتها فى التعامل مع الأحداث هو ما أدى فعليًا إلى مصيرهم هذا، وقد تيقنوا أنهم لن ينجحوا فى ساحة من الساحات ما دامت مصر قوية راسخة تقوم بدورها.

ويصح القول إن هذا تحديدًا هو سر حقد النظام والإعلام القطرى على مصر؛ لكونها ببساطة أفشلت تلك المؤامرات، وصنعت الإنجاز وعبرت من مسارات الفوضى إلى مرحلة الاستقرار، وتساعد الدول العربية فى استعادة التماسك للنهوض من الكبوة.

فيديو الضربة الجوية المتقنة أظهر حجم الهزيمة ومقدار الحسرة على ملايين الدولارات التى أنفقت على مرتزقة يفرون كالفئران المذعورة، فظهر مشهد الفرار كاشفًا وفاضحًا لضآلة من اجترأوا على استهداف مصر بعظمتها وشموخها من جماعات تتسم بالغدر والجبن والخسة ومن يمولها من قوى منتفخة الجيب فارغة العقل فاقدة البصيرة والرشد.

الإرهابيون وداعموهم على قناعة تامة بأن ثورة 30 يونيو فى مصر، هى سر هزيمتهم فى العراق وسوريا وليبيا، وأن تماسك مصر هو ما فضح مخططاتهم فى العمق العربى والخليجي، ومع كل ضربة مصرية على رأس الإرهاب الغشوم ينعدم أمل الإخوان شيئًا فشيئًا بعد أن بقى هو رهانهم الوحيد فى سبيل العودة.

جاء الخونة المرتزقة من الشرق والغرب ليثأروا من مصر التى كانت السبب الرئيسى فى انتكاستهم، بعد أن صور لهم شيطانهم أن هز استقرارها هو البداية الحقيقية وأن الانطلاق ينبغى أن يكون من مصر، وهو ما سطره قبل عقود رءوس ومنظرو الإخوان فى كتبهم.

هذا المشهد من جهة يقابله مشهد اتجاه أنظار الشعوب العربية صوب مصر من سوريا إلى فلسطين إلى ليبيا، رافعين الأعلام المصرية هاتفين باسم زعمائها، بعد أن أذاقهم الإرهاب البؤس والجوع والمرض، وحولهم لجحافل من المشردين والعاطلين تحت سطوة التكفير والكبت والكراهية الطائفية البغيضة.

ليلة دحر خلية القاعدة القادمة من ليبيا فى صحراء الواحات ستترك ندوبًا كثيرة فى جسد داعمى الإرهاب؛ فمصر التى انتصرت على داعش بفروعه سواء ما أطلقوا عليه «ولاية سيناء» أو ما طور لاحقًا إلى ما أطلقوا عليه «الدولة الإسلامية بمصر» التى ضمت تنظيمى «جند الخلافة» و«ولاية الصعيد»، ومعها الخلايا النوعية المسلحة التى شكلها تنظيم الإخوان، ها هى تسحق صحوة تنظيم القاعدة من الحدود الغربية، لتثبت أنها باسطة نفوذها على كامل أراضيها وحدودها.

الإخوان لم ينطقوا بكلمة بعد الضربة التى دوختهم، بعد أن هللوا قبلها وشمتوا بنذالة منقطعة النظير فى شهداء الشرطة، والآن بعد تحرير الضابط البطل والنجاح فى القضاء على الخلية الإرهابية وتصفية أحد كبار قيادييها والقبض على آخر تركوا النواح لأجهزتهم الإعلامية، ودسوا رءوسهم فى التراب.

خرجت القاعدة من الإخوان كما اعترف بن لادن، وخرجت داعش من القاعدة على يد الزرقاوي، وجميعها نسخ بألوان وعناوين مختلفة لكتاب واحد يحمل المنهج الأسوأ فى تاريخ البشرية، وتحض أفكاره السوداء على تقسيم العرب على أسس الحقد والكراهية، بخطاب دينى يحرف القيم والمبادئ الإسلامية، وبتمويل مفضوح من قوى مستفيدة من تلك الممارسات فى العمق العربي.

ألقوا نظرة على مواقعهم وصفحاتهم، استمعوا ذات مرة لكائن مشوه الفكر ممسوخ الضمير يدعى آيات عرابي، إنهم جميعًا بلا استثناء بمختلف التنظيمات التى ينتمون إليها يمتلكون قلوبًا حاقدة تقذف يوميًا بحمم من الطائفية والكراهية المكبوتة تكفى لإحراق العالم كله وإغراقه فى ظلام ما قبل المدنية والحضارة.

أضطر للتسلل لصفحاتهم لأقيس ردود الأفعال وأزن المواقف فلا أجد أدنى فارق بينهم؛ فجميعهم فى كراهية الأوطان وتشويه الإسلام سواء، بعقلية نكوصية سادرة فى الجهل والظلام، وهو ما يلفت لقيمة ما تقوم به مصر، ويرسخ قناعة بأن هذا الإرهاب لن توقفه سوى الهزيمة الكاملة، وأنه لا يمكن للمجتمعات العربية أن تتقدم خطوة للأمام دون عزل كامل لتلك الكيانات المعرقلة للانطلاق الحضاري.

تفاعل العالم مع معركة الواحات وإشادة الجميع بها، يعكس حقيقة أن مصر صارت أمل العالم لوضع حد للمهزلة، وينطوى على اعتراف دولى بأن العرب هم قادة أنفسهم وهم قادة الإقليم، وأنه لا مجال لفرض قيادة عليهم من خارجهم، بعد أن وضعوا أيديهم على مكامن تغيير قواعد اللعبة فى ملف الإرهاب وملف الورقة الطائفية وملف ايقاف سايكس بيكو الجديدة وملف إيقاف توجيه «الإسلام المسلح» إلى قلب أوروبا بعد أن اخترق قلب الشرق الأوسط والدول العربية، بمعنى أنهم بمقدورهم كدول ومؤسسات وجيوش وشعوب الإسهام فى تغيير وجه العالم بأسره.

فى المقابل يعقد الإرهاب العالمى آماله على قطر التى تشبه فى عنادها وغيها ذلك الأحمق الذى شغل الناس بفكرة أن البطيخة لا تكسر بالسكين إنما بالمقص، وبعد أن أثبت له الملك أن ذلك مستحيل، أصر وتابع فى دعوة الرعية لاعتناق فكرته التافهة، وأمر به الملك فإما يعود إلى رشده وإما يقذف فى البحر، وفى البحر يغرق وهو يحرك أصبعيه السبابة والوسطى إلى بعضهما.. علامة المقص.