عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الإذاعة المصرية.. تاريخ من الفن والمعرفة
31 أكتوبر 2017
محمد هزاع

في كتابه الثري «الاذاعة المصرية.. مصر تتحدث عن نفسها»، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة «حكاية مصر»، يقدم لنا «أحمد محمد درويش» أربعة فصول ومقدمة، تناولت العالم عبر الأثير و«هنا القاهرة»، و«الاذاعة والثورة»، و«استعادة الثقة».


وظهور الإذاعة كان خطوة كبرى فى سعي الإنسان نحو تقدمه. وأسهمت فى رفع اهتمام المواطن بالشأن السياسي، وتذوق الفنون من شتى مجالات الإبداع. والفصل الأول يعرض لتاريخ نشأة الإذاعة اللاسلكية عالميا، واستخداماتها الأولى على الصعيدين التجاري والسياسي، والتدخل الحكومى فى عمل الإذاعات الأهلية وإخضاعها لسيطرة الدولة، مع رصد حالة المجتمع المصرى قبل ظهور الإذاعة اللاسلكية، وتقبل المجتمع لهذا الاختراع العجيب آنذاك، وانتشار الإذاعات الأهلية، وألقى الضوء على عقد الحكومة المصرية مع شركة ماركونى العالمية لإنشاء إذاعة رسمية تؤسسها وتديرها الشركة وتملكها الدولة. ويغطي الفصل الثاني مرحلة تنفيذ المشروع، والشخصيات المؤسسة من الرواد الأوائل أصحاب الكفاءة والثقافة العليا المتصلة بالعلوم والفنون، وجاءت اختيارات الحكومة المصرية على نحو مشرف، فكانت رئاسة لجنة البرامج العليا للدكتور «على باشا إبراهيم» رائد النهضة الطبية فى مصر الحديثة، ومكتشف الكوليرا الآسيوية، وأول عميد مصرى لكلية الطب، ومؤسس نقابة الأطباء، وأول نقيب لها، ثم عين وزيرا للصحة، وكان شخصية اجتماعية مرموقة، وذوّاقة للشعر. والعضو الثانى «حافظ باشا عفيفي»، الطبيب، ووزير الخارجية فى وزارتي محمد محمود باشا، وصدقى باشا، ثم عين وزيرا مفوضا لمصر فى لندن. والعضو الثالث «حسن فهمى رفعت» باشا، وكيل وزارة الداخلية، ومؤسس البوليس السياسي، وشكلت شركة ماركونى فريق العمل، حيث اختارت الموسيقار «مدحت عاصم» منذ افتتاح الإذاعة رسميا عام 1934، مديرا للموسيقى والغناء، وعلى خليل سكرتيرا للقسم العربي، وفاضل الشوا للاسطوانات العربية، والطاقم الهندسي تكون من مستر «موجوج» كبيرا للمهندسين، والمهندسين «وستروب» و«راسل»، ومستر «تشورليا» مسئول الإسطوانات الإفرنجية، إضافة إلى المذيعين الأوائل أحمد سالم، أول مذيع مصرى بالإذاعة المصرية سنة 1934، وكان أول من نطق جملة «هنا القاهرة» التي ما زالت تتردد إلى اليوم. و«أحمد كمال سرور» الذي تميز بالثقافة الفرنسية، ودرس الدراما فى باريس، ومحمد فتحى الذى عين بالإذاعة المصرية مايو 1934 قبل بدء البث الاذاعى بسبعة وعشرين يوما، وتدرج فى المناصب حتى أصبح مديرا عاما، واشتهر بلقب «كروان الإذاعة» الذى أطلقه عليه الصحفى الشهير محمد التابعى، ويرجع له الفضل فى تقديم الدراما فى الإذاعة المصرية، وأول مذيع مصرى يعمل بهيئة الإذاعة البريطانية، وهو مؤسس قسم الإعلام فى عدد من الجامعات المصرية. وعرض الفصل الثاني لمرحلة النضج الإذاعي حيث تتمثل العناصر الأساسية للخريطة البرامجية الأولى فى تلاوة القرآن الكريم، والبرامج الموسيقية وبدءالدراما الإذاعية، ونقل الأخبار عبر الإذاعات الخارجية، وبرامج المرأة والطفل، وإهتمام الإذاعة المصرية بالكلمة المكتوبة حيث أصدرت «مجلة الراديو المصرى»، ثم انتقلت إدارة الإذاعة من شركة «ماركوني» إلى الدولة المصرية نهاية مايو 1936. وعرض الفصل الثالث لتطور الإذاعة وتنوع أثيرها خلال ثورة 23 يوليو 1952، وانشاء محطات جديدة مثل إذاعة الاسكندرية، والبرنامج الثانى، والقرآن الكريم، والشرق الأوسط، كما تضمن الفصل شهادة على ماجرى من أحداث خلال نكسة يونيو 1967. ورصد الفصل الرابع والأخير التطورات التى لحقت بالإذاعة بعد إنشاء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومرحلة استعادة الثقة وصولا إلى ثورة يناير 2011.



جدير بالذكر أن الإذاعة المصرية استطاعت الحفاظ على مكانتها لدى الجمهور عقب بدء البث التليفزيونى رغم ما تردد وقتها أن التليفزيون سيقضى على الإذاعة أو يجحم دورها، كما تردد عقب بدءالبث الإذاعى سنة 1934 أن الإذاعة ستقضى على الصحافة المكتوبة.