المناورات العسكرية مؤشر مهم على جاهزية القوات واستعدادها للقيام بمهامها، ولكن لا يقتصر أمر المناورات العسكرية على الاستعداد بل تستخدم فى إطار توجيه رسائل الردع إلى العدو او الأعداء المستقبلين عبر استعراض قوة وجاهزية القوات وقدرتها على ممارسة مهامها الدفاعية والهجومية وتحقيق أهدافها بنجاح.
وحاليا يترقب الغرب بأسره، وقادة الولايات المتحدة وحلف الأطلنطى «ناتو» تحديدا، رسالة مهمة عبر مناورات ستجريها روسيا فى أقصى حدودها الغربية وعلى أراضى بيلاروسيا (روسيا البيضاء) وتحديدا على مرمى حجر من أوروبا الشرقية حيث الأعضاء الجدد والمتوقعين لحلف «ناتو» وهى المنطقة ذاتها المرشحة لأن تكون نقطة المواجهة البرية الأولى فى حال أى مواجهة بين الطرفين.
المناورات القادمة أطلق عليها اسم : «زاباد ـ 2017» (الغرب 2017) وهى مناورات روسية ـ بيلاروسية مشتركة، وتحدد لها أن تجرى فى الفترة من 14 وحتى 20 سبتمبر الحالي، على أراضى جمهورية بيلاروسيا المتاخمة لشرق أوروبا. وقد أعربت عدة دول أعضاء بحلف «ناتو» عن قلقها إزاء المناورات. وصرح الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرج، فى محاولة منه للتهدئة بأن هذه المناورات لا تمثل تهديدا على دول الحلف، ولكنه دعا روسيا كذلك إلى «الالتزام بتعهداتها بشأن شفافية المناورات والوفاء بوثيقة فيينا حول الإجراءات لتعزيز الثقة والأمن».
فقد جاء تلويح روسيا بإرسال آلاف العسكريين فى نهاية الصيف إلى الحدود الشرقية لحلف الناتو بمثابة إنذار قوى لواشنطن من قفزة كبيرة فى مجال الاستعدادات العسكرية التى يجريها فلاديمير بوتين الرئيس الروسى والقائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة الروسية.
وسارعت وزارة الخارجية الروسية إلى تأكيد أن المناورات الروسية البيلاروسية المشتركة، «الغرب 2017» تتسم بطابع دفاعى بحت.
وأوضحت أنه من المقرر أن يشارك فى المناورات نحو 12700 عسكرى فقط، بالإضافة إلى نحو 70 طائرة هليكوبتر ونحو 680 قطعة من المعدات العسكرية، بما فى ذلك 250 دبابة، ونحو 200 من المدافع وقاذفات الصواريخ ومدافع الهاون، ونحو 10 سفن.
ولم تخف وسائل الإعلام الروسية مغزى تلك المناورات وإدراكها للقلق الأمريكي، والغربى بوجه عام، من إجرائها. وأدلى نائب وزير الدفاع الروسي، الفريق ألكسندر فومين، بتصريحات تفيد بأن روايات وسائل الإعلام حول المناورات العسكرية «زاباد 2017» (الغرب 2017) التى تشير إليها على أنها تدريب فى إطار التحضير لإقامة «رأس جسر لاحتلال ليتوانيا، بولندا أو أوكرانيا» لا علاقة لها بالواقع، وأن المناورات تتميز بطابع دفاعى بحت وتهتم بالتدريب على مجال مكافحة الإرهاب.
واستنكر ما تقوم به وسائل الإعلام الغربية بالقول: «خلال عدة أشهر تقوم وسائل الإعلام العالمية، ويعقبها السياسيون، بإثارة الرأى العام عبر نشر مزاعم حول «الخطر الروسي»، ويتحدثون حول سيناريوهات غير واقعية لتطور الأحداث، ...إلا أن أيا من هذه الروايات لا علاقة لها بالواقع».
وجاء التوضيح الروسى عقب رصد موسكو حالة التوجس فى الأوساط العسكرية الأمريكية من أن المسرح العسكرى لهذه التدريبات التى تتم تحت اسم «الغرب-2017» سيكون عند الحدود مع دول حلف شمال الأطلنطي. وثانيا، هو أنها ستجرى بمشاركة جيش دبابات الحرس الأول الروسي، الذى أعيد تشكيله حديثا.
وقد دعت رئيسة وزراء بولندا، بيتا سزيدلو، حلف شمال الأطلنطي، إلى التنبه للمناورات الروسية - البيلاروسية المقررة سبتمبر الحالي، وقالت إن على الناتو الاستمرار فى التكيف مع التهديدات الجديدة.
وكشفت رئيسة ليتوانيا، داليا جريباوسكايتي، عن أن قطعا بحرية أمريكية ستصل قريبا إلى بحر البلطيق لمراقبة المناورات المشتركة الروسية ـ البيلاروسية «زاباد-2017».
ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن المكتب الصحفى فى القصر الرئاسى عن جريباوسكايتى قولها، فى أثناء لقائها مع وفد من الكونجرس الأمريكي: «الولايات المتحدة، تنفذ التزاماتها بالدفاع عن ليتوانيا قبيل بدء مناورات «زاباد-2017». وقد نشرت قوات عسكرية ومعدات أمريكية، وعززت بعثة الشرطة الجوية للناتو فى ليتوانيا، ومن المتوقع وصول سفن حربية أمريكية إلى بحر البلطيق بحلول الخريف» لمراقبة هذه التدريبات.
ونقلت وسائل الإعلام الروسية ما أشار إليه الجنرال الأمريكى المتقاعد فيليب بريدلاف من أن تسمية المناورات لم تأت «مصادفة». وهى تعتبر رسالة واضحة جدا إلى دول البلطيق وبولندا. هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن القيادة الروسية نشرت أيضا فرقة آلية جديدة بالقرب من مدينة سمولينسك الروسية بالقرب من الحدود مع بيلاروسيا، وأنه بالإضافة لجيش حرس الدبابات الأول سيشكلان قوة تقدر عدد دباباتها بـ 800 دبابة وأكثر من 300 منظومة مدفعية، وعشرات من أنظمة الصواريخ التكتيكية من طراز إسكندر.
وقد ألمحت وزارة الدفاع فى بيلاروسيا(روسيا البيضاء)، إلى الضجة المفتعلة التى تثيرها الدول الغربية حول مناوراتها العسكرية المشتركة المقررة مع روسيا. وأعلن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، النائب الأول لوزير الدفاع فى بيلاروسيا، الجنرال أوليج بيلوكونوف، أن هذه الضجة المفتعلة، من قبل عدد من الدول الأجنبية، حول التدريبات المشتركة بين الجيشين البيلاروسى والروسى تحت مسمى «زاباد-2017»، غير مفهومة أبدا فى ضوء حشد مزيد من قوات حلف شمال الأطلنطى «ناتو» بالقرب من حدود روسيا البيضاء والاتحاد الروسي.