عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
بعد 13 عاما على عرش الكرملين..
بوتين .. والسعى لفترة ولاية رابعة
23 أغسطس 2017
د. سامى عمارة;

رغم انه لم يعلن بعد عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة فى مارس 2018، فإن كل الشواهد تشير الى انه سوف يفعل ذلك.


وما سمح بنشره من صور خلال نزهة صيد الاسماك فى احدى بحيرات سيبيريا تاكيدا لحالته الصحية الممتازة، وما يتردد من تصريحات حول تفكيره فى احتمالات الترشح لفترة ولاية رابعة وغير ذلك من همهمات وايماءات حول هذا الموضوع تؤكد ان فلاديمير بوتين باق على عرش الكرملين حتى عام 2024.



ومن هنا نقول ان الجدل الذى يحتدم حول مدى احتمالات ترشح الرئيس بوتين فى الانتخابات المقبلة يظل فى اطار الشكليات التى كان قال كلمته بشأنها منذ عام 2008 حين جاء بتلميذه ورفيقه دميترى ميدفيديف، ليحجز موقعه على عرش الكرملين حتى عام 2012 حرصا على عدم تغيير الدستور الذى يقصر مدة الرئاسة بولايتين متتاليتين مدة كل منهما أربع سنوات، واستعدادا لولايتين اخريين تنتهيان فى 2024 بعد رفع مدة الولاية الى ست سنوات بدلا من أربع. آنذاك بقى بوتين على مقربة، ممسكا بزمام الأمور من موقعه كرئيس للحكومة الذى يعنى دستوريا المنصب الثانى فى الدولة ليواصل ادارته لشئون البلاد من وراء ستار. وما ان اقترب موعد الانتخابات فى عام 2012 حتى عاد بوتين الى صدارة الساحة السياسية، متكئا على «الجبهة الشعبية لعموم روسيا» التى وقف وراء تشكيلها لتكون سنده الذى يمكن ان يستعيض به عن «حزب الوحدة الروسية» الحاكم، رغم حرصه فى السابق على خوض الانتخابات «كمرشح مستقل» فى 2000، و2004 رافضا «ترشيح» كل الاحزاب والقوى السياسية، وكذلك دعم رجال الاعمال وممثلى «الاوليجاركيا» الذين كانوا يتسابقون من أجل خطب وده وتمويل حملاته الانتخابية. وبغض النظر عن مثل هذه الشكليات فان الواقع الروسى يقول إن بوتين يظل «المرشح الأوحد» فى الانتخابات المرتقبة، فى ظل خلو الساحة الروسية من اى مرشح يمكن ان يخوض هذه الانتخابات منافسا له، وسط ذهول الاوساط السياسية الغربية التى تحولت خلال السنوات الاخيرة الى مناصبته العداء. وبينما تفكر بعض الاوساط الغربية فى البحث عن البدائل بما فى ذلك من خلال تمويلها لمنظمات المجتمع المدنى والوقوف وراء شخصيات بعينها، ظهر من يقول بضرورة تغيير الدستور بما يسمح ببقاء بوتين رئيسا مدى الحياةـ مثلما طالب الرئيس الشيشانى رمضان قاديروف. بل وهناك بين الأوساط الكنسية من راح يجاهر صراحة بضرورة عودة الملكية فى شخص القيصر، الذى طالب حزب جيرينوفسكى «الديموقراطى الليبرالي» باعادة نشيده الوطنى بدلا من النشيد الحالي. ولذا لم يكن غريبا ان يتذكر البعض ما جنح اليه عدد من افراد حاشية الرئيس الاسبق بوريس يلتسين نحو الغاء الانتخابات فى عام 1996 تخوفا من هزيمة يلتسين امام مرشح الحزب الشيوعى الذى أرغمه على خوض جولة ثانية جرى تزويرها لصالح يلتسين. على ان ذلك كله، لا يمكن أن يكون موضوعا مطروحا للنقاش على مائدة رئيس أو شخصية بوزن أوعلى شاكلة فلاديمير بوتين.



وكان بوتين تطرق الى هذا الموضوع فى حديثه مع المخرج الامريكى اوليفر ستون بقوله ان موقفه من الانتخابات المرتقبة يتوقف على عوامل كثيرة، منها الاوضاع الداخلية والعالمية فضلا عن «مزاجه الشخصي». وذلك ما يدفع الى توقع اتخاذ بوتين لقرار خوض الانتخابات المرتقبة انطلاقا من حدة التوتر الذى يخيم على علاقات روسيا مع الكثير من البلدان والتحالفات الغربية والتى تفرض حتمية المواجهة وعدم «الهروب من الساحة».



ولعل ما يدور من جدل ومواجهات تتواصل منذ اندلاع الاحداث فى سوريا واوكرانيا، يقول بان روسيا مدعوة الى التمسك بما حققته من مكاسب على طريق استعادة مواقعها على الصعيدين الاقليمى والدولى كقوة رئيسية فاعلة لا أحد فى روسيا يمكنه الموافقة على التخلى عنها. وبهذا الشأن تحديدا يحتدم الجدل فى الساحة الداخلية حول واقعية واحتمالات رحيل بوتين فى مثل هذه الظروف وقبل التوصل الى تسويات نهائية فى كل من سوريا واوكرانيا. اما عن الاوضاع الداخلية فهناك الكثير من الامور التى تفرض استمرار بوتين فى سدة الحكم انطلاقا من توازنات القوى، الى جانب حرص الكثيرين من رفاق بوتين والمحسوبين عليه، تجاه بقائه على عرش الكرملين، ليس فقط من أجل حماية ما حققوه من مكاسب شخصية، بل ومن أجل تأمين استقرار البلاد وحمايتها من الاهتزازات الداخلية.



ورغم كل الشواهد التى تؤكد حتمية خوض بوتين للانتخابات الرئاسية المرتقبة، فان الغموض سيظل يكتنف القول الفصل بهذا الشأن حتى الثامن من ديسمبر المقبل، اى حتى المائة يوم التى تسبق تاريخ اجراء الانتخابات فى مارس 2018 حسب نص الدستور الروسى. وبشأن احتمالات فوز بوتين فى هذه الانتخابات، كشفت نتائج استطلاعات الراى الذى أجراه «مركز ليفادا» لقياس الراى العام عن ان بوتين سوف يفوز فيها بنسبة 82% متقدما على فلاديمير جيرينوفسكى الذى يمكن ان يفوز باصوات 8% من الناخبين، مقابل 4% لمرشح الحزب الشيوعى جينادى زيوجانوف.