عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
الفيروس اللعين
17 يوليو 2017
000;

من آفاتنا المزمنة ان البعض فى كتاباته بالصحف ولقاءآته بالفضائيات كثيرا ما يتحدثون عن حلول لكل المشكلات التى تعانيها مصر


حتى أننا نتمنى ان يعين هؤلاء وزراء بل رؤساء وزراء لكى يتمكنوا من تطبيق رؤاهم التى يصدعون بها رؤوسنا ليل نهار ، بيد انه حينما تتاح لهم الفرصة ويتولون مواقع قيادية سرعان مايتناسون مانادوا به من رؤى ومانظروا له من حلول ، ويصبح اهتمامهم وشغلهم الشاغل ارضاء من اختارهم لكى يستمروا فى مواقعهم اطول مدة حتى وان مارسوا الكذب والتضليل بفيروس اسمه (التصريحات الوردية الكاذبة) من منا لايذكر فى حقب ماضية المشروعات الوهمية بدءا من الثورة الخضراء للصحراء بعد نقل آلاف الشتلات الى اماكن جرداء ومرورا بنقل ألاف من رؤوس الماشية من انحاء الجمهورية للإيهام بافتتاح اكبر مزرعة للانتاج الحيوانى فى مصر بل الشرق الاوسط وانتهاء باستبدال مدرسين وتلاميذ من مدرسة لغات بمدرسى وتلاميذ مدرسة حكومية للايهام بجودة التعليم التى حققتها مصر.



فى هذا السياق اتذكر مسلسلا تليفزيونيا سلط الضوء باقتدار على هذه الافة حينما قرر الوزير المسئول زيارة مزرعة سمكية قيل له انها الاكبر فى مصر ،وهى فى الواقع لا تعدو ان تكون مشروعا وهميا، وفى يوم الزيارة تم جلب كمية من الاسماك المتنوعة من كل حدب وصوب فى احواض المزرعة الخاوية ،لكن الوزير تأخر عن موعد الزيارة وقيل انه قرر الغاءها وهنا اخرج المسئولون الاسماك من الاحواض وباعوها بأثمان زهيدة للناس حتى لاتتلف ، وبعد ساعات وصلت اشارة فحواها ان الوزير فى طريقه للمزرعة بعد ان تأخرت زيارته لاسباب قهرية وهنا اسقط فى ايدى المسئولين فماذا يفعلون امام الوزير والمزرعة خاوية على عروشها؟ وتفتق ذهن هؤلاء عن سرعة شراء الاسماك بأسعار مرتفعة ممن اشتروها فبادر كثيرون ببيع مااشتروه من اسماك حتى بعد طهوها،ولما جاء الوزير تم الصيد من المزرعة فى وجوده فخرجت فى الشباك تشكيلة من الاسماك الطازجة والمشوية والمحمرة، وكأن المزرعة ـ وفى تهكم لاذع ـ تستخدم تقنيات عالية لطهو الاسماك قبل صيدها. تداعت هذه الخواطر الى الذهن عندما قرأت ماكتبه وزير سابق عن انه فى رحلة بحثه عن اسرار تقدم الدول تساءل عن اسباب تأخر مصر فى احتلال مكانة اكثر تقدما مما هى عليه الآن برغم انها مؤّهلة لذلك بحكم موقعها وتاريخها ومواردها والبشرية؟و لم يفارقه هذا السؤآل منذ أن كان شابا على حد تعبيره واجاب عن سؤآله بأن طبيعة النظام السياسى هى مربط الفرس وليست الثقافة الموروثة أو الموقع الجغرافى او السياسات الاقتصادية الرشيدة ، وان مايفصل بين النجاح والفشل يكمن بشكل اساسى فى درجة مايوفره هذا النظام لمواطنيه من حرية فى الابداع والانتاج والقدرة على المنافسة دون محاباة وفى اطار من المشاركة السياسية الفعالة والمساءلة عن النتائج، ونحن بدورنا نهنئه على اعادة اختراعه للعجلة ونسأله :ألم تكن تعلم قبيل اسناد الحقيبة الوزارية لك ان نظامنا السياسى آنذاك لم يكن يحقق ايا من العناصر التى ذكرتها ؟ اذن لماذا وافقت على حمل حقيبة وزارية فى ظل ذلك النظام ؟ ام انك لم تدرك ذلك الا بعد اعفائك من منصبك الوزارى ؟



اخشى ما أخشاه ان يكون بيننا حتى الآن من يحمل الفيروس نفسه الا وهو (التصريحات الوردية الكاذبة) للبقاء فى المنصب اطول مدة ممكنة ثم التنظير لكل ماهو واجب ومثالى بعد الاعفاء من المنصب .. انظر الى مسئولين كثر يتحدثون ليل نهار عن اجراءات حكومية لخفض الاسعار التى انفلت عقالها بشكل غير مبرر وغير مسبوق فضلا عن وعودهم المتكررة بضبط الأسواق فورا ولكن للاسف لم ير المصريون الا العكس تماما فالاسعار فى تصاعد مستمر وجشع التجار لايجد من يردعه فاستمرأوا أو الكسب الحرام



د. محمد محمود يوسف



استاذ بجامعة الاسكندرية