عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت
حملة تشهير إلكترونى بالمفطرين تثير جدلا بتونس
24 يونيو 2017
> تونس ــ كارم يحيى
تونسيون يتظاهرون للمطالبة بحرية الإفطار العلنى فى رمضان

عرف شهر رمضان هذا العام بتونس جدلا حول حملة تشهير إلكترونى بالمفطرين فى نهار الصيام. وقد وصلت ردود الفعل إلى حد التظاهر أمام وزارة السياحية بوسط العاصمة تنديدا بالحملة وتأثيراتها السلبية على هذا القطاع.


كما استنكر مهدى بن مكثر رئيس «جمعية الوعاظ و المؤدبين و الإطارات الدينية» (نقابة رجال الدين ) التونسية الدعوة إلى غلق المقاهى فى نهار رمضان والتشهير بالمفطرين فى بلاده .ونقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء التابعة للدولة تصريحا للمكثر قال فيه:» لا يجوز التدخل فى الحريات الشخصية للغير من صيام وإفطار ولايحق لأى كان ان ينوب عن الدولة وأجهزتها التنفيذية».

وجاء هذا التصريح بعد جدل فى المجتمع التونسى حول انتشار مقاطع على مواقع التواصل والانترنت لأحد رجال الدين يطوف بالمقاهى والمطاعم التى تفتح أبوابها خلال نهار رمضان لينهى مرتاديها عن الإفطار ويتوعدهم بسوء العقاب فى الآخرة . ومع أنه من النادر فى الفضاء العام بتونس فتح أماكن للشرب والأكل خلال نهار رمضان ، إلا أن جمعية الوعاظ اضطرت أيضا وفى وقت سابق الى إصدار بيان اعتبرت ان « «الحملة التى يتولاها البعض ممن يصرحون انهم قائمون بتنفيذ أحكام الله، تعد سابقة خطيرة تستوجب التدخل السريع والعاجل والحاسم لمنع تسربها إلى مجالات أخرى وتطورها إلى ما لا تحمد عقباه». كما وصفت الحملة بأنها «مصادرة لحرية الآخرين ومجانبة للفهم الصحيح للدين والاجتهاد». وأكد البيان «ضرورة توفير الأمن لجميع التونسيين سواء كانوا مفطرين أو صائمين». وبحلول أول أيام رمضان هذا العام ظهر شيخ يدعى «عادل العلمى «بوصفه رئيسا «للجمعية الوسطية للدعوة و الإصلاح» فى مقطع فيديو يتوعد بفضح المفطرين ونشر صورهم على الانترنت .وبعدها جرى نشر صور للشيخ العلمى يدخل مقاه ومطاعم ويعظ المفطرين بها وينشر صورهم . وقد تفاوتت ردود الفعل على الحملة . فقام شباب برد فعل متطرف حين اخذوا فى نشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعى وهم يفطرون فى نهار رمضان . إلا أن ردود فعل مستنكرة أكثر تعقلا سرعان ما توالت . فأصدرت أحزاب بيانات تدعو الى سماحة الإسلام وتحذر من التدخل فى ممارسة العبادات، بما فى ذلك حزب « آفاق تونس « الشريك فى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد . إلا أن حزب حركة النهضة الحليف الرئيسى لحزب حركة نداء تونس فى الحكومة والبرلمان تجنب الى حينه الخروج بموقف من هذه الحملة وهذا الجدل . واضطر وزير الداخلية الهادى المجدوب للتأكيد أنه لم يحدث أى تغيير فى سياسة وزارته تجاه المجاهرين بالإفطار فى رمضان مما كان عليه الحال قبل ثورة 2011 .وقال نصا :» منظومة المقاهى المفتوحة فى رمضان كما هى قبل الثورة « ، مشيرا إلى السياحة والسائحين . وظهر أكاديميون متخصصون فى علوم الدين يستنكرون الحملة على شاشات التلفزيون وصفحات الصحف .ونقلت وكالة تونس أفريقيا عن الدكتورة «منجية السوايحى « المتخصصة فى الدارسات الإسلامية وتفسير القرآن بجامعة الزيتونة تصريحا بأن من يقود الحملة ضد التشهير بالمفطرين فى رمضان يؤذون الإسلام .وقالت : «تصرفات هؤلاء الأشخاص غير مقبولة و تعكس صورة غير صحيحة عن الإسلام دين اليسر. ووصفتهم بـ»المتطفلين على الدين» وأضافت قائلة:»أنهم يقدمون فتاوى لا أساس لها من الصحة».

واللافت أن النقاشات الجارية تطرقت إلى مدى ضمان الدستور الجديد الصادر بتوافق بين قوى سياسية ترفع شعارات دينية وأخرى علمانية لحرية المعتقد والضمير مع أنه ينص على هذا وإن كان يقر بأن الإسلام دين الدولة . وقد تسببت ردود الفعل التى وصفت بـ «المتطرفة» على حملة الشيخ «العلمي» فى ردود فعل أخرى ذهبت لوصف المطالبين بحق المجاهرة بالإفطار بالتطرف وبالاعتداء على ضمير الأمة .وكتب «منجى المازني» فى أحد أهم المواقع الاخبارية بتونس «باب بنات» عقب مظاهرة وزارة السياحة : «إن المطالبين بالإفطار جهرا تحت يافطة حرية الضمير إنما يريدون فى الحقيقة طمس ضمير وهوية وقيم وثقافة كل الأمة». إلا ان قطاعا من الرأى العام يعتبر. أن حملة التشهير بالمفطرين وما تبعها من ضجة أمر مفتعل انخرطت فيه «ماكينة إعلامية « بهدف الهاء الناس عن قضايا جوهرية تتعلق بالاقتصاد والسياسية والاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة فى تونس طلبا لحق الشباب فى العمل والمناطق الأكثر تهميشا فى التنمية ..

وشهدت مدينة بنزرت شمالى تونس المعروفة بطابعها الأوروبى الحديث إصدار حكم ابتدائى بالحبس شهرا واحدا على أربعة شبان قيل انهم جاهروا بالإفطار فى نهار رمضان . إلا أن مصادر مطلعة بالعاصمة أبلغت « الأهرام « أنه من المستبعد إصدار العقوبة لمجرد المجاهرة بالإفطار .بل لمخالفة نص فى القوانين يتعلق بخدش الحياء فى الطريق العام ولأفعال أخرى صحبت الإفطار .