هشام لطفي سلام
محمد عبد الهادي علام
نعمان عاشور.. قيثارة الإبداع الصادق
9 مايو 2017
نجلاء محفوظ
نعمان عاشور

يرتكب بعض الكتاب «خطيئة» التعالى على القراء والتحدث إليهم من أبراج عالية يبنونها بكلمات منمقة ومتكلفة تخلو من الحياة. وقد نجا الراحل نعمان عاشور، الذى مرت ذكرى وفاته الثلاثين الشهر الماضي، من هذا الزيف، واختار الصدق مع نفسه ومع القراء، فأهدى المسرح العربى منهجا جديدا فى الواقعية الصادقة والمعبرة عن أوجاع الناس وتطلعاتهم للفوز بحياة أفضل وأجمل يستحقونها.


ولد نعمان فى 18يناير 1918 ورحل فى 5 إبريل 1987، تاركا لنا تراثا إبداعيا متميزا يتنوع بين مجموعات قصصية ومقالات وأعمال إذاعية، وإن اهتم أكثر بالكتابة للمسرح.



بدأ نعمان طريقه المتفرد مبكرا فكتب مسرحية «المغماطيس» وعمره لا يتعدى 23 عاما، وواجه صعوبات كبيرة فى عرضها بالمسرح، لكنه تحدى هذه الصعوبات حتى تمكن من عرضها بعد خمس سنوات من كتابتها، وحققت نجاحا كبيرا وصنعت بدايته ككاتب مسرحى من طراز خاص.



تميز عاشور بالنظرة النقدية الصادقة للمجتمع المصري، والكاشفة عن مواطن الزيف فيه، والداعية بقوة للتطهر منها لصنع حياة أرقى للجميع، وتنبه مبكرا للفجوات المنتشرة بين ما يقوله وما يفعله الكثيرون، ولم يبرره، بل واجهه بحنكة درامية أحبها الجمهور عندما أحس بصدقه، ولاقت أعماله تجاوبا جماهيريا واسعا لتعبيرها عن همومهم بأمانة ودقة.



وتميز عاشور بنسج شخصياته من الواقع فرأى الجمهور نفسه على المسرح، مما ضاعف من تقبله واندماجه مع المسرحيات، عكس بعض المسرحيات الأخرى التى تتحدث عن شخصيات لا تنتمى للواقع فتموت فى حياة صاحبها. كما قدم عاشور الكوميديا الراقية التى تمنح الجمهور الضحك مع الفكرة، فاستغل الكوميديا فى تقديم القضايا الاجتماعية والسياسية لتصل لقلب وعقل الجمهور بسهولة، فقد كان يؤمن بأن المسرح متعة وفائدة معا، وليس دار تسلية وضحك يفقد قيمته. كذلك استفاد نعمان عاشور من حبه للقراءة من الصغر، واستغل دراسته للغة الإنجليزية وكتب مقالات لخص بها كتبا أجنبية قرأها وترجمها، وانتقد المثقفين الذين لا يختلطون بالناس، وأكد أن الاتصال بالجماهير أفضل وسيلة للإبداع، وكان يرى أن أزمة المثقفين تكمن فى ابتعادهم عن الواقع الذى يعيشه ملايين الناس.