أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
العبارة البليغة
14 أبريل 2017
000

أنا أب لأربعة أبناء أكبرهم فتاة عمرها‏ اثنا عشر‏ عاما‏,‏ وأخرى تسع‏ سنوات‏,‏ وثالثة‏ سبع سنوات‏,‏ وصبى عمره‏ أربعة أعوام، وكنا نعيش حياة حافلة بالبهجة والإثارة والحب والوئام، وكانت زوجتى لهم نعم الأم، فلم تدخر جهدا فى سبيل إسعادهم‏، ولكن فجأة انقلب وضعنا رأسا على عقب‏,‏ وواجهتنا أكبر مشكلة يمكن أن تواجه أطفالا أبرياء، وأبا حريصا على أسرته ويذوب فيهم لدرجة العشق‏,‏ فلقد توفيت زوجتى بعد اصابتها بجلطة فى الرئة‏,‏ وفقدنا مصدر الحنان والعطف والأمومة الخالصة فكانت الطامة الكبرى والصاعقة والفاجعة لنا جميعا‏.‏


وقد فوجئت بما زاد الطين بلة, حيث استغل أحد أخوة زوجتى الراحلة هذا الظرف الحرج الذى نعيشه, لابتزازى فإما أن أعطيه مبالغ مالية دون وجه حق, أو ان يقوم بالتأثير على والدته التى هى جدة أولادى لرفع دعوى ضدى أمام محكمة الأسرة لضم حضانة الصغار إليها أو لإحدى خالاتهم, لأن القانون الأعمى يعطى جدتهم الحق فى ذلك, مع ما يستتبعه من أحكام بالنفقة وخلافه، وطبعا من المستحيل إثبات هذا الأمر على شقيق زوجتى المستغل.



ولا تسألنى عن تدخل الأهل وخلافه حيث أصبح كل إنسان مشغولا بحياته الخاصة, وغير مستعد للتدخل لإصلاح ما قد يطلب منه من تدخل للإصلاح فى مثل هذه الأمور, لكن هل يعقل أن أحرم من رفيقة عمرى ثم إما ان احرم من أطفالى الأبرياء بسبب القانون، أو أن أخضع طوال حياتى للابتزاز الرخيص؟



إننى أرجو من العقلاء، رحمة بالآباء المتوفى عنهم زوجاتهم، أن يطالبوا بتعديل القانون بحيث تتم التفرقة بين من طلق زوجته فيعاقب على هذا الفعل بحرمانه من أطفاله, وبين من توفيت عنه زوجته فتكون الحضانة فى هذه الحالة للأب إلا أن يثبت أنه غير صالح لحضانتهم لسوء سلوكه أو خلافه، وأرجوكم ان ترحمونى فأنا أب مسكين أتعذب وأتجرع مرارة فقدانى رفيقة حياتي, وتهديدى بحرمانى من أطفالي, فأحكام الحضانة وسن انتقال الحضانة فى التشريع الإسلامى لم تحدد بالقرآن, ولا بالسنة وإنما تكون دائما باجتهادات فقهاء المسلمين, وإنى أسألك: ألا من مجتهد يدرك ظروف مجتمعنا، ويعلم أن الرجل خصوصا إذا كان موظفا يقضى أغلب وقته فى البيت ويستطيع رعاية أطفاله رعاية كاملة؟



ولكاتب هذه الرسالة أقول :



«ِإن لم تستح فافعل ما شئت».. هذه العبارة البليغة تلخص موقف شقيق زوجتك الراحلة من أولاد أخته التى لقيت وجه ربها, فبدلا من أن يساعدهم ويأخذ بأيديهم, ويخفف عنهم آلامهم, إذا به يتخذهم وسيلة للحصول على مال زائل, ونسى أن بطش الله شديد، وبصراحة شديدة فإننى فى مثل هذه الظروف أميل دائما إلى الأخذ بالحلول العرفية وليس الرسمية, فتستطيع أن تستعين بأناس ثقات من العائلة أو الحى الذى تعيش فيه لكى يخاطبوا فى جدة أطفالك الإنسانة التى فقدت ابنتها, وأنها لا ترضى أبدا أن تتألم فلذة كبدها فى قبرها بسبب تصرف أحمق يقلق راحة أبنائها, ويجعلهم يعيشون حياة تعيسة، وكلى ثقة فى أن روح الحب سوف تتغلب على الروح الشريرة التى تسيطر على شقيق زوجتك, وسوف يرتد خائبا بإذن الله، أما عن القانون الذى يحول بين الأب وبين أبنائه فى مثل ظروفك فهو بالفعل قانون جائر لعل المشرعين يتنبهون إليه ويتولون تعديله. ولله الأمر كله وهو وحده فعال لما يريد.