أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
صياغة جديدة لمشروعات الترجمة تناسب روح العصر
9 أبريل 2017
أحمد عبد العظيم

سادت مشروعات الترجمة العشوائية فى القرن العشرين رغم الجهود الكبرى مثل سلسلة الألف كتاب الأول وكانت الترجمات تتم بشكل فردى من ناحية اختيار الأعمال المراد نقلها إلى العربية دون استراتيجية واضحة، بجانب التفاوت الكبير فى مستويات الترجمة والاختصارات المخلة لدى دور النشر الأخرى التى شوهت أعمالا إبداعية رفيعة المستوى.


وهذه الوضعية المركبة وعوامل أخرى أثرت على وجود ترجمات مصرية وعربية رصينة، فنتج عنها وجود فجوات معرفية تعانيها الثقافة العربية فى بنيتها الأساسية حتى الآن، ونحن فى هذا التحقيق نناقش مع أصحاب مشروعات وسلاسل الترجمة القائمة حاليا اتجاهاتها ومشكلاتها، وما الذى تضيفه لتراث الترجمة المثالية.



مركز الترجمة



فى منتصف التسعينيات من القرن الحالى صدر عن المجلس الأعلى للثقافة الكتاب الأول ضمن مشروع ضخم وضع له د. جابر عصفور دستورا يهدف إلى ترجمة الأصول المعرفية التى أصبحت أقرب إلى الإطار المرجعى فى الثقافة الإنسانية المعاصرة جنبا إلى جنب المنجزات الجديدة التى تضع القارئ فى القلب من حركة الإبداع والفكر العالميين، الخروج من أسر المركزية الأوروبية وهيمنة اللغتين الإنجليزية والفرنسية والتوازن بين المعارف الإنسانية فى كل المجالات والانحياز إلى كل ما يؤسس لأفكار التقدم وحضور العلم وإشاعة العقلانية والتشجيع على التجريب وقد وصل عدد الكتب التى نشرها إلى ألف كتاب وعندها توقف المشروع ليستكمله المركز القومى للترجمة كمركز متخصص.ولكن هل هناك توجه فكرى مختلف عن المشروع الأم؟



د. أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة يحدد استراتيجية إدارة آليات الترجمة بقوله الترجمة مهمة لأى ثقافة لأنها تحقق ثلاث فوائد أولاها تعرفنا إلى أين يسير العالم ،ثانيتها تتيح لنا فرصة التقييم المقارن تأكيدا على وحدة العقل الإنسانى ودونها يصبح الرصيد الفكرى المتاح لتجاوز الأزمات محدودا للغاية. وثالثها تأتى اتجاهاتنا لتغطى كل مناحى المعرفة الإنسانية، وهذا ما يجعل المركز القومى للترجمة متميزا عن منظمات الترجمة العربية ومشروع كلمة الإماراتى وغيره. إلى جانب أننا نعقد ندوات تناقش قضايا مصرية ونتناول الترجمات التى تعرضت لها فى الثقافات الأخرى مثل قضية الدين فى المجتمع والتأمين الصحي. ولدينا أسلوب واضح فى اختيار الكتب المراد ترجمتها يعتمد على لجان من خارج المركز كل فى تخصصه تفصل فى تلك الموضوع بعد ان تتلقى مقترحات من المترجمين والسفارات الأجنبية ودور النشر العالمية ولدينا ثمانين عقدا لمشروعات النشر المشترك مع مراكز ثقافية أجنبية ومعهد الترجمة الروسى وسفارات من جميع أنحاء العالم توفرعلينا تكاليف حقوق الملكية الفكرية علاوة على الكتب القديمة التى سقطت عنها حقوق الملكية الفكرية.



جيل جديد من المترجمين



انطلق مشروع الألف كتاب الأول فى منتصف الخمسينيات برئاسة د. حسين مؤنس فى وزارة التربية والتعليم لنشر الكتب المترجمة والمؤلفة لنشر الثقافة العامة الذى خرج من رحم لجنة الترجمة والتأليف والنشر وكانت تضم الدكتورين زكى نجيب محمود وأحمد امين وغيرهما، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة وتعهده كبار المثقفين بهيئة الكتاب على رأسهم د. سهير القلماوى ثم تولاه الشاعر صلاح عبد الصبور الذى منحه صفة المشروع الأساسى وبعده كان د.سمير سرحان واتجه نحو الكتب والمراجع العلمية فى المصريات والسينما والكلاسيكيات وفى ظل الإدارة الجديدة للهيئة برئاسة هيثم الحاج وتولى د. محمد عنانى رئاسة سلسلة الألف كتاب الثانى فإلى أين تتجه أفكارها؟.



يقول: د.عنانى نركز فى ترجمة أهم الكتب العالمية التى تمس واقعنا المعاصر مثل مشكلة المياه فى العالم الثالث وإصدار بعض الموسوعات فى العلوم الإنسانية كموسوعة علم اللغة الاجتماعى فى حدود 12 كتابا فى العام وكلها من ترجمة جيل جديد شاب من المترجمين القادمين من خارج القاهرة وهم من خيرة تلاميذى وأقوم بمراجعتها بشكل شخصى لتخرج فى صورة لائقة.



أطلس للغات العالمية



سلسلة الجوائز العالمية تصدر عن هيئة الكتاب منذ 11 عاما ونشرت العديد من الكتب المترجمة وذات انتشار معقول وتولت د.دينا مندور رئاسة تحريرها مؤخرا ترى كيف ستدير تلك السلسلة؟ وهل لديها إضافة شخصية على ما سبق؟ هدفنا إحداث المزيد من التطوير بعد حصر العناوين واللغات الممثلة فى الكتب التى صدرت من خلال ما يشبه الأطلس للغات والثقافات هكذا بادرتنا د. دينا مندور وأضافت تبين لنا وجود لغات غير ممثلة كالروسية فأصدرت رواية زمن النساء لإلينا تشيجوفا وترجمة د. محمد نصر الجبالى وانوى الاتجاه نحو اللغات النادرة والأدب العربى المكتوب باللغة الفرنسية حيث نشرنا رواية بعنوان ايامنا الحلوة للأديب موحا صواك ،وسيكون لنا السبق فى نشر رواية مجهولة لم تترجم للعربية من قبل للأديب الروسى الشهير ليو تولوستوى ورغم ضعف ميزانيتنا إلا أن سلسلة الجوائز منتظمة الصدور وننافس دور النشر العربية رغم ان شراء حقوق الترجمة مرتفعة ولدينا اعمال جاهزة للنشر واخرى قيد الترجمة.



ذروة الإبداع



الشاعر رفعت سلام أحد المهتمين بالترجمة فبجانب جهوده الشخصية فى ترجمة الأعمال الكاملة لرواد الحداثة الأوروبية تولى رئاسة تحرير سلسلة آفاق الترجمة الصادرة عن هيئة قصور الثقافة ومنذ 4 سنوات أضاف سلسلة جديدة وهى المائة كتاب تقدم كما يزعم ذروة الإبداع العالمى من الإلياذة لهوميروس ودونكيشوت وديكاميرون والكوميديا الإلهية مرورا بتولوستوى وجيمس جويس إلى ماركيز وعشرات غيرهم وهو الحد الأقصى لما أبدعه الخيال الإنساني، تخلو السلسلة من الأعمال متوسطة القيمة، ومنهجنا يتكئ على عدم الحذف أو التحريف وتحقيق اقصى دقة ممكنة والحرص الشديد للإبقاء على السمات الأسلوبية لكل مؤلف وهو ما يتجاهله المترجمون فى المشروعات الأخري، وكذلك لا نقبل أى ترجمة عن لغات وسيطة، ويشكو سلام من عدم انتظام صدور السلسلة لأنها تعطلت لمدة 10 شهور فى العام الماضى بدعوى أنه سيتم ضمها إلى المركز القومى للترجمة وهذا ماكنت ارفضه وقد عادت للظهور منذ 3 أشهر فقط وصدر منها 3 كتب دفعة واحدة ولكنى لا أعرف متى سيصدر العدد القادم مما ترتب عليه تراكم 20 نصا مترجما لا يعرف أصحابها متى ترى النور؟ بل الغريب ان السلسلة لا يطبع منها سوى ثلاثة آلاف نسخة فقط رغم أنها تنفد بعد صدورها كما أن أجر الترجمة لا يتناسب مع جودتها.



بادرة أمل



جرجس شكرى، أمين عام النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة يقر بتعثر السلسلة لتغيير المسئولين ورغبة بعضهم فى إلغائها وحاليا يعاد هيكلتها لضمان استقرارها وانتظامها وبعد تولى د. سيد خطاب رئاسة الهيئة التى تخضع مشروعاتها الكبرى لمراجعة شاملة لإيجاد رؤية جديدة لتطويرها وقد تم تغيير المطبعة ونبحث زيادة سعر الترجمة وتوقيع بروتوكول مع هيئة الكتاب ودار المعارف لبيع سلاسلنا عبر مكتباتهما وتفعيل منافذ الهيئة بقصور الثقافة ونحن نصدر 18 سلسلة نبحث تطويرها أيضا فى إطار ان قطاعات وزارة الثقافة تتكامل ولا تتنافس.كما اننا لا نعانى من أى مشكلات مادية على الاطلاق.