أكد الدكتور نصر فريد واصل، عضو هيئة كبار علماء الأزهر ومفتي الجمهورية الأسبق، أن انتشار حالات الطلاق وارتفاع معدلاتها سببه الحالة الاقتصادية والثقافية للزوجين،
◄ «الخطاب الدينى» مسئولية مجتمعية والتربية الدينية حصانة للشباب
وأنه لو تم حل هذه المشكلات وعرف كل فرد ما له من حقوق وما عليه من واجبات لانخفضت معدلات الطلاق وفقا للواقع العلمى الذي أقرته دار الإفتاء المصرية وبيان هيئة كبار العلماء. وأوضح أن بيان هيئة كبار العلماء حول وقوع الطلاق الشفوي لا علاقة له بالسياسة، بل هو بيان علمي وديني وشرعي.
وأشار إلى أن القرارات والتوصيات التي تصدر عن المؤتمرات الدينية تحتاج إلى دعم الدولة لتنفيذها على أرض الواقع، مؤكدا أن محاربة الإرهاب والفكر المتطرف تقع على عاتق المجتمع بأسره وأنها مسئولية جماعية لا فردية.
وأوضح في حوار مع «الأهرام» أن التقريب بين المذاهب الفقهية قائم على المستوى العلمي في الأزهر وإنما المشكلة في التقريب السياسي. وأن تفعيل مادة التربية الدينية والأخلاق في كل المراحل التعليمية هى الحصانة لحماية الشباب من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب.. والى نص الحوار:
تعرضت هيئة كبار العلماء بعد بيانها الأخير بشأن الطلاق الشفوى لموجة من الانتقادات.. كيف ترى ذلك؟
هذا أمر به مغالطة فهيئة كبار العلماء تقوم على حراسة العلم والدين وهذا هو واجبها وهى في هذه الحالة لا تخرج عن مبادئ وقواعد الشرع، والرأى الذي تقره وتحدده هو في صالح المجتمع لأننا ملتزمون بالنص الشرعى والدينى الذى لا يتعارض مع القرآن والسنة.
ولكن بيان الهيئة يعتقد البعض انه كان مسيسا، حيث تحدث عن الغلاء وندرة فرص العمل وعدم توافر الأسباب المعيشية التى تؤدى إلى الطلاق، ما صحة تلك الاتهامات من وجهة نظركم؟
بيان هيئة كبار العلماء لا علاقة له بالسياسة بل هو بيان علمى ودينى وشرعى، وإنما طبقا للواقع العلمى التجريبي والواقع الفعلى لدار الإفتاء المصرية انه من خلال التقرير والتحليل من خلال 3500 حالة شهريا تأتى إلى دار الإفتاء في التقارير يفتى فيها من 1 إلى 3 أفراد كان سبب أغلب حالات الطلاق أنها كانت تتعلق بالحالات الاقتصادية والثقافية للزوجين، وان هذا هو واقع أمامنا كما أكد البيان أن حل المشكلات والخلافات يتوقف على معرفة كل فرد بحقوقه وواجباته تجاه الطرف الآخر فلو عرف كل الإنسان ما له وما عليه ستحل كل هذه المشكلات وهذا ليست له علاقة بالسياسة إطلاقا بل له علاقة بالواقع الفعلى الذي كان أمامهم في دار الإفتاء.
وهل «طلاق الإنترنت» أو «طلاق التواصل الاجتماعى» يقع أم لا ؟
هذا الطلاق لا يمكن أن نعتبر بوقوعه، بل لابد أن نعلم الأسباب التى جاءت وراء هذا الطلاق ولا يعتد به بل يعتد به بعد أن يحضر الزوج ويسأل عن ذلك وهل كان في حالة طبيعية أم كان لعوامل شقاق وشجار وإغلاق على العقل؟ ولا يحكم إلا بعد حضور الشخص وإقراره بالطلاق.
وبماذا تفسر الهجوم على الأزهر ولماذا تصاعدت وتيرته الآن ؟
لأن الأزهر يمثل وسطية الدين الإسلامي ورسالته عالمية ولا يتحزب لمذهب معين بل يجمع كل الاجتهادات والأفكار الخاصة بالشريعة الإسلامية، وهو يجمع بين كل هذه المذاهب وهو يعتمد على الدليل الشرعى ويأخذ الحكم الشرعى في الأحكام بهدف إصلاح المجتمع ومن هنا أن مصر محتضنة الأزهر وهى محفوظة بحفظ الله والأزهر داعم لهذه الدولة وتعتبر مركز الثقل للعالم كله، وهى كنانة الله في أرضه ومصر عصية على كل المستعمرين المتجبرين، ومن هنا فإن مصر والأزهر لهما المكانة الكبيرة جدا من الناحية العلمية والثقافية من تاريخ قديم جدا بفضل الله وبفضل الأزهر وبفضل القائمين على هذه الدولة الحريصين على حقوق الفرد والجماعة وان مصر عصية على الاستعمار، والأزهر إذا سقط سقطت مصر.
بصفتكم عضوا بهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية.. ما الفرق بينهما وما الدور المنوط بهما؟
هيئة كبار العلماء هى الهيئة العليا المتخصصة بدقة في الأحكام الشرعية والدينية، والقانون جعل أعضاءها من المتخصصين من خريجى الأزهر على وجه التحديد. أما مجمع البحوث الإسلامية فيقبل في عضويته أن يكون من غير خريجى الأزهر مثل خريجى الاقتصاد والطب وغيرهم ويستعان بهم في بيان الحكم الشرعى، وقراراته تعرض على هيئة كبار العلماء، ولمجمع البحوث الإسلامية بحوث مستقلة في الفقه والتفسير، وكل القرارات تعود لتعرض على هيئة كبار العلماء.
المؤتمرات الدينية التى تنعقد تحت «شعارات دينية» عريضة ألا ترى أنها مكررة وتوصياتها تظل حبيسة الأدراج ولا ترى النور. ما السبيل الى تفعيل تلك التوصيات على ارض الواقع؟
هذه المؤتمرات من باب تجديد الخطاب الدينى ودعوة الناس لدرء المفاسد وجلب المصالح، وهذه المؤتمرات تجمع كل الأطراف والثقافة محليا وعالميا، وتطلق قرارات وتوصيات، وأطالب الدولة بتفعيل تلك التوصيات تفعيلا حقيقيا وليس العيب فيما يصدر عن المؤتمرات بل لابد أن تفعل هذه التوصيات وان تقوم الدولة بذلك.
هل نحن بحاجة لقانون لتقنين الفتوى في مصر؟
نعم نحن في حاجة لذلك وكثيرا ما طالبنا به في أوقات كثيرة وما زلنا نطالب بذلك من خلال الجهات المتخصصة كهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية وهى ما تقر بذلك وتحدد من هو صاحب الفتوى، حتى لا يحدث تباين آو خلافات لان هذا يؤثر على المجتمع كله.
ومن هو الشخص المؤهل للإفتاء؟
هو ما تقرره وتحدده هيئة كبار العلماء.
ما هى رؤيتك لتشريع قانونى يمنع وسائل الإعلام من استضافة غير المؤهلين للفتوى؟
نعم إطالب بتشريع قانونى لمنع غير المتخصصين من الظهور في وسائل الإعلام واستضافة من يعرض الأحكام الشرعية فقط .
ما هو تقييمكم لحال الدعوة والإفتاء في مصر؟
الإفتاء والدعوة تقوم بمهمتها على الوجه الأكمل والأمر يحتاج الى قبول هذه الدعوة من خلال المؤهلين لها وهم إن يكونوا على درجة علمية وثقافية معينة، وهذا يتطلب تفعيل مادة التربية الدينية في المدارس بجميع مراحلها الابتدائية والإعدادية والثانوية ولابد ان تكون مادة إجبارية أساسية كأى مادة علمية وكأى مادة في وسائل التعليم وهذا تأسيس يجعل الإنسان مؤهلا لأن يتقبل أى مفهوم يتعلق بالإفتاء أو الدعوة وبالتالى تكون حصانه له ضد الأفكار المغلوطة التى تحوله لاتجاهات تضر المجتمع لأنه إذا حدث ولم يكن لدى الإنسان ثقافة دينية أو علمية فهو يكون مؤهلا للأفكار المغلوطة من خلال جماعات محظورة، وبالتالى يجب أن نركز على أن تكون مادة الدين والأخلاق في كل مراحل التعليم وهذا هو الطريق الحقيقي لمواجهة التطرف والإرهاب.
بعد المطالبات المتكررة للرئيس أكثر من مرة في خطاباته بتجديد الخطاب الدينى كيف يحدث ذلك وما هو تقييمكم للخطاب الدينى الحالى؟
«تجديد الخطاب الدينى» مسئولية مشتركة تقع على كل مؤسسات الدولة لأن الخطاب لابد له من مخاطب، ومستقبل ولابد أن يتواصل الاثنان معا فيجب على المستمع أن يكون مؤهلا لهذا الأمر من خلال التعليم والثقافة ووسائل الإعلام المختلفة فالمسئولية جماعية وليست فردية.
ومن المسئول الأول عن تجديد الخطاب الدينى؟
المجتمع كله وليس الأزهر فقط وكله في مجال تخصصه فعندما يبين العالم الحكم الشرعى والطرف الآخر لا يستقبله ولا يسمعه فما الفائدة؟!
وكيف يمكن تطوير المناهج الأزهرية؟
المناهج الأزهرية تطور ذاتها بذاتها والتراث القديم منه ما يوافق العصر ومنه ما لا يوافقه ونحن نأخذ منه ما يتوافق مع العصر والأزهر متجدد في ذاته ويجدد من العلم والمناهج فلا تعارض وهو يقوم بواجبة خير قيام.
وكيف يمكن مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب؟
محاربة الإرهاب تقع على المجتمع كله وليس على جهة معينة (جانب ثقافي، جانب تعليمى، امني، معرفي ) فمسئولية محاربة الإرهاب مسئولية جماعية وليست فردية .
هل التقريب بين المذاهب الفقهية ضرورة للقضاء على التطرف والإرهاب والتكفير؟
التقريب بين المذاهب، أمر قائم والأزهر وكليات الشريعة والقانون تقوم بهذا الدور وهذا ضمن الدراسات الأساسية المنهجية ولا حرج في ذلك والتقريب في الجانب العلمى قائم وإنما المشكلة هى التقريب السياسى.
فى ظل تعدد وانتشار الجرائم الاجتماعية.. كيف يمكن إحياء منظومة الأخلاق والقيم من جديد؟
التعليم هو أساس المجتمع، فعندما يتعلم الفرد في المدارس بكل مراحلها الحقوق والواجبات وما هو حق الله؟ وحق العباد؟ بما يناسب الزمان والمكان لهذا أطالب بتفعيل مادة التربية الدينية لأنها الحصانة التى تحمى الجميع.