لا أدرى لماذا تعرض قرار هيئة كبار العلماء برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بصحة «الطلاق الشفوي» واستيفاءه كل أركانه، لانتقاد شديد من قبل بعض الدعاة والصحفيين وحاولوا إثارة فتنة بين مؤسستى الرئاسة والأزهر وكأن الطلاق أصبح بائنا بينهما. فعندما تقر أعلى هيئة إسلامية ما سلف، فهذا يعنى أنهم ناقشوا الأمر بكافة جوانبه، بغض النظر عما قاله الرئيس لشيخ الأزهر فى احتفال عيد الشرطة. فالأمر ليس قرارا رئاسيا وعلى الأزهر قبوله وإقراره، والمسألة ليست كما تصور منتقدو بيان الأزهر الذين صرخوا فى وجه «كبار العلماء» وتخيلوا أنفسهم حراسا على الوطن أو حماة له.
كما أن الأمر ليس تحديا أزهريا لقرار رئاسي، والرئيس نفسه برئ من تصوراتهم المفرطة فى الخيال. والمعروف أن الأزهر على مدى تاريخه – الحديث على الأقل - لم يخسر جولة أمام حاكم، فكيف ينتفض داعية ويزايد على الأزهر ويدعى أن «الطلاق الشفوي» وراء تفرق الأسر وتشتت المجتمعات وانتهاك الأعراض..ونرى أستاذ فقه يعلن تمسكه بفتواه بعدم وقوع الطلاق الشفوى وضرورة الإشهاد عليه وتوثيقه عند المأذون الشرعي، وهو نفسه الذى سبق ووصف وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم والرئيس السيسى عندما كان وزيرا للدفاع بأنهما مثل «موسى وهارون».
ويتمادى إعلامى كبير فى الهجوم على الأزهر مدعيا أن بيانه حوى غمزا ولمزا لا يجوز وتضمن ما يمكن اعتباره تحريضا ضد الدولة بالخروج عن أصل القضية محل الجدل والخلاف ليشحن المشاعر ضد الأوضاع الاقتصادية. ثم يطالب الكاتب الأزهر بعدم المكايدة السياسية مع الدولة وأن يكون داعما لها، بدلا من بيانه الذى «يحمل دلالات الرغبة فى صنع أزمة بدلا من تصدير عبارة متزنة تستهدف تضييق المسافات بين من ينادون بتقنين الطلاق ومن يعارضون ذلك».
لقد مارس هؤلاء تحريضا سافرا ضد الأزهر معتبرين كلمة اطلقها الرئيس وكأنها «دين جديد» يجب أن نؤمن به جبرا وليس اقتناعا. وتعمد المزايدون على الأزهر – وهم كثر- إغفال ما جاء فى بيانه بضرورة أن يبادر المطلق فى توثيق هذا الطلاق فور وقوعه حِفاظا على حقوق المطلقة وأبنائها.
ولكن ماذا نقول فى هؤلاء الذين يذرفون الدمع ليس خوفا على دين أو وطن، وإنما لما يعتقدونه بأنهم يتقربون بذلك من الرئيس، وهو منهم برئ.