أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
من 25 يناير إلى 30 يونيو:
حكاية ثورتين وشعب يحلم بالاستقرار
26 يناير 2017
> تحقيق ــ سيد صالح

> لا تزال ثورة يناير حبلى بالأسرار والخبايا، وواهم من يظن أن تاريخ ثورة يناير قد اكمل فصوله أو أغلق أبوابه بعد، ولكن ألا يحق لمن كسر حاجز الخوف ووقف أمام عتاة الاستبداد أن تهتم به الدولة وتضعه على رأس أولوياتها؟ هذا بالفعل ما حدث، فقبل أن يغرب العام الخامس للثورة ويشرق عامها السادس كان الشباب الوقود الأول للثورة حاضرا أمام الرئيس وخصص له عاما باسمه وهو 2016 العام الخامس للثورة.





من رحم المعاناة تولد الثورات.. والمعاناة هى التى دفعت المصريين للثورة مرتين، مرة فى 25 يناير 2011، تجسدت فى الاستبداد والكبت، والفساد السياسي، وزواج المال والسلطة، وتزوير الإرادة الشعبية، وتدنى الأوضاع المعيشية، وتزايد معدلات الجهل، والفقر، والمرض، وبزوغ مخطط التوريث، خرج المصريون ثائرين حالمين بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.. ثم ثار المصريون مرة أخرى فى 30 يونيو 2013.. لتصحيح أخطاء يناير.. ووضع نهاية لحكم جماعة الإخوان الإرهابية، التى اتسمت ممارساتها بالفاشية الدينية، وهيمنتها على مقاليد الحكم، وانتفض المصريون لاسترداد الدولة، وعزل محمد مرسي، الذى سعى وجماعته لطمس الهوية الوطنية.



 







. فى 25 يناير 2011 - الذى يوافق احتفال الشرطة بعيدها السنوي- خرج الشعب عن صمته.



وعانى المصريون الأمرين، ثم انقضت جماعة الإخوان الإرهابية على الثورة، وسرقتها لتحقيق أهدافها وليس لتحقيق أهداف المصريين ومطالبهم التى رفعوها خلال ثورة يناير، وجاءت الانتحابات الرئاسية بمحمد مرسى رئيسا للبلاد، وبعد عام و3 أيام من حكم محمد مرسى وجماعته، خرج المصريون فى ثورة جديدة، يوم 30 يونيو2013، بعد أن أثبت «المعزول» أنه ليس رئيسا لكل المصريين، وأن مصالح جماعته تعلو فوق مصلحة الوطن.



وهكذا، أنهى الشعب المصرى حكم محمد مرسي، بعد عام وثلاثة أيام فقط قضاها فى الحكم. ارتكب خلالها ـ وفقا لتقرير الهيئة العامة للاستعلامات عن أهم أسباب التى دفعت الشعب للقيام بثورة 30 يونيو ـ أخطاء فادحة، أنهت العلاقة بينه وبين الشعب خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر، والتى كانت البلاد فيها أحوج ما تكون لاستثمار كل يوم للبناء، والتقدم، والنمو، والاستقرار، وجاء الرئيس السيسى بانتخابات حرة نزيهة، وتحققت الاستحقاقات الدستورية، واكتملت خارطة الطريق، وأصبح هناك برلمان يعبر عن الشعب.



كانت 25 يناير ـ كما يقول الدكتور رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع ــ نموذجا حقيقيا لتحرك الشعب المصرى فى تاريخه الحديث والمعاصر، وظن البعض أن الإخوان هم القادرون على إدارة شئون البلاد، بينما كانت ثورة 25 يناير، التى كانت بمنزلة درس حقيقى للشعب المصرى، وعلمته ألا يثق فى العدو الخارجى التقليدي، ولا فى العدو الداخلى وهم جماعة الإخوان الإرهابية، والعناصر التى تأكل على كل الموائد. وعلى أى حال، فإنه دون 25 يناير ـ كما يقول د.رفعت السعيد ـ لم تكن هناك 30 يونيو، التى كانت بمنزلة الإنقاذ النهائى لمصر من براثن الإرهاب والفوضي، لكن يبقى أن تاريخ 25 يناير لم يكتب بعد، وهناك العديد من التساؤلات التى مازالت حائرة بلا إجابة، كانهيار جهاز الشرطة، واقتحام مبنى أمن الدولة، وحرق مقر حزب التجمع، وغيرها من أعمال الحرق والتدمير.



30 يونيو .. ثورة تصحيح المسار



وبشكل قاطع، كانت حالة احتقان، وعدم رضا عن أداء مبارك فى السنوات الأخيرة.. هكذا قال لنا الفقيه الدستورى الدكتور صلاح الدين فوزى أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وعضو لجنة الإصلاح التشريعي، مشيرا إلى أن ثورة يناير عكست ثقافة الاعتراض والرفض والاحتجاج لدى قطاعات من الشعب، إلى حدود التجاوز، ثم كانت ثورة 30 يونيو تصحيحا لمسارها، مؤكدا أننا سائرون على الطريق الصحيح.



الشعب أسقط المؤامرة



وفى ذكرى ثورة 25 يناير ـ كما يقول فادى عيد المحلل السياسى ـ نؤكد أنها ثورة شعبية كسرت حاجز الخوف لدى المواطن المصرى وهو أهم وأبرز مكتسبات يناير2011 بات شعبنا العظيم نفسه فى صدارة المشهد، ففى لحظة فارقة من عمر الوطن، ـ استشعر فيها الشعب المصرى لحظة من اللحظات ان هناك أيادى خبيثة تدفع بالوطن الى المجهول، وان هناك من استخدم الدين كقناع لأهداف خادعة، وانتفض الشعب المصرى لإسقاط كل أضلاع المؤامرة، ولكى تظل مصر باقية فوق رماد مؤامراتهم.



والآن ـ كما يقول فادى عيد ـ يجنى الشعب المصرى نتاج كل تلك اللحظات التى لخص فيها كفاح عقود، وتمثل 25 يناير لحظة كسر الخوف، و لحظة انتصار الشعب لعقيدته الدينية، وهويته الوطنية، لحظة دفاعه عن تراب وطنه المقدس، مع أبناء جيشه ورجال شرطته.



30 يونيو فى مواجهة الفاشية الدينية



قامت ثورة 30 يونيو ـ كما تقول الدكتورة نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة- لأسباب عديدة، أولها الدفاع عن الهوية المصرية، بعد أن حاولت الجماعة طمسها، وتغييرها، وتشويه تاريخ مصر، ودمجها بكيانات لا علاقة لها بها، فقد قامت الثورة دفاعا عن مصر وهويتها، أضف إلى ذلك عدم الرضا الذى انتاب المصريين، بسبب ممارسات الجماعة، وتسلطها، وديكتاتوريتها، واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ولم تكن هناك بوادر أمل فى تحقيق مطالب المصريين التى خرجوا من أجلها فى 25 يناير، مطالبين بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، والكرامة الانسانية، وكذلك الفشل الذريع للرئيس المعزول ونظامه، الذى كان معنيا فقط بالاستحواذ والهيمنة على جميع مفاصل الدولة.



الثورة.. الدوافع والأهداف



وقد مرت السنة الأولى والأخيرة من حكم الجماعة حافلة بالعثرات والأخطاء، فلم تكن جماعة الإخوان الإرهابية ـ كما يقول الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ـ تمتلك مشروعاً حقيقيا يضيف لمكتسبات الشعب المصري، وبأنها لا تضع مصلحة مصر كدولة ضمن أولوياتها، حيث كانت تنظر إلى الأمور من خلال منظار الجماعة فقط، ولم تكترث لكل الكوارث التى قد تجرها على الاقتصاد المصرى جراء سياساتها العشوائية ومن ثم فإن ثورة 30 يونيو، ما هى إلا تصحيح لمسار ثورة 25 يناير، التى اختطفتها الجماعة الإرهابية.



نموذج الدولة التنموية



ولاشك أن النظام السياسى الجديد المنبثق من ثورة 30 يونيو، كما يقول السيد يسين أستاذ علم الاجتماع السياسي- يعيد فى الواقع صياغة دور الدولة، ويفسح الطريق واسعا وعريضا، لعودة نموذج «الدولة التنموية»، وقد بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى هذا العصر التنموى الجديد فى مصر، بمشروع قناة السويس الجديدة، التى اعتمد فيها لأول مرة فى تمويلها على الاكتتاب الشعبى،الذى نجح نجاحا ساحقا، مؤكدا أنه فى بداية عهد الرئيس السيسي، عادت الدولة التنموية لتلعب الدور الأساسى فى التنمية، مما يعنى أن الدولة هى الطرف الأساسى فى أى نظام سياسي، وأصبحت مهمة التنمية القومية هى رسالتها الأساسية، و بشروط الدولة، وتحت رقابتها، ودون الفساد، الذى نهب ثروتها الوطنية.