أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
الحدود أم الدستور والقانون؟
18 يناير 2017
أحمد عبد التواب

من غرائب المناقشات التى يُبدِى فيها كثيرون جدية شديدة ويسعون إلى فرض منهجهم وأفكارهم على الحوار العام، ما حدث فى الجريمة الإرهابية البشعة التى ذُبح فيها المواطن السكندرى المسالم يوسف لمعي،
حيث برَّر الإرهابى جريمته بأنه طبَّق ما يراه الحدّ الشرعى على من يبيع الخمور! فإذا بفئة تصف نفسها بالاعتدال والوسطية تنبرى لتؤكد أن الجلد وليس القتل هو الحد المفروض على بائع الخمور، ثم راحوا يختلفون بعد ذلك حول عدد الجلدات! أى أنهم لا يعتدّون بأن هناك دستوراً، وأن الشعب أجازه بأغلبية ساحقة، وأنه ينصّ، وبدءاً من ديباجته، على استهداف بناء دولة ديمقراطية حديثة حكومتها مدنية، وأنه يؤسس لدولة القانون..إلخ

أضف إلى واقعة الذبح ما حدث أكثر من مرة، وكان يجب أن يثير الفزع لدى أى مهموم بالأمن العام، قبل أن يكون من دعاة الحداثة، عندما يلقى بعض المواطنين القبض على أحد البلطجية العتاة، وبدلاً من أن يسلموه للأجهزة الرسمية المختصة يقومون أيضاً بتطبيق ما يرونه حداً شرعياً، فينهالون عليه بالضرب المبرح ثم يقومون بشنقه بأنفسهم! ثم تختلف الآراء حول حق العامة فى تطبيق الحدود، وهو ما يجيزه بعضهم، فيما يصر المعتدولون على أن هذه مسئولية الوالي!

وقد وصل هذا الجدل المتجاهل للقانون إلى احتدام الخلاف حول مسائل لم تكن مطروحة قط فى الفقه الإسلامى فيما قبل العصر الحديث، مثل استخدام الميكرفون فى المساجد ورفع صوته إلى أقصى حد خارج حدود المسجد، وهو ما يجد له البعض تأويلات من التراث، دون اعتبار أنه بدعة حديثة وأن المفروض أن يضع لها القانون الضوابط الضامنة للسكينة ولراحة الموطنين. ومرة أخرى يتميز المعتدلون بأنهم مع توحيد الأذان، مع تصديهم بعنف لأى اقتراح بإلغاء استخدام الميكروفون خارج المساجد واعتبار أصحاب الاقتراح من أعداء الإسلام..إلخ

من أسباب هذا التجاهل للدستور والقانون أن التعليم المفروض على الناشئة يصر على تلقينهم الحدود فى حين أنهم فى طور يجب أن يترسخ فى وجدانهم احترام الدستور والقانون.

[email protected]