أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
الناقد محمود كحيلة: محفوظ كان سيحقق نجاحا عظيما لو استمر فى الكتابة للمسرح
10 يناير 2017
أحمد الحسينى هاشم

مرت علينا خلال شهر ديسمبر الماضى الذكرى 105 لميلاد أديبنا العالمى «نجيب محفوظ» الذى ولد فى الحادى عشر من شهر ديسمبر عام 1911، وتزامنت هذه الذكرى مع تطاول البعض على أديب نوبل، ومحاولة النيل من أدبه، فكانت ذكرى ميلاده فرصة لاستعراض بعض جوانب أدب محفوظ، التى قد يجهلها من انتقده.


وكان يفترض أن تنشر هذه التغطية لأدب محفوظ قبل عدة أسابيع، لكن انشغال صفحة «أدب» بتغطية الفعاليات الثقافية التى شهدتها مصر خلال الأسابيع الماضة، أدى إلى تأجيل نشر التغطية التى نقدم بعضها هذا الأسبوع، والبقية فى الأسبوع القادم إن شاء الله.

تحت عنوان «نجيب محفوظ كاتبا مسرحيا» أصدر الكاتب والناقد المسرحى محمود كحيلة أحدث كتبه، رصد فيه الأعمال المسرحية لمحفوظ، حيث أكد أن محفوظ كتب مسرحيات ذات فصل واحد نشرها، على استحياء، داخل مجموعاته القصصية، ولذلك أصبح المسرح جانبا مجهولا فى مسيرته الإبداعية. وأضاف أنه بسبب خيبة الأمل التى منى بها نجيب محفوظ وجيله من المبدعين والمفكرين عقب نكسة 67، أدركوا أن المسرح هو المنبر القادر على استيعاب صدمة هذا الحدث وتداعياته، فهو فن المواجهة الأول بين المرسل والمستقبل، فكتب محفوظ للمسرح بحرص وقلق من مزاحمة عمالقة المسرح أمثال محمود دياب، وألفريد فرج، وتوفيق الحكيم، ولذلك، ودفاعاً عن نفسه من تهمة مزاحمة المسرحيين، صرح فى أكثر من مناسبة بأنه «ليس كاتبا مسرحيا» تجنبا لأية شبهة أو صراع كان عليه أن يخوضه لينضم إلى كتيبة المسرحيين.

وأشار إلى أن مسرحيات نجيب محفوظ نُشرت ضمن ثلاث مجموعات قصصية أولها مجموعة "تحت المظلة" التى ضمت خمس نصوص مسرحية هى: «التركة» و«مشروع للمناقشة»، و«المهمة»، و«طوق النجاة»، و«يميت ويحيى»، وتعد مسرحية «التركة» أبرز هذه المسرحيات، وهى نص مسرحى من فصل واحد، يُحرك أحداثه من العالم الآخر شيخ صالح صاحب كرامات، استشعر قرب أجله فخرج إلى الخلاء ليلقى ربه وفاء لنذر كان قطعه على نفسه، وقبل أن يغادر بيته، أو خلوته، أوصى بالتركة لابنه الضال الفاسد وكانت التركة عبارة عن ثروة مالية وكتب قديمة فى خزينة واحدة، وعندما يحصل الفتى على المال يهمل الكتب ويهم بالعودة إلى لهوه وفساده ومجونه، يداهم بيت أبيه رجل يدعى أنه مخبر ويتهمه بقتل والده، ويحاول ابتزازه ويسلبه أموال التركة، فيهاجمه الفتى محاولاً طعنه، لكن الرجل يقيده ويأخذ أموال التركة وينصرف، ثم يظهر أنه رجل ذو شأن كبير فى البلاد، وذلك عندما يعود ليساومه على بيع بيت والده.

وفى المجموعة القصصية «الجريمة» التى نشرت عام 1973، نشر محفوظ نصا مسرحيا وحيدا هو «المطاردة»، وهى مسرحية رمزية بطلاها شابان فى ريعان الصبا يرتدى أحدهما قميصاً أحمر، ولذلك سماه الكاتب «الأحمر»، والآخر يلبس قميصاً أبيض، ولذلك سُمى «الأبيض»، يدخل عليهما رجل أبيض الشعر متين البنيان يرتدى قميصاً أسود بيده سوط ، ويتحرك بسرعة تتغير بتغير عمرهما، فيكبران ويتزوجان من امرأة واحدة، وبرغم ما فى ذلك من خيال فإنه يقود القارىء إلى فهم شفرة المسرحية، وهى أن الأبيض والأحمر وجهان لشخصية واحدة بوجهيها الطيب والشريرأو المادية والمثالية.



وفى مجموعة «الشيطان يعظ» عام 1979 مسرحية بنفس الاسم مستلهمة من حكاية من ألف ليلة هى «مدينة النحاس». تجرى الأحداث فى عهد الخليفة «عبد الملك بن مروان»، وتدور حول قمقم يسكنه جنى يحصل من يمتلكه على قوة عظيمة تمكنه من فرض سلطته وسيادته على العالم، ولذلك يرسل الخليفة رجاله لاستطلاع الأمر فيصلون إلى مدينة مسحورة جمد الجن سكانها منذ عشرين ألف سنة عندما اغترت ملكتهم بقوتها السحرية، فادعت أنها إلهة وأن على شعبها أن يعبدها، فكان عقابها أن تتجمد مع شعبها لتظل عظة لمن يتعظ.



ويحتوى الكتاب ذاته على مسرحية أخرى بعنوان «الجبل».



ويؤكد محمود كحيلة أن المسرحيات السابقة تشير إلى أن محفوظ كان سيحقق، إذا استمر، نجاحا عظيما فى الكتابة المسرحية، وأنه كان قادرا على العطاء المسرحى إن أراد، لكنه فضل أن يختار السبيل الأحوط نحو مزيد من التقدم فى عالمه الروائى، وفضل ألا يزاحم المسرحيين وعاد مسرعا إلى قواعده الروائية.