أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
إشراف : أحمد البرى
حكاية الأنسولين
24 نوفمبر 2016
أحمد البرى;

برغم تأكدى من أن كميات الأنسولين المتاحة، والمتوافرة حاليا فى مصر تكفى مرضى السكر لما يقرب من ستة أشهر فإننى أشم رائحة أزمة قريبة مفتعلة فى هذا الدواء الحيوي، مما قد يلقى بظلال كثيفة على الأمن الاجتماعى والقومي، فنحن نتحدث عن هرمون الإنسولين وهو الدواء الوحيد المضمونة فعاليته لعلاج أى مريض بالسكر.. وتفسيرى لما أتوقعه ثلاثة عوامل هي:


الأول: إن المريض المصري، خاصة مريض السكر شديد الحساسية ـ ومعه الحق ـ لما يمكن أن يقال عن نقص هذا الدواء الحيوى خاصة فى ظل أزمة مالية يمر بها المجتمع، وتنعكس بالضرورة على أسعار كثير من السلع وكذلك فى ظل كم هائل من الشائعات حول اختفاء أو نقص الأنسولين تصرح بها وسائل التواصل الاجتماعى بطريقة تثير الشك والريبة وتكون النتيجة تكالبا غير مسبوق على تخزين الأنسولين علما بأن هذا التخزين قد يضر بهذا العلاج ويفقده فعاليته، وتكون المحصلة خسارة الجميع..



الثاني: هناك شكوى من الشركة المصرية لتجارة الأدوية بأن هناك تزاحما غير مبرر على شراء كميات كبيرة من الأنسولين وصلت إلى ما يقرب من ثلاثة أضعاف الكميات المعتادة فى الأسابيع الأخيرة، ويرجع ذلك إلى الجشع الذى يدفع بعض الصيادلة إلى تخزين أكبر كمية من هذا الدواء فى انتظار ارتفاع الأسعار فيزداد مكسبهم ويثرون على حساب المريض المحتاج لهذا الأنسولين، وقد يكون بينهم أيضا من ينتمون إلى جماعة الخراب أو المتعاطفين معها والذين يسعون بكل الطرق إلى اشعال نار الفتنة كما حدث فى أزمة السكر، والدولار والبنزين وغيرها.



الثالثة: نقص الوعى والخبرة السياسية لدى كثيرين من المسئولين فالكل كان يعلم بضرورة خفض قيمة الجنيه المصرى من أجل إعادة التوازن إلى سوق المال وكذلك الآثار المتوقعة من هذا الإجراء فى سوق الدواء. ولكن للأسف لم ألمس أى رؤية سياسية تعمل على مواجهة هذا الموقف بل رأيت عكس ذلك تماما من عدم التوافق بين الوزارة من ناحية ونقابتى الصيادلة والأطباء من ناحية أخرى مما أدى بالطبع إلى اشتعال الكثير من الأزمات الخطيرة فى المجال الصحى بصفة عامة وفى توافر المستلزمات الطبية والدواء بصفة خاصة ويبقى السؤال المهم.. ما العمل؟.. وفى رأيى يمكن اتخاذ ما يلي:



1 ـ إعلان حالة الاستنفار فى قطاع التفتيش الصيدلى بالتعاون مع الأجهزة الرقابية للتفتيش عن الصيدليات المخالفة وإغلاقها وتحويل أصحابها إلى المحاكمة العاجلة.



2 ـ التفتيش فى كل المخازن الخاصة بسلاسل الصيدليات الكبيرة التى تثور حولها الشبهات، خاصة فى مجال تهريب الأدوية والترويج لها على حساب الأدوية المصرية، ومما يثير القلق والدهشة فى هذا المقام أن يكون من بين المسئولين عن غرفة صناعة الدواء من سبق شطبه من نقابة الصيادلة بتهمة الاحتكار!



3 ـ الاتفاق مع الشركات العاملة فى هذا المجال على وضع سياسة جديدة تعتمد على مساعدة الدولة لهذه الشركات لاجتياز الفجوة التمويلية الحالية، وفى الوقت نفسه تقليل نسبة أرباح هذه الشركات إلى أن يتعافى الاقتصاد المصرى وأنا على يقين من خبرتى مع هذه الشركات بأنها لن تتخلى عن أداء واجبها الوطني.



4 ـ من الضرورى أن نبدأ الآن وليس غدا دراسة وضع خطط إنشاء خطوط إنتاج الأنسولين فى مصر معتمدين على الخبرة الأجنبية، والكفاءات المصرية، والرقابة الدولية المعتمدة لكى تكون مصر مركزا للإنتاج والتسويق فى العالمين العربى والأفريقي، ولن يتم ذلك إلا بالتعاون الوثيق بين جميع الأطراف.



5 ـ قانون التأمين الصحى الشامل تظل له الأولوية المطلقة فى طريق نجاح السياسة الصحية فى مصر.



6 ـ إعادة النظر فى جدوى المهزلة المسماة «العلاج على نفقة الدولة» وتحويل كل المخصصات المالية فى هذ الشأن إلى المستشفيات العامة والمراكز الصحية التى تقدم خدماتها أيضا على نفقة الدولة.



أعلم أن الأزمة صعبة، ولكنى أؤمن بأن توافر الإرادة وحسن الإدارة كفيلان بالوصول بنا إلى بر الأمان.



د. صلاح الغزالى حرب