أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
«تعـديلات تشـــريعية » يقودهـا البرلمـان
9 نوفمبر 2016
تحقيق ـ ناجى الجرجاوى [تصوير : نادر اسامة]


◄ بهاء أبوشقة : إعادة «قاضى الإحالة» للفصل بين سلطتى الاتهام والتحقيق

◄ إلغاء الأحكام الغيابية فى الجنايات..وضمانات عديدة للمتهم

◄ د.سوزي ناشد : تعديل قانون التظاهر استجابة لمقترحات الرئيس فى مؤتمر شرم الشيخ للشباب

◄ إجراءات جديدة للحبس الاحتياطى والمنع من السفر



 



 



الثورة التشريعية باتت مطلبا شعبيا الآن.. والعدالة الناجزة التى ننشدها جميعا لن تتحقق بدون اصلاح قضائى حقيقى بأسرع وقت ، ووجب معها إجراء تعديل قانون السلطة القضائية ليواكب التغيرات الحديثة التى طرأت على المجتمع المصرى ، وما بين البحث عن العدالة الناجزة السريعة وحماية حقوق المواطنين فى سرعة الفصل فى عشرات الالاف من القضايا المعطلة والمكدسة فى أروقة المحاكم ،



والبحث عن من يقود تلك الثورة التى نادى بها قضاة مصر منذ مايقرب من30عاما قضاها القضاء المصرى يعانى ويتألم أمام نصوص ومواد قانونية جامدة أثقلته بقضايا رهيبة ومتنوعة وقف أمامها عاجزا لا يستطيع تجاوزها نتيجة قوانين واجراءات صدرت منذ عهود طويلة لم تكن قادرة ولا كافية لمجاراة التقدم التقنى والعصرى الذى ينمو يوما بعد يوم بسرعة مذهلة ويحتاج الى تطور قانونى و تشريعى وتكنولوجى بنفس السرعة ، بعد ان أصبحت القضايا يقيمها الأجداد ويباشرها الأبناء ويحصد نتائجها الأحفاد .



بدأ مجلس النواب من خلال أعضائه واللجنة التشريعية والدستورية فى إطلاق الشرارة الأولى لثورته على القوانين البالية القديمة والاجراءات العقيمة التى تعوق سير العدالة الناجزة المنشودة من خلال طرح ومناقشة تعديلات القوانين الحالية وتنقيتها .



فى البداية أكد المستشار بهاء الدين أبو شقة رئيس اللجنة الدستورية و التشريعية بمجلس النواب ان مصر أصبحت أمام حالة من حالات الركود والجمود القانونى أو »الموت التشريعي«ولن نستسلم لقوانين عفا عليها الزمن .. عقيمة غير صالحة للتعامل نهائيا جعلتنا أمام كارثة كبرى حقيقية ، والعدالة الناجزة باتت ضرورة ملحة وعاجلة ولن تتحقق دون إصلاح قضائى حقيقى .



وقال ان هناك أمثلة عديدة على ذلك .. ففى مجال المحال العامة يحكمها قانون 371لسنة 1956مضى علية 60عاما ولاتزال العقوبة 5جنيهات فقط .. ، ففى احدى المواد عقوبة السماح بلعب القمار 5جنيهات ، وعقوبة السماح بتداول المشروبات الكحولية والروحية 5جنيهات رغم ان هذا المبلغ فى ذلك الوقت كان يسمح بشراء ثلاثة خراف ويفيض .. حيث كان سعر الخروف جنيها ونصف الجنيه ؟!.



وفى مجال المسطحات المائية والمراكب يحكمها قانون 10لسنة 1954والعقوبة 10جنيهات وعندما تحدث كارثة دائما ما نبحث عن شخص يتحملها كشماعة ونتباكى على الضحايا .. ونقيس على ذلك العديد من المواد والقوانين غير الصالحة للتطبيق .ويؤكد ابو شقة ان الاتجاه هو الاهتمام بحق المجتمع ولا يعنينا فى المقام الاول المجرم نفسه ، وانما يعنينا أن نبحث عن ظاهرة الجريمة وكيف تحدث وأسباب حدوثها وكيفية التصدى لها ، فالفكرة العقابية للجريمة هى الحيلولة دون وقوعها وهذه الاتجاهات الحديثة عالميا الآن وهو ما نفتقده حاليا فى مصر .



وقال : نحن أمام دراسة كاملة لكافة ظواهرالجريمة وأى خلل مجتمعى نعيشه فى كل مجالات الصحة والتعليم والصناعة والزراعة .... الخ.، مشيرا الى ان الفلسفة الحديثة لمعالجة أى ظاهرة قد تؤدى الى ضرر للمجتمع او تقف امام تقدمه. وأوضح أن ثورة التشريعات التى نقودها حاليا هى اولى المسائل التى يعانى المواطن المصرى منها الآن ، ولا نربطها بالارهاب ، فنحن ننادى بأن نكون أمام عدالة منصفة وناجزة ، فى نفس الوقت لابد مهما كانت درجة الجريمة ومدى الضرر الناجم عنها ان يحظى المتهم بحق عادل ايضا فى المحاكم .. لأن العدالة المتأخرة هى ظلم بعينه ..ومن سيعوض المواطن عن هذه السنوات التى ضاعت من عمره .



وأوضح أننا بصدد احداث ثورة تشريعية حقيقية لصالح المجتمع باجراء تعديلات على القوانين الحالية لتنقيتها ، فقانون الاجراءات الجنائية صدر منذ عام 1950وقانون العقوبات صدر عام 1937وقانون حالات الطعن فى النقض صدر عام 1959 ، وجميعها كانت صالحة عندما كان عدد السكان 16مليون نسمة ، وبقدر عدد السكان يكون قدر المشاكل القضائية ، ومع الزيادة السكانية وتعدد أنماط الجريمة بأشكال وأساليب مختلفة مثل الجرائم المعلوماتية والالكترونية أصبحنا فى حاجة الى نصوص إجرائية وموضوعية تكون منصفة وناجزة . وكشف عن ان هناك عدة مقترحات فى هذا الشأن نعمل على دراستها بشكل نهائي فى المجلس .. مؤكدا انه حمل هذا اللواء وان شاء الله سوف ينتهى منه لصالح مصر والمصريين ، مؤكدا ان المواطنين سوف يشعرون بأهمية ذلك قريبا جدا .



ضمانات للمتهم



واوضح رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب ان كل صغيرة و كبيرة تدرس بشكل متأن ، وفى التعديلات الجديدة وضعنا أولا ان تكون للمتهم ضمانات فى التحقيق والحبس الاحتياطى وقرارات المنع من السفر والتى لا يوجد قانون ينظمها .



مستشار الإحالة



وقال ان احد أهم التعديلات هو العودة الى منصب مستشار الاحالة ليفصل بين سلطتى الاتهام والتحقيق والاحالة، لأن ضمانة قضاء الاحالة كبرى ضمانات المتهم ، ويستطيع مستشار الاحالة بعد تسلم القضية من النيابة تحقيق واستكمال كافة اوجه الدفاع، وان ينتقل بنفسه ويتلقى طلبات اضافية من الدفاع لاستكمال القضية وارسالها جاهزة للمحكمة ، ومنصب مستشار الاحالة يسمى قاضى التحضير وكان فى الماضى لدينا ما يسمى غرفة الاحالة.



المستشار الفرد



وقال أبو شقة إننا بصدد استحداث نظام »المستشار الفرد« الذى يختص بنظر الجنايات البسيطة ، هو قاض واحد بدلا من ثلاثة قضاة فى محكمة الجنايات ، ويختص بنظر قضايا الجنايات الصغيرة مثل العاهة - جنحة ضرب واحداث عجز - قضايا السلاح ( حيازة طبنجة ) - تعاطى المخدرات .. الخ ، وهى قضايا بها خطورة اجراميةأقل ولا تحتاج الى هيئة من 3قضاة ويمكن الاستفادة من القضاة الآخرين للفصل فى قضايا أخرى .



إلغاء الأحكام الغيابية



ويشير رئيس اللجنة التشريعية الى أن من التعديلات الجديدة الاتجاه الى إلغاء الأحكام الغيابية فى الجنايات وأخذت به فرنسا عام 2000، وهذا التعديل يحافظ على وقت وجهد المحكمة ، ليكون حضور المتهم أمام محكمة الجنايات بنفسه ومعه محام أو يحضر عنه المحامى بتوكيل ، فإذا لم يحضر بشخصه أو من يوكله انتدبت المحكمة له محاميا للدفاع ومنحته الأجل الثانى للاطلاع واعداد دفوعه وبذلك تكون جميع الأحكام الجنائية حضورية كضمانة للمتهم .



تغليظ العقوبات



وأشار الى ان قانون العقوبات سوف تطوله التعديلات وينقى من بعض العقوبات الهزيلة التى لا تنفع الآن ، كبعض مواد قانون المرور سوف تغلظ عقوباته لإحداث الانضباط المنشود فى الشارع .



واكد ان نصوص القانون الجديدة سوف تكون على دراية وخبرة وفنية بحيث تنظم حركة المجتمع ، واذا لم تكن قادرة على هذا التنظيم نكون أمام مأساة حقيقية .



وأضاف أننا نحتاج وفقا للمادة 185من الدستور استطلاع آراء المختصين رغم أنها غير ملزمة ، ويتم عرضها على اللجنة ونقدم جميعا تصورنا فى الجلسة العامة لإقراره وتصديق السيد رئيس الجمهورية .



ويوضح أبو شقة أنه ليس لديه أى مانع مطلقا أن يتقدم كل من لديه فكرة او مقترح وعلى استعداد ان يتلقاه ويقوم بدراسته ، مؤكدا ان الحوار والرأى و الرأى الآخر هو الذى يهدف فى النهاية للقرار الأصوب الذى يؤدى للصالح العام وحماية المجتمع .. مشيرا إلى أن اللجنة ليس لها مصلحة فى فكر معين وكل ما يعنيه ويبتغيه هو مصلحة الوطن والمواطن .



الحبس الاحتياطى والمنع من السفر



الدكتورة سوزى عدلى ناشد أستاذ الحقوق بجامعة الاسكندرية وعضو مجلس النواب وعضو اللجنة التشريعية بالمجلس تتفق مع إجراء التعديلات على القوانين المطروحة فى أسرع وقت ، وقالت إن هناك تعديلات لا توصف فى قانون الإجراءات الجنائية سوف يتم اتخاذها قريبا وخاصة الحبس الاحتياطى والمنع من السفر ، مؤكدة أن الدور الثانى للمجلس بدأناه بروح مختلفة وإرادة قوية لإحداث ثورة للقوانين التى تعطل العدالة، وهناك مواد موضوعية وأخرى إجرائية ، الأولى سهلة وسنضع لها قواعد، والأخيرة هى التى تحمل إشكاليات بسبب بطء تطبيقها والمراحل الكبيرة التى تمر بها ووجود ثغرات كثيرة تعرقل سير العدالة .



وأشارت الى أن هناك مطالبات بتطبيق القضاء العسكرى على الجرائم الإرهابية التى تحدث ، فبدأنا نصل إلى نتيجة لكيفية جعل القضاء العادى مثل القضاء العسكرى ناجزا وسريعا.



تعديلات قانون التظاهر



وأوضحت عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب أن اللجنة بدأت فى دراسة قانون التظاهر لإجراء التعديلات عليه كما طالب مؤتمر شرم الشيخ للشباب وأعطى الرئيس السيسى الضوء الأخضر للقيام بدراسة المقترحات الجادة للشباب حول تعديل بعض بنود قانون التظاهر وأبرزها تعديل العقوبة للغرامة بدلا من السجن ، وبدأنا مشاورات حوار مجتمعى يشارك فيه كل فئات الشعب للوصول الى تعديلات تضمن وتصون حق المواطن بما يحقق مطالب المجتمع بصورة لا تخل بالقانون أو الدستور ، مشيرة الى أنه تجرى دراسة قوانين مقارنة لقانون التظاهر فى الدول الأخرى باعتبار اننا حديثو العهد فى تطبيق قانون التظاهر بمصر .



وقالت إنه بالنسبة للحبس الاحتياطى فوجئنا بأن هناك متهمين أمضوا سنة ، وسنة ونصف السنة وليس ذلك هو الهدف من الحبس الاحتياطى أو فلسفته ، وهو أمر غير مقبول ولماذا يطول أمد مدد الحبس ، فوضعنا معايير محددة ومددا قاطعة وضمانات خاصة ومحددة لمصلحة المتهم.



وأكدت سوزى ناشد أن قضايا الارهاب أصبحت الآن كبيرة وكثيرة وهم يعتمدون على طول اجراءات التقاضى لذلك ندرس اقامة دوائر خاصة سريعة لنظر قضايا الارهاب لنجعل الحكم على الارهابيين ناجزا وسريعا مثل الأحكام العسكرية التى ليس بها حكم غيابى .



رد القضاة



ويقول الدكتور سمير صبرى المحامى بالنقض والادارية والدستورية العليا إن العدالة الناجزة باتت ضرورة ملحة وعاجلة فى هذا التوقيت من خلال ثورة تشريعية والتى ننشدها منذ ثورة 25يناير وهو التعديل الذى ينتظره الكثير من أهالى الشهداء الذين لم تبرد قلوب الأمهات الثكالى والأرامل والأطفال من فقدان شهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم فداء تراب هذا الوطن وينتظر ذووهم القصاص العادل من القتلة والخونة والإرهابيين الذين حتى الآن لم نقتص منهم لوجود القوانين البالية والعقيمة والتى أصابها العوار على مر الزمان ، ولن تتحقق تلك العدالة دون إصلاح تشريعى يتمثل فى تعديل تلك القوانين التى لم تعد مناسبة للظروف الحالية التى تمر بها البلاد وأصبح تعديلها ملحا فى ذلك التوقيت فى ظل ما يعانيه الفرد من بطء إجراءات التقاضى وعقوبات لا تتناسب مع جسامة الفعل وأصبح القاضى يتعامل مع نصوص جامدة لا يستطيع تجاوزها نتيجة لقوانين صدرت منذ عهود قديمة .



ويؤكد الدكتور سمير صبرى ان قانون الإجراءات الجنائية بوضعه الحالى يؤدى إلى تأخر العدالة الناجزة والتعديل أصبح عاجلا لمواجهة ظلم العدالة ، ولذلك يجب على اللجنة التشريعية بمجلس النواب مناقشة تعديل ذلك القانون العقيم الذى يتسبب فى تعطيل الفصل فى القضايا وانه لا يتحقق إلا بالتعديل المقترح بقانون الإجراءات الجنائية من تعديل مواد الطعن بالنقض ليكون الطعن بالنقض على درجة واحدة فقط بدلا من درجتين فى القانون القديم .



والاقتراح الثانى تعديل قانون المرافعات فى مادته الخاصة برد القضاة المادة 153من قانون المرافعات بعد أن أصبحت تلك المادة أداه فى يد المتهمين يقومون باستخدامها كما يريدون، وفى أى وقت يريدون وأصبحت تلك المادة كالسلاح الذى يشهره المتهمون فى وجه القضاة لتعطيل الفصل فى الدعوى ، والتعديل المقترح أن تضاف فقرة فى تلك المادة أن يودع مبلغ مائة ألف جنيه مصرى عند تقديم طلب الرد لإثبات جدية الطلب وتقديم الأسباب القوية والمنطقية على أن يسترد هذا المبلغ فى حالة قبول طلب الرد وفى حالة عدم قبول طلب الرد يصرف ذلك المبلغ للمستشار الذى تم رده كتعويض له .



محاكمات سريعة



وأوضح الدكتور إيهاب الطماوى عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب وأمين سر لجنة القيم أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية عقدت العزم على إجراء إصلاحات تشريعية تستهدف تنقية غابة الإجراءات العقيمة التى تعوق وتحكم سير العدالة الناجزة ، بما يحقق المعادلة التى نستهدفها جميعا لتحقيق العدالة المنصفة والسريعة وهذا سيحقق نتائج إيجابية فى مقدمتها محاكمات سريعة لقوى الشر والإرهاب .



وقال ان التعديلات تعمل على إيجاد بيئة تشريعية جاذبة للاستثمارات، خاصة أن المستثمر يسعى دائما عند الخضوع للتحكيم أو القضاء الوطنى فى الدولة التى يرغب فى الاستثمار بها أن يعلم عندما يدخل فى نزاع بخصوص أمواله متى سينتهى الخلاف ومدته .



قلم المحضرين وندب الخبراء



ويؤكد المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات الأسبق أن الواجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ، وقد سبقتنا دول عديدة ومنها بعض الدول العربية الشقيقة ، فقانون الإجراءات الجنائية صدر عام 1937 .. أى مضى عليه قرابة 80عاما وأكثر وكان عدد المصريين آنذاك 15مليون مواطن، وبديهى أن ما كان مقبولا فى عهدا كانت الإنارة فيه مقصورة على العاصمة وعدد من عواصم المحافظات وكانت المدارس الثانوية على سبيل التحديد لا تتجاوز20مدرسة على الأكثر، لا يتصور أن يواكب العصر الحديث ومن ثم فإن الثورة التشريعية التى نادى بها قضاة مصر منذ مؤتمر العدالة الأول منذ أكثر من 20عاما دون أن تتحرك الإرادة السياسية فى تحقيق ما طالب به القضاة ومن خلفهم شعب مصر بأسره ،الآن رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى بذاته طالب فى عزاء الشهيد النائب العام هشام بركات بسرعة الفصل فى القضايا الجنائية وتحقيق العدالة الناجزة.



ومنذ ذلك الحين حدث تعديل يتيم وهو التخفيف على محكمة النقض وتكليف محكمة استئناف القاهرة دون غيرها فى الفصل فى الطعون فى النقض فى أحكام محاكم الجنح المستأنفة.. وهو أمر غريب ، فمثلا يجوز فى قانون الإجراءات الجنائية الطعن بالنقض على أحكام محكمة الجنايات اذا رأى عوارا شاب الحكم فانه يجوز لمحكمة النقض ان تتصدى مباشرة بعد نقض الحكم للفصل فى موضوع الطعن ولا يجوز لها ان تنقض الحكم وتحيل الدعوى لمحكمة الاستئناف مرة أخرى لتفصل فيها من جديد، ملتزمة برأى القانون الذى أخذت به محكمة النقض عند نقض الحكم ولا تتصدى بثقة إلزامية إلا اذا كان الطعن بالنقض للمرة الثانية وهذا خلافا لما يجرى عليه العمل فى المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة وكذلك فى أحكام المحكمة الاقتصادية الاستئنافية عندما يطعن عليها أمام محكمة النقض ذاتها وكذلك ما يجرى عليه العمل فى المحاكم العسكرية ، الأمر الذى كان يتعين وهو أمر واضح للكافة أن يتم تعديل القانون بإلغاء كلمة واحدة وهى كلمة »يجوز »ويصبح النقض »يجب على محكمة النقض أن تتصدى لموضوع الدعوى وتحكم فيها .



وهناك أمر آخر يتعلق باتصال المحاكم بالدعاوى المنظورة أمامها .. فالمحكمة لا تتصل بالدعوى الا اذا تم إعلان الخصوم بالدعوى وهذا الاعلان يتم من خلال قلم محضرى المحاكم، وهو الأمر الذى ورد فى قانون الإجراءات الجنائية منذ صدوره ، والآن ثبت من التجربة العملية ان الجميع يشكو مر الشكوى من مسالك قلم المحضرين فى إعلان الدعاوى أو الأحكام ، والحل سبقتنا اليه الدول العربية منذ سنوات والدول الأوروبية منذ عشرات السنوات وهو اما استخدام الوسائل الحديثة مثل الإعلان من خلال النت وهو ما يسمى بوسائل الإعلان الالكترونية والتى يتم فيها إعلان الشخص بالدعوي، أو بالحكم من خلال الايميل الخاص به والفيس بوك الخاص به والذى اذا ثبت انه طالعه صح اعلانه بالدعوى مباشرة، أو من خلال استحداث شركات، خاصة يتم التعاقد معها على إعلان الخصوم بأشخاصهم ومتابعة المعلن اليهم أينما كانوا .



ويضيف أن فى القضاء المدنى والجنائى أحيانا الاستعانه بخبراء لتنفيذ ما ترى المحاكم ندب هؤلاء الخبراء لمباشرة مهمة محددة يصدر بها حكم تمهيدى من القضاء ، فالقانون الصادر فى شأن الخبراء و الواقع العملى قصر هذه المهام على مكاتب الخبراء الحكومية الذين ثبت أن أعدادهم لا تتناسب مع كم القضايا التى يندبون لمباشرتها، وكان العمل قديما يتيح للمحاكم أن تنتدب خبراء متخصصين تم الموافقة عليهم من قبل لجان متخصصة فى شتى المواضيع الخاصة بالخبرة ويطلق عليهم »خبراء الجدول«ويتم اختيارهم وفق ترتيبهم فى الجدول ، وهذا النص ـ وان كان لا يزال ساريا ـ إلا أن الواقع العملى يجعل استخدامه فى أضيق نطاق فى القضايا الكبرى التى تحتاج الى خبرة خاصة ، وحبذا لو أن المشرع منح المحاكم سلطة انتداب خبراء الجدول وبخاصة فى القضايا العادية حتى يتسنى انجازها فى أسرع وقت ممكن .