أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
دور المناظرة فى الوصول إلى البيت الأبيض
13 أكتوبر 2016
شريف الغمرى

فى مواجهة الإهتمام الكبير داخل الولايات المتحدة وخارجها بالمناظرات بين المرشحين للرئاسة، هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، يتساءل البعض أليس من الممكن أن يكون المرشح فى أى سباق رئاسى فى الولايات المتحدة بشكل عام، يتمتع بموهبة وضع أفكاره موضع التنفيذ، لكنه لا يجيد عرضها فى المناظرة؟.


لكن السؤال الأهم كان عن دور المناظرة فى فتح الطريق أمام أيهما نحو البيت الأبيض، مع عدم إغفال حقيقة مؤكدة، هى أن المناظرة تأتى متأخرة بعد حوالى عام من بدء الحملة الإنتخابية للرئاسة فى أمريكا، بحيث يكون من الصعب تغيير أفكار كانت قد إستقرت لدى أصحابها فى تقبل مرشح من الإثنين.



وموضوع المناظرة الرئاسية له تاريخ وبداية مهمة منذ أول مناظرة جرت بين مرشحين للرئاسة عام 1960 . كانت تلك هى بداية ما وصف بالعصر التلفزيونى حيث دخلت المعركة إلى كل بيت عن طريق مشاهدة المناظرة الأولى التى جرت بين المرشحين الديمقراطى جون كنيدى والجمهورى ريتشارد نيكسون عام 1960، وكان أداء كنيدى فيها أكثر قوة وإقناع، مما كان له دور مؤثر فى فوز كنيدى وهزيمة نيكسون.



الطريف أن مشاهدى التلفزيون أصبحوا أكثر تأييدا لكنيدى، فى حين كان مستمعو الراديو، وهم الأقلية، أكثر تأييدا لنيكسون، وهو ما دفع للتساؤل، هل مظهر المرشح وطريقة أدائه وأسلوب تعبيره عن رأيه له تأثير على الناخبين، وهو ما لا يتوافر لمستمعى الراديو.



ويرى البعض تأثير هذه المناظرة بصورة مختلفة، حيث رفضوا الأخذ بالفكرة القائلة بأن مستمعى الراديو الذين أيدوا نيكسون فعلوا ذلك لأنهم لم يشاهدوا التلفزيون، لكن الحقيقة أن أصوات الناخبين فى المناطق الريفية فى عام 1960 ومعظمهم لم يكن يملك جهاز تلفزيون فى بيته، كانت تتجه لتأييد المرشح الجمهورى أيا كان، وهو ريتشارد نيكسون مرشح الحزب الجمهورى.



وقد لوحظ فى كل مناظرة جرت بعد المواجهة الأولى التى فاز فيها كنيدى، أن هناك لحظة أو تصرف فجائى أو جملة على لسان أيا من المرشحين قد تؤثر فى نتيجة المناظرة وترجح كفة مرشح على الأخر لدى الناخبين.



وقد ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية نماذج لهذه اللحظة، منها مثلا أن المناظرة بين الرئيس جيرالد فورد ومنافسه جيمى كارتر عام 1976، قال أثناءها فورد «ليس هناك نفوذ سوفيتى فى أوروبا الشرقية»، وهى عبارة مخالفة للفكر السياسى الأمريكى ولمؤسسة السياسة الخارجية.



وأثناء ترشح الرئيس جورج بوش الأب أمام بيل كلينتون، فإنه راح ينظر فى ساعته، وهو تصرف إعتبره البعض بعيدا عن التركيز فى المواجهة بينه وبين كلينتون.



أما آل جور الذى كان ينافس بوش الإبن، فلوحظ عليه أن عينيه تنظران هنا وهناك بعيدا عن التركيز على منافسه.



وبالرغم من أن هذه التصرفات قد تبدو طبيعية أو غير مقصودة، إلا أن بعض المحللين فسروها على أنها تركت إنطباعا فى غير صالح المرشح عند الجمهور، الذى يتابع المناظرة على شاشات التلفزيون.



وهناك نقطة أشار إليها الكثيرون وهى شخصية المذيع الذى يدير المناظرة ومهاراته، وقد أثير هذا الموضوع بعد أن إتهم ترامب المذيع الذى أدار المناظرة الأولى مع هيلارى بالتحيز لها.



وفى إشارة إلى دور المذيع هنا نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تحقيقا مطولا بعنوان «المناظرة تعرض لحظة الحقيقة» قالت فيه، أن الأمر يتطلب أن يعكس المذيع الحقيقة تماما، وأن يتدخل إذا وجد أن أيا من المرشحين يقدم بيانات زائفة أو يخرج عن موضوع السؤال، لهذا يلاحظ أن إختيار المذيع الذى يدير المناظرة يخضع لإجراءات فى منتهى الدقة ليكون موضوعيا ومحايدا وعلى معرفة سياسية كاملة بالحالة السياسية فى الولايات المتحدة، وبالقضايا التى سيسأل فيها كل مرشح.



وبالطبع هناك مؤثرات أخرى خارج نطاق المناظرة، فى الإنتماء الحزبى لقطاعات كبيرة من الناخبين يعطون أصواتهم لمرشح حزبهم ، حتى ولو كانت نتيجة المناظرة فى غير صالح مرشحهم، وكذلك تقدير قطاعات من الناخبين لأراء أيا من المرشحين تجاه أوضاعهم العامة والمعيشية ومطالبهم الإقتصادية، بالإضافة لمن قرروا إختيار مرشح بعينه من البداية وهؤلاء لا يتأثرون بالمناظرة.



ومع ذلك لا يمكن فى ظل ما يعرف فى أمريكا بثقافة المناظرة كتقليد ثابت فى كل إنتخابات رئاسية، تجاهل الدور الذى تؤثر به المناظرة على أعداد كبيرة من الناخبين بحيث يكون حكمهم النهائى متوقف على نتيجة المناظرة، وكأن الناخب أصبح فى وضع الحكم فى مباراة بين إثنين من المتنافسين.



وعلى ضوء المناظرتين الأولى والثانية بين هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، والتى إتفق فيها المراقبون على تفوق هيلارى فى المناظرة الأولى، وأن المناظرة الثانية لم تكن فى صالحها، فإن ذلك لا يعنى أن الموقف حسم نهائيا، فمازالت هناك المناظرة الثالثة وأيضا أى مفاجأة كبرى وغير متوقعة يمكن أن تحسم نتيجة السباق نحو البيت الأبيض.