أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
فصول «رياض أطفال» لذوى الإعاقة .. ضرورة مجتمعية
4 أكتوبر 2016
000

يقع الأبوان اللذان لديهما طفل ذى إعاقة فى حيرة شديدة وخاصة فى مرحلة ما قبل دخول المدرسة، فالبعض منهم يهمل أطفالهم نتيجة عدم الوعى بأسلوب التربية الذى يحتاجه، والبعض الآخر يغالون ويفرطون فى حمايتهم والإشفاق عليهم كمن يحمل لوح زجاج يخشى عليه الكسر, وهذه الممارسات السلبية نتيجة حالة «الغيبوبة» التى يعيش فيها أولياء الأمور نتيجة جهل أبسط أسس وقواعد التربية للأطفال المعاقين, وهنا يأتى دور المدارس «كمتهم» فى هذه الأزمة حيث ينصرف تركيز معظم المدارس الخاصة بذوى الإعاقة فى مصر على العملية التعليمية والمنهج الدراسى الخاص بالمناهج الدراسية، وتجاهل مرحلة ما قبل المدرسة التى يتم فيها تأسيس الطفل بصورة سليمة.


فى البداية يقول إبراهيم حلمى عمارة - مدرس مساعد قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة طنطا – إن أسر الأطفال ذوى الإعاقة يعانون بشدة وخاصة فى مرحلة ما قبل المدرسة، حيث إن أغلب المدارس لا توفر فصول رعاية للأطفال المعاقين فى تلك المرحلة الخطيرة التى يتلقى فيها الطفل أهم المعارف والمهارات، فالتعليم فى الصغر كالنقش على الحجر, ولم تنشئ وزارة التربية التعليم فى عام 2016 فصول روضة للأطفال المكفوفين إلا فى 10 مدارس فقط، وهو نفس الحال فى مدارس الإعاقة السمعية والذهنية, مما يجعل ولى الأمر يعانى من مشكلة كبرى فى ظل ضعف الوعى من ناحية الأبوين فى التعامل مع هؤلاء الأطفال.



وأضاف: على الدولة أن تعى ضرورة أن نهتم بالنشء من الأطفال ذوى الإعاقة، ونوفر لهم الاحتياجات اللازمة والخبرات الكبرى من المعلمين المهرة، وبذلك يعتدل هرم التعليم، لتكون قمته وذروته فى مرحلة الطفولة، وقاعدته فى مرحلة الشباب، حتى نستفيق من كارثة كل عام، وهى كارثة الثانوية العامة لأننا جعلناها فى مصر عنق الزجاجة وكان الأفضل أن نبنى فى الصغر لنحصد فى الكبر.



ويطالب عمارة وزارة التربية التعليم بالتوسع فى إنشاء «حضانات» لرعاية الأطفال المعاقين ويتم إعدادها بشكل يراعى احتياجات وقدرات الأطفال حسب إعاقتهم، كما ينبغى على كليات «رياض الأطفال» أن تتبارى فى إعداد مربيات للأطفال ذوى الإعاقات المختلفة على مستوى عال من الكفاءة، ومدربين على أحدث الوسائل فى تربية هؤلاء الأطفال، وبذلك لن يقع أولياء الأمور فريسة لجشع أصحاب حضانات القطاع الخاص التى اتخذت من غياب دور الدولة وسيلة للعب على أوتار مشاعر أولياء الأمور، وسلب أموالهم حتى يربوا أبناءهم، وللأسف لا تتوافر هذه الخدمة فى عدد كبير من المحافظات حيث تتركز فى القاهرة والإسكندرية فقط.



نحو روضة لطفولة واعدة



ويقول الدكتور أحمد مصطفى شلبى – استشارى الإرشاد الأسرى- يشهد المجتمع الآن اهتماما متزايدا بالأشخاص ذوى الإعاقة، لأسباب عديدة منها، تزايد عددهم، قلة الإمكانيات المطلوبة، وضخامة العوائد الناتجة عن تأهيلهم، وظهور مردود سريع لهذا العمل، وبروز الكثير من النماذج المشرفة منهم، فضلا عن كون ذلك مؤشرا لإنجاز الأجهزة العاملة ولتقدم المجتمع.



ويضيف: لكن اللافت للنظر قلة الاهتمام بالأطفال ذوى الإعاقة وخاصة فى مجال «الرياض» العاملة مع أصحاب الإعاقة، بل إن هذا الاهتمام يتضاءل ولا يكاد يرى، ومن مظاهر ذلك، قلة، بل ندرة عدد الحضانات ورياض الأطفال المتخصصة فى هذا المجال، وفى كل إعاقة على حدة، رغم تزايد عدد الأطفال من ذوى الظروف الخاصة، وأن غالبية «الحضانات» الموجودة نشأت نتيجة لمبادرات من جمعيات أهلية أو منظمات للمجتمع المدنى أو بجهود خاصة للأفراد ولا يكاد نرى جهدا رسميا فيها، وعدم وجود مقررات وبرامج دراسية كافية لتأهيل طلاب كليات وأقسام رياض الأطفال وتربية قسم طفولة للعمل المتخصص مع هؤلاء الأطفال، وبالتالى ندرة المعلمات والمشرفات المؤهلات، فضلا عن المناهج الدراسية المعدة لهم بما يتناسب مع احتياجاتهم ومتطلبات نموهم رغم مسيس الحاجة لذلك.



ويكمل: المجتمع المصرى على وجه الخصوص فى أمس الحاجة للاهتمام بالأطفال ذوى الإعاقة، ويتم ذلك من خلال التوسع فى إنشاء الحضانات والروضة المعدة والمؤهلة للعمل مع أصحاب الإعاقات، حيث يرى علماء التحليل النفسى أن السنوات الخمس الأولى هى من أهم السنوات فى تكوين شخصية الطفل، وأن تكون هناك روضات خاصة بكل قسم منهما: رياض للموهوبين، وللمكفوفين وضعاف البصر وأخرى للتوحديين وهكذا، وأن تلتزم كل مدرسة أو معهد عامل فى هذا المجال بإنشاء روضة داخله لمن يعمل معهم لتعليمهم المهارات الأساسية تمهيدا لدمجهم بعد ذلك تعليميا واجتماعيا.



ويوضح الدكتور شلبى أن المدارس التى يوجد بها فصول للدمج التعليمى يجب أن تقوم بإنشاء فصول داخل روضاتها لمن ستقوم بدمجهم من ذوى الإعاقة، وأن توضع برامج ومناهج متفردة تراعى امكاناتهم وقدراتهم وظروفهم الخاصة، وأن ينشأ قسم خاص لروضات ذوى القدرات الخاصة ضمن إدارة رياض الأطفال أو إدارة التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم كى يتثنى لهم تركيز الاهتمام بهذا المجال، وإذا كانت الدول المتقدمة تختار أفضل الكفاءات من المعلمات للعمل برياض الأطفال، فما أحوجنا أن نفعل ذلك مع هذه البراعم الواعدة حتى نضع أقدامهم على بدايات طريق النجاح.