تسببت فوضي الشوارع في الكثير من المشكلات للمواطن وحياته اليومية لأنها ليست فقط تعوق المرور وتحبس الناس فيها
وإنما لأن سلوكيات بعض السكان وفوضي الثواب والعقاب والانفلات الأخلاقي والقيمي أحالت حياة المقيمين فيها جحيما بالمعني الحرفي للكلمة, وسنتناول في السطور التالية بعض الأمثلة من محافظة الجيزة كنموذج- لما بات عليه حالها.
وسنبدأ بأمثلة للمعاناة يرويها عبد الرزاق حمودة قائلا: أسكن في شارع الشاذلي القريب من شارع فيصل والذي يغلق آخره عقار بشارع فريد السباعي واذا أغلق الشارع لأي سبب لا نستطيع الخروج إلا من ممر ضيق جدا لا يكفي حتي دراجة, كما أننا نحبس إذا قام أي ساكن من الجيران بأي أعمال في منزله لأنه عندئذ يعوق الطريق ولا يستطيع سكان المنازل التي قبله المرور, ولا يمر أسبوع إلا وتقع الخلافات بسبب أي مناسبة- فرحا كانت أو عزاء- كما أننا عانينا في السنتين الأخيرتين الكثير لأن برجا في نهاية الشارع المفتوح كان يتم بناؤه, ولك أن تتخيل مدي المعاناة من أكوام الرمل والطوب والزلط, وكانت تحدث مشاجرات يومية لأن السكان لا يستطيعون الخروج بسياراتهم وكذا طلاب المدارس الذين يجد أهاليهم الشارع مسدودا, ولا عزاء لتأخرهم.
ويتدخل في الحديث جار آخر قائلا إنه استأجر سيارة لنقل الأثاث الي بيته لكنه فوجئ بأحدهم يسد الشارع بالرمل دون أدني خوف من حساب أو مراعاة ظروف الشارع وسكانه, وبعد مشادات طويلة اضطررت الي الانتظار حتي انتهاء رفع الرمل, كما اضطررت الي زيادة أجرة السيارة التي استأجرتها والعمال خدمة لهذا المخالف ولتخاذل الحي عن محاسبته.
أما سيد السعران فيقول إن أحد الجيران المرضي أصيب بنوبة قلبية وطلبنا له الاسعاف التي لم تستطع الوصول الي منزله وحمله ذووه أمام المارة لتعذر دخول سيارة الاسعاف اليه لأن أحد الجيران نصب سرادق عزاء ولم يكن عمال الفراشة قد فككوا أجزاءه بعد, وقس علي ذلك الكثير كما في حالة وقوع حريق- لا قدر الله- أو أي خطب آخر.
تعاطي مخدرات
ويتدخل في الحديث احد السكان الذي رفض ذكر اسمه خوفا علي نفسه وأسرته قائلا: إن نهاية الشوارع المسدودة اتخذها متعاطو المخدرات ملاذا لهم لبعدها عن أعين الناس والشرطة إلا من يعيشون فيها ولا يستطيعون حتي إظهار تذمرهم ووقعت بسببهم العديد من السرقات للسيارات المتوقفة في الشارع وكذا المتعلقات الشخصية وبلغ من سوء الوضع ارتكاب حادثي قتل نتيجة تجمعات الكيف هذه التي أصابت الجميع بالهلع علي أنفسهم وأهليهم من بطش هؤلاء وسوء تصرفاتهم.
أمل نخشي تحوله سرابا
من ناحيته يقول محمد علي- من السكان- رغم معاناتنا الطويلة هذه فقد ظهرت في الافق بارقة أمل تمثلت في قيام ملاك العقار الذي يسد الشارع بهدمه, وبالطبع سوف يبدأون علي الفور بعد الانتهاء من الهدم باعادة بنائه كبرج بارتفاع كبير, والغريب أن هذا العقار ليس مبنيا علي كامل المساحة وانما بينه وبين البرج المجاور له فراغ يزيد علي الثلاثة أمتار لو تركوه خاليا مع متر واحد أو مترين اضافيين لأسهم بدرجة كبيرة في حل المشكلة.
دهاليز المحليات
وأضاف: لأننا نعاني كل يوم وساعة فقد ذهب بعضنا الي حي العمرانية لإطلاعهم علي الواقع فكان ردهم الأولي لابد من ترك مسافة3 أمتار بجوار الجار, ثم إدارة التخطيط هي المنوط بها تحديد الشوارع وعندما ذهبنا اليها قالوا إننا غير معنيين والمسئول هي الحي ونحن نتعامل مع الشارع التخطيطي فقط, أما الشارع غير التخطيطيفالقول فيه للحي فتوجهنا الي رئيسة مجلس مدينة الجيزة التي طلبت منا كتابة شكوي بالموضوع وما زلنا حتي اليوم لم نتلق ردا من أحد ونخشي ضياع فرصة فتح الشارع في دهاليز المحليات الشهيرة بإضاعة الكثير من الحقوق.
مأساة متكررة
والغريب والمستفز أن المشكلة لا تقتصر علي شارع الشاذلي, وانما تتكرر في شارعي عاصم حمودة وسيدي أبو خليل الموازيين للشاذلي, حيث تغلقهما عقارات فريد السباعي العمودي عليها.
وفي الناحية المقابلة من شارع فيصل نجد شارع الجمعية الذي يتفرع منه شارع حلمي المغلق هو الآخر رغم ان طوله يزيد علي الألف متر موازيا لفيصل, كل هذه الشوارع المغلقة سببها عدم تجاوب التخطيط والتحفظ علي ما لديهم كأنه كتاب منزل واللامبالاة بالمتغيرات علي الارض وتكاسل موظفي الحي ورؤسائه المتتالين عن النظر للمصلحة العامة بعين الاعتبار واستمرار هذا النهج من موظف الي آخر حتي وقتنا الحالي.
كل ما سبق في منطقة مزدحمة وكثيفة السكان جدا هي الطالبية البحرية وستزداد المعاناة مع بدء الغلق الجزئي لشارع الهرم وتركز الضغط علي فيصل فهل نتحرك قبل فوات الآوان؟