أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
«المدبوليزم».. وفن الارتجال
23 أغسطس 2016
إيمان إمبابى
عبد المنعم مدبولى

فى ثمانينات القرن الماضى.. كانت فرقة الأهرام المسرحية تقدم عروضها على مسرح اتحاد العمال بشارع الجلاء.. وقتها كان يستأجره القدير عبد المنعم مدبولى من الاتحاد.. وعندما تتوقف فرقته «المدبوليزم» عن تقديم عروضها, كانت تؤجره لفرق الهواة التى تقدم عروضا قصيرة لأربعة أيام أو أقل.. رأيته فى أثناء تقديم تلك العروض.. يحرص على الوجود فى مسرحه ومتابعة عروض تلك الفرق.. رأيته يتحرك فى طرقات المكان كما لو كان فى بيته.. يمنح طفلا هنا ابتسامة, وآخر مداعبة.. وجميعهم ينالون من الحلوى التى تملأ جيوبه.

إحدى العلامات البارزة فى مدرسة الارتجال على خشبة المسرح.. ارتجال من داخل النص، يحترمه ويضيف له من وجدانه.. عشرات الشخصيات المصرية البسيطة من القروى الساذج إلى الموظف المطحون إلى ناظر المدرسة المتشدد إلى الأب الطيب إلى الطبيب النفسى الذى يعانى من عقدة عدم انجذاب النساء له.. كلها شخصيات حفرها عبدالمنعم مدبولى فى وجداننا مستعينا بما درسه فى الحياة وفى كلية الفنون التطبيقية.. نعم هو فى الأساس نحات.. ظلت ذاكرته تختزن آلاف النماذج البشرية ولم يتخل عن «النحت» حتى النهاية.. أنامله مدربة على التعامل مع كل شخصية.. تطوعها وتشكلها وتصوغها بمهارة فائقة.. مازجا بين النحت ودراسة الدراما فى ثانى دفعات معهد التمثيل فى أربعينات القرن الماضى.. عشق النحت ومارسه على خشبة المسرح.. مفسحا لنفسه مساحات عريضة داخل النص.. يضيف من العبارات والحركة والصوت.. ما احتفظت ذاكرة المسرح المصرى به على مدار عقود.. ارتجال مدبولى ليس زنكتةس تقحم على الموضوع.. ولا «لازمة» غليظة الحس تنتزع ضحكات السخرية.. كما يحدث الآن.. ارتجال مدبولى, إبداع من فنان يحترم خشبة المسرح.

وفى كل محطة مسرحية كانت له بصمة.. مع فرق: جورج أبيض, وفاطمة رشدى, والمسرح الحديث «زكى طليمات» حتى كانت محطته المهمة فى الخمسينات بتأسيسه فرقة المسرح الحر.. أببداية الستينات.. انضم لفرقة التليفزيون المسرحية.. وهنا تألقت مدرسته الارتجالية التى لم يستطع أن يباريه فيها أحد.. ثم أفسح لنفسه مجالا محببا اليه ببرامج الأطفال بالإذاعة.. وهى محطة ارتجالية أخرى لا تنسى.. تركت علامتها فى نفوس متابعيه.. الارتجال ينجح دائما مع الأطفال عندما يكون صادقا.. وبتوليه فرقة المسرح الكوميدي.. تألقت تلك المدرسة بمبدعين آخرين فأخرج عروض: مثل «جلفدان هانم» و«أنا وهو وهي» وبمشاركته فى تكوين فرقة الفنانين المتحدين.. كانت محطة مختلفة فى عروض: «البيجاما الحمراء» .. «الزوج العاشر».. وفى 73 كانت استراحة المحارب.. ليعود مرة أخرى عام 75 بتكوينه لفرقة المدبوليزم .

وهو أول فنان عربي كتبت عنه دائرة المعارف النمساوية.. برصيد 120 مسرحية، استحقت تكريم اسمه من المهرجان القومي للمسرح المصري في 2006..