أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
اللغة الأم ..لمستقبل أفضل
14 أغسطس 2016
> سوسن الجندى

اللغة الأم هى لغة الوطن الأولى وهى المفتاح السحرى لحل مشكلات الانتماء والاختلافات، والمعين على وجود ثوابت قيم وطنية، وهى الضامن الوحيد لاستمرار وحدة الوطن ومقاومة الاعتداءات الخارجية والمخططات العدائية.. لكن هل تنجح البرمجة اللغوية فى إصلاح عيوب التربية والانتماء التى تنتج عن ترك اللغة الأم أو عن تأثر الصغار فى المجتمع بلغات وثقافات متعددة أخرى.


سؤال يجيب عنه د. شريف أبو فرحة أستاذ البرمجة اللغوية العصبية فيقول: إن الحفاظ على مستقبل الطفل يبدأ باستخدامه اللغة الأم فى سنوات التربية والتنشئة الأولى، وأضاف أن البرمجة اللغوية العصبية تبدأ بصورة تلقائية بين الأم وطفلها فى مرحلة الطفولة، كما يؤكد علماء النفس أن الإنسان يستقبل 90% من معلوماته وأفكاره عن العالم فى السنوات السبع الأولى من عمره، ويضيف أن الوالدين، والأسرة، والمحيط الاجتماعى، والأصدقاء، والمدرسة، والإعلام وأخيرا الشخص نفسه كل ذلك يؤكد البرمجة المستقبلة من المجتمع ذاتها أو ينفيها، فالأم هى المحتك الأول بالطفل، والمصدر الأول لبرمجته، وبالتالى تصبح اللغة الأم هى الوسيط الأول فى عملية البرمجة، فإذا استخدمت الأم لغة أخرى تشتت الرسائل البسيطة فى عقل الطفل الذى سينشغل عقله بعملية الترجمة بدلا من الانشغال بالمعلومات القيمة المقدمة.



وينصح د.شريف الأمهات بعدم استخدام لغات أخرى مع الأطفال حتى لا تتشتت عقولهم الصغيرة فيعجزوا عن استيعاب الرسائل التربوية، مما يوجد صعوبات حياتية لديهم فيما بعد، ويضيف أن برمجة عقول الصغار على أفكار رئيسية مثل حب الوطن، والانتماء، واكتمال المفاهيم الرئيسية اللازمة لعملية التربية يتطلب استخدام اللغة الأم ولا شىء غيرها. كما تستخدم هذه اللغة أيضا الأم فى توصيل مفاهيم بعينها للطفل وهى: ترسيخ القيم والمثل فإذا استخدمت الأم ألفاظا من لغة أخرى أربكت عقل الصغير ووجدانه. مؤكدا أن اللجوء إلى اللغات الأخرى سيسبب خللا فى تكوين الهوية والعادات مما يؤثر على تقديراته للأمور. ويظهر هذا ويتضح فى تنوع لغات التعليم مما أدى إلى وجود أنماط قيمته ولغوية مختلفة، ويضيف قائلا: إن اختلاف اللغات المستخدمة حاليا فى العملية التعليمية هو أحد أسباب الاختلافات الواسعة فى القيم والأخلاق فى المجتمع المصرى، فاختلاف نظم التعليم ولغاته حاليا يؤدى إلى تمتع الأبناء بهويات مختلفة تتصارع فيما بينها فى الكبر لتصنع اختلافات انتمائية وسياسية واسعة.



ويوضح أن الاهتمام بالبرمجة اللغوية العصبية إلى حد إرسال الأطفال إلى أماكن أخرى للتعلم هو من العادات القديمة، فقد كان العرب يرسلون أطفالهم إلى البادية ليتربوا على قيمها -الانتماء والصبر والجلد والتحمل وثبات الأعصاب- وغير ذلك ونحن نحتاج لأن نربى أبناءنا ونبرمج عقولهم على القيم الصحيحة مثل الانتماء فى السنوات السبع الأولى من عمرهم، ومن أوائل ما يتعلمه الطفل هو النظرة للحياة وطريقة تقبلها وتعاملهم معها. ويمكن تقسيم عمليات التنشئة إلى 3 مراحل، تحمل الفترة الأولى منها التنشئة اللغوية العصبية الأهمية القصوى فيها، فتلك الفترة يقع عبء التنشئة على الأم وذلك فى السنوات السبع الأولى، وفيها أيضا تتكون المفاهيم الرئيسية، أما السبع الثانية فيجب فيها اكتشاف أخطاء عملية البرمجة التى حدثت فى السبع سنوات الأولى وتكملة المفاهيم الناقصة وتصويب الأخطاء، أما السبع الثالثة فتتم فيها عمليات المراجعة واختبار القيم والبرمجة، وهنا يمكن التدخل لإعادة البرمجة أو تصويبها.. لذا فالتغيير الذى يحدث بعد سن الأربعين هو تغيير ظاهرى سلوكى وليس فى عملية البرمجة، ومن الصعب جدا أن يتم تغيير عمليات البرمجة التى سبق وأن تمت بعد سن الأربعين، لكن تدارك ذلك ممكن قبل تلك السن. أمر آخر يعيق البرمجة السليمة وهو استمرار التعرض لرسائل وسائل الإعلام الظاهر منها والخفى لكن الالتزام بمتابعة ما يقدم للصغار وبتقييد جرعاته قد يفيد فى ضبط الرسائل والحد من آثارها السلبية.



أما الحلول التى تقدمها عمليات البرمجة اللغوية العصبية فتشمل إعادة تقيم الأفكار بصورة دائمة، وتأكيد القيم الخاصة لمنع التأثر بالقيم الأجنبية وتقديم برامج إعلامية مختصة بشرح المشكلات التى قد تنتج عن البرمجيات الخاطئة وكيف يمكن تجنبها فى المراحل الأولى، ولابد من إعادة تقييم الأفكار بصفة دائمة، ولابد من تأكيد القيم الخاصة بالوطن لمنع التأثر بالقيم الأجنبية، ولابد من وجود برامج تشرح المشكلات المجتمعية التى ستنجم عن اختلاف برمجيات الصغار.