إذا انقضي الشهر وقد حصل من الخروق في الصيام ما حصل فما هو الحل وما هو العمل؟ ماذا نفعل وبالتأكيد قد حصل في صيامنا نقص وتقصير، وجرحنا ذلك الصيام ببعض الآثام؟ علماء الدين يؤكدون أنه يستحب التطوع بالصيام والإكثار من الصيام والصدقات.
يطالبون بالإكثار من التوبة والاستغفار، لما جاء في حديث أبي هريرة، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “ نِعْمَ الشَّهْرُ شَهْرُ رَمَضَانَ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجِنَانِ ، وَيُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، وَيُغْفَرُ فِيهِ إِلا لِمَنْ أَبَي ، قَالُوا : وَمَنْ يَأْبَي يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ : الَّذِي يَأْبَي أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ “، وقال الحسن رحمه الله: “أكثروا من الاستغفار فإنكم لا تدرون متي تنزل الرحمة”، وقال لقمان لابنه: “يا بني عود لسانك الاستغفار فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلاً”، وقد جمع الله بين التوحيد والاستغفار في قوله تعالي: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ). وأوضح العلماء أن الاستغفار هو ختام الأعمال الصالحة كلها، فنختم به صلاتنا وحجنا وقيامنا لليل ونختم به مجالسنا، وكذلك ينبغي أن يُختم صيامنا بالاستغفار، وقد كتب عمر بن عبد العزيز لأهل الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار وصدقة الفطر، فإن صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث والاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث.
ويقول الدكتور عبدالفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إنه يستحب التطوع بصيام ستة أيام من شهر شوال، وتسع من ذي الحجة والمحرم وشعبان، والاثنين والخميس من كل أسبوع، وأيام البيض: وهي أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري، وأفضل التطوع صوم يوم وإفطار يوم، أما استحباب صيام ست من شوال: فلحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: « من صام رمضان وأتبعه بست من شوال، فكأنما صام الدهر وأما صيام تسع من ذي الحجة، فلما روي عن حفصة رضي الله عنها قالت: « أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلي الله عليه وسلم: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة «، وفي رواية بلفظ: « كان يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، وأول اثنين من الشهر، والخميس»، وآكد التسع يوم عرفة.
الاستغفار
من جانبه نبه الشيخ إبراهيم حافظ من علماء الأزهر، إلي وجوب الاستغفار عقب كل طاعة قدمها العبد لله عز وجل، وصيامنا هذا يحتاج إلي استغفار نافع وعمل صالح شافع، كم نخرق صيامنا بسهام الكلام، ثم نرقعه وقد اتسع الخرق علي الراقع، كم نرفو خروقه بمخيط الحسنات ثم نقطعه بحسام السيئات القاطع، كان بعض السلف إذا صلي استغفر الله من تقصيره فيها، كما يستغفر المذنب من ذنبه، إذا كان هذا حال المحسنين، فكيف حالنا نحن المسيئين المقصرين، أنفع الاستغفار ما قرنته التوبة، وهي حل عقدة الإصرار علي الذنب، فمن استغفر الله بلسانه وقلبه علي المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلي المعاصي بعد الشهر ويعود فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود، ونذكر في هذا المقام سفر الكثيرين بعد الصيام إلي أماكن الفسق، والفجور، والمعصية، وعودة كثير من العصاة إلي معاصيهم بعد رمضان، فصيام الستة أيام تعني شهرين، لأن الحسنة بعشر أمثالها، بالإضافة إلي شهر رمضان، أيضا بعشر أمثاله وهذا يعدل سنة هجرية كاملة.
المداومة
وأضاف، نحن ليس عندنا رصيد كبير من الحسنات بحيث إنه لا يهم ما وقع منا من السيئات فإننا لا ندري بعد ذلك الصيام والقيام هل قُبل منا العمل أم لا؟ وقد قال الله تعالي لافتاً نظر عباده إلي مسألة مهمة قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِين، فماذا يعني ذلك إنما يتقبل الله من المتقين، ونحن نزكي أنفسنا إذا قلنا إننا من المتقين، والله أعلم من هو المتقي منا، ولذلك لا بد أن نخشي علي العمل من أن يرد، ونسأل الله تثبيت الأجر وقبول العمل، ولذلك كان السلف رحمهم الله يجتهدون في إتمام العمل.