أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
بنجلاديش فى مرمى إرهاب« داعش»
6 يوليو 2016
> شيماء مأمون

يوما بعد يوم تمتد خيوطه العنكبوتية فى كل بقاع الأرض ليبقى المشهد المسيطر على الأحداث هو اشلاء ودماء الأبرياء المتناثرة فى كافة الأرجاء , انه تنظيم "داعش" الذى ارتكب اخر جرائمه فى "دكا" عاصمة بنجلاديش باسم الدين ليبقى المدنين هم الضحايا الذين لا ذنب لهم سوى انهم وقعوا فى براثن هذا الإرهاب الأسود .


بنجلاديش التى لا تكاد تضمد جراحها جراء الحوداث الإرهابية التى اجتاحتها فى الشهور الماضية جاء الهجوم المسلح على احد المطاعم فى الحى الدبلوماسى فى "دكا" ليزيد الأمر تعقيدا فى البلاد . خاصة وأن الهجوم انتهى نهاية دامية بعد ان اضطرت القوات البنجالية لاقتحام مسرح الجريمة بعد فشل المفاوضات مع المسلحين، لتقتل ستة من الإرهابيين وتلقى القبض على واحد فقط، بعدما «إحتجزوا» الرهائن ليلة كاملة قتلو فيها 20 رهينة من أصل 35 محتجزا منهم تسعة ايطاليون و سبعة يابانيون واثنان من بنجلاديش وهنديا واحدا وامريكيا واحدا .



وقد أعلن تنظيم "داعش " مسئوليته عن الاعتداء مبررا ذلك بإنه يهاجم تجمعات "رعايا الدول الصليبية" الذين تقتل طائراتهم المسلمين، ومؤكدا أن رعاياهم لن ينالوا الأمان طالما ظل الوضع على ما هو عليه . كما أعلنت ايضا من خلال وسائل الإعلام التابعة لها أن المتشددين حددوا الزبائن المسلمين وأطلقوا سراحهم . وتجدر الإشارة إلى أن هذا التنظيم الإرهابى يلجأ فى كل مرة إلى أسلوب جديد فى القتل لا يقل وحشية عن سابقه حيث تم تمزيق اجساد الضحايا هذه المرة بأسلحة بيضاء، فى محاولة لإرهاب الآخرين لإجبارهم على الانصياع لقوانينهم الجائرة.



بنجلاديش البلد الذى يبلغ عدد سكانه 160 مليون نسمة و اغلبية قاطنيه من المسلمين، ونسبة كبيرة منهم شباب تحت سن الخامسة والعشرين مما يجعل منهم فريسة جيدة فى ايدى داعش لتجنيدهم, شهدت على مدار الأشهر القليلة الماضية الكثير من من اعمال العنف والإغتيالات لمثقفين ومدونيين ونشطاء حقوقيين، كما استهدفت الهجمات الاقليات الدينية, مما تسبب إثارة المزيد من المخاوف فى البلاد من خلق موجة من العنف وادخال البلاد فى دائرة مفرغة من الفوضى من جانب الجماعات الإرهابية. وقد قامت حكومة بنجلاديش اثر هذا الاعتداء الدامى بإعلان الحداد يومين، كما تم تنكيس الأعلام على المبانى الرسمية وتنظيم مراسم تأبين للضحايا فى كافة أرجاء البلاد. كما دعت أيضا رئيسة الوزراء "شيخة حسينة " مساء السبت الماضى فى كلمة القتها عبر شاشات التليفزيون الإرهاببين "الى التوقف عن القتل باسم الدين". كما أقام مواطنو بنجلاديش مراسم تأبين لضحايا الهجوم ، ووضعت رئيسة الوزراء إكليلا من الزهور على نعوش الضحايا فى استاد الجيش فى دكا، فى ثانى أيام الحداد الوطني.



والحقيقة أن هذا الهجوم وضع حكومة بنجلاديش فى موقف لا تحسد عليه فهى تتبع سياسة الإنكار المستمر من وجود صلات للجماعات المتشددة المحلية مع الجماعات الإرهابية الدولية حيث صرح وزير داخلية بنجلاديش" اسد الزمان خان" أن منفذى الإعتداء ينتمون إلى جماعات متطرفة محلية، وليس إلى تنظيم إرهابى دولى . وأوضح الوزير "انهم اعضاء فى جماعة "مجاهدى بنجلاديش" وهى مجموعة محظورة منذ اكثر من عشر سنوات، مضيفا " انهم ليس لهم اية صلة بـتنظيم داعش. ويمكن القول أن ما تشهده البلاد حاليا لا يمكن أن يكون من تخطيط وتنفيذ جماعات صغيرة فالهجوم جاء بمستوى عال من التنسيق، وهو ما تجلى بوضوح فى عملية الهجوم المسلح على المطعم السياحى الذى يرتاده الأجانب فى الحى الدبلوماسى. ويفسر المحللون هذا الموقف بأن سلطات بنجلاديش لا تريد الإقرار بوجود داعش او تنظيم القاعدة على اراضيها خشية أن يؤدى ذلك لفرار المستثمرين أو احجامهم عن ضخ مزيد من الإستثمارات فى البلاد, حيث أن عددا كبيرا من الضحايا الايطاليين كانوا يعملون فى قطاع الملابس فى بنجلاديش والذى يبلغ حجمه 26 مليار دولار ويمثل نحو 80% من صادرات البلاد، خاصة بعد أن ذكرت وسائل الإعلام الإيطالية أن هذا الهجوم سيودى إلى فرار الأجانب العاملين فى قطاع صناعة الملابس .



غير أن حكومة بنجلاديش قامت بإجراءات عديدة ردا على عمليات القتل التى شهدتها منذ أشهر ومنها إحتجاز 11 الف شخص مشتبه به الشهر الماضى بينهم مئات من المتطرفين الإسلاميين، كما منعت ابرز الاحزاب الإسلامية من المشاركة فى الإنتخابات، ووضعت معظم قادتها تحت المراقبة كإجراء احترازي، وتقوم حاليا بالتحقيق مع من لهم صلات بين المهاجمين والجماعات المتشددة فى الخارج .



وكانت معظم ردود الفعل الدولية قد جاءت غاضبة بشأن ماحدث فى البلاد، ولا سيما ايطاليا واليابان حيث ان معظم الضحايا من رعاياهم. فمن من جهته قال رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى إنه يجب القضاء على تنظيم داعش بطريقة لا تسمح بنقل الكراهية بين الاجيال المتعاقبة كما عبر رئيس الوزراء اليابانى شينزو ابى عن غضبه الشديد لمقتل الضحايا والذين كانو يعملون مستشارين فى مشروع مترو الأنفاق الذى تقيمه حكومة بلاده فى دكا. قائلا انه لا يجد كلمات تصف ما بداخله بشأن الضحايا. كما أعلنت الولايات المتحدة تضامنها مع بنجلاديش، مؤكدة على سلامة جميع العاملين بالسفارة وإنها تتابع الموقف.لقد أكد هذا الهجوم الارهابى بوضوح أن مواجهة الإرهاب فى بنجلاديش أصبحت ضرورة حتمية نظرا لما ستسببه هذه الجماعات المتشددة من إضرار للاقتصاد البلاد لتبقى الأيام القادمة وحدها شاهدة على مدى نجاح الحكومة فى اجتياز هذا الاختبار الصعب.