أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
أزمة هذا الرجل
5 يوليو 2016

كتب كثيرون عن مهزلة تسريب امتحان الثانوية العامة واتذكر واقعة كنت شاهدا عليها، فقد جاءنى رجل يقترب من سن الستين للكشف الطبي، وبعد سماع الشكوى وتوقيع الكشف عليه اتضح أنه مصاب بانسداد فى الشريان التاجيوفى الوقت نفسه لم أجد به أى مرض بالشريان التاجى مثل ارتفاع ضغط الدم أو الإصابة بمرض البول السكرى أو ارتفاع نسبة الكولستيرول بالدم، وهو من أسرة لم يصب أحد منها بأزمات قلبية ولم تعرف السيجارة طريقا إلى فمه وصدره. وقد سألته هل تعرضت لانفعال زائد قد يكون السبب فى هذه الأزمة، فانفجر فى البكاء وخشيت أن يصاب بمكروه فطلبت له سيارة الإسعاف لنقله إلى قصر العيني، وهنا هدأ قليلا وكرر الرجل «لا بارك الله فيهم» أكثر من خمسين مرة - ولعنهم الله مثلها، فقلت له من تقصد فأفاض فى الحديث وعرفت منه أن ابنه طالب بالثانوية العامة وانه استدان وصرف كل ما يملك وباعت زوجته كل مصاغها لتعليمه ثم لم يدخل إبنه الكلية المأمولة بسبب الغش الذى جعل آخرون يحصلون علي مجموع أكبر منه

وقال إنه ربى أولاده على ما أمر به الله والرسول ويعلم جيدا حديث سيد الخلق أنه «من غشنا فليس منا» وأن المنافق هو الذى يخون الأمانة ثم سرد آيات النفاق وأحاديث الخيانة وظل يكرر «لعنهم الله» لا بارك الله فيهم إلى أن وصل رجل الإسعاف وحمله وهو يردد ما يقول وبعد ساعة عرفت من الطبيب المقيم بقصر العينى أن هذا الرجل المكلوم المصدوم لضياع مستقبل ابنه قد فارق الحياة.

قولوا لى من سيتحمل ذنب هذا الرجل وامثاله، وكيف لطالب أفنى صحته فى سهر الليالى للمذاكرة والتحصيل وهو يرى بعينيه هذا الغشاش يتفوق عليه وليس له أى ذنب سوى التمسك بالمبادئ والاخلاق وما أمر به الله ورسوله.. قولوا لى بالله عليكم ما هى الدوافع لتسريب الامتحان؟ وما الحافز الذى دفع المجرم لما فعله؟ هل هو دافع سياسى لإفشال الدولة؟ أم دافع مادى للحصول على الحرام؟ وسواء هذا أو ذاك فلا بارك الله فيهم وحقا لعنهم الله وحسبنا الله ونعم الوكيل ورحمك الله ايها الأب رحمة واسعة وليتحمل قتلته ذنبه وليواجهوا يوما سيكون عليهم عسيرا.

د.حسام أحمد موافى

أستاذ طب الحالات الحرجة ـ قصر العينى