يبدو لمن يقرأ عنوان هذا الكتاب أن مصطفى كامل كان عاشقا وأنه لم تكن له عشيقة واحدة، بل كانت له عشيقات كثيرات ولعل الدافع من وراء هذا الظن، تلك اللغة الرمزية التى استخدمها المؤلف المجهول لهذا الكتاب لجذب انتباه القارئ، فى حين أن من يمعن النظر فى هذا الكتاب،
يجد أن عشيقات مصطفى كامل لسن من بنات حواء. حقيقة لقد عشق الزعيم الوطنى الرومانسى «عزيزة» التى كانت تكبره سنا وأحبها وأفنى حياته فى سبيلها ونحن المصريين كذلك نعشق عزيزة كما عشقها مصطفى كامل، حقا فمن منا لا يعشق عزيزتنا مصر؟
وإذا كان عنوان الكتاب مثيرا، فقد ازداد إثارة عندما لم يضع المؤلف اسمه عليه بل رمز إلى نفسه فقط بالحرفين “أ. ف» على غلاف النسخة التى عثر عليها بالصدفة د. عبد المنعم الجميعى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الفيوم فى مكتبة جامعة يوتا الأمريكية، بالإضافة إلى أن الكاتب المجهول استخدم الرمزية فى الإشارة إلى محبوبات مصطفى كامل.
وزيادة فى إثارة القارئ وضع على صفحة الغلاف مأثورة “شهيرة وهى: من عشق فعف ثم مات، مات شهيدا” موضحا أنها حديث شريف، بل والأكثر إشارة للدهشة، سر اختفاء هذا الكتاب من دور الكتب والمكتبات المصرية، رغم أنه صدر عن مطبعة المعارف بمصر فى عام 1908.
وقد تدعو مسألة عدم توقيع المؤلف باسمه على الغلاف، القارئ إلى الريبة فى محتواه ولكن الكتاب يعد بانوراما شاملة لكفاح الزعيم لإشعال الروح الوطنية للتخلص من الاحتلال البريطانى، خاصة وأنه استنطق الحوادث والوقائع التاريخية بشكل تتدفق فيه العاطفة والحماسة نحو هذا الزعيم. العشيقة الأولى مصر، كان عشقها خالصا لا يشوبه انتفاع أو مصلحة ووضع فى اعتباره هدفا واحدا وهو الجلاء، وعدوا واحدا وهو الاحتلال ومن ثم تعاون مع كل القوى الداخلية والخارجية المناوأة للاحتلال، وهى على حد قول المؤلف بقية عشيقات الزعيم الأخريات، والعشيقة الثانية هى الأسرة العلوية خاصة الخديوي عباس حلمى والذى وجه الجماهير إلى محبته رغبة فى إنقاذ البلاد من سطوة البريطانيين، بعد أن استوعب من أستاذه عبد الله النديم خطيب الثورة العرابية، أن اصطدام العرابيين بالعرش مكن الدسائس البريطانية من أن توقع الفتنة والانقسام فى مصر ومع ذلك توترت العلاقة مع الخديوى عباس حلمى عندما فكر فى مهادنة الاحتلال، مما يؤكد أن علاقة الزعيم بعباس حلمى كانت وسيلة من وسائل المقاومة لطرد الاحتلال، وليست غاية فى حد ذاتها طمعا فى مآ رب أخرى،والعشيقة كانت القسطنطينية مقر عاصمة الخلافة العثمانية ،فدافع عن فكرة الجامعة الإسلامية كسلاح يشهره فى وجه الاحتلال وإحراج مركزه فى مصر من الناحية القانونية ، ثم تأتى باريس عاصمة النور كعشيقة رابعة للزعيم والتى سافر إليها لدراسة الحقوق والتعمق فى علوم العصر وهناك استطاع أن يفضح جرائم الاحتلال فى مجلس النواب الفرنسى ويتصل بكبار الساسة والصحفيين، وكان يعلم تماما طبيعة السياسة الفرنسية وأغراضها فى مصر ،ولكنه كان يأمل فى استغلال التنافس الاستعمارى بين بريطانيا وفرنسا لمصلحة القضية المصرية ؛ مع ذلك لم يذكر الكاتب المجهول اتصال الزعيم بمدام جولييت آدم الصحفية الفرنسية التى تعاطفت مع قضيتنا و حقوقنا المشروعة وقتها فى الاستقلال بدلا من السياسى الفرنسى دلونكل الذى رشحه الخديوى له للتعاون من أجل التشهير بالاحتلال فى الصحافة والمنتديات بباريس.
الكتاب:عشق مصطفى كامل
الكاتب: مجهول
تقدبم: د. عبد المعم جميعي
الناشر: جزيرة الورد 2013