عقب مرور عقود من الصراع ضد ظاهرة التطرف المفضى إلى العنف والإرهاب وانتشار الظاهرة فى أنحاء العالم وعدم اقتصار الظاهرة المدمرة على دولة أو إقليم أو مستوى إقتصادى أو اجتماعى محدد، تأكد لقادة العالم ومفكريه أن السبيل الأمثل لمواجهة تلك الظاهرة المدمرة يبدأ من مراحل تشكيل عقل وفكر الأطفال والصبية والناشئة فى المدارس.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم والثقافة «يونسكو» قد أطلقت دليل المعلم لمنع التطرف العنيف فى مطلع شهر مايو ٢٠١٦. ووفق ما أعلنته المنظمة الدولية فإن دليل المعلم لمنع التطرف العنيف يوفر نصائح عملية للمعلمين وتوجيهات بشأن كيفية مناقشة هذا الموضوع الشائك والشاق فى الفصول الدراسية. ويهدف الدليل إلى مساعدة المعلمين فى إيجاد مناخ جماعى فى الفصول الدراسية، ويفضى إلى الحوار القائم على الاحترام والمناقشة المفتوحة والتفكير النقدى. ويشمل الدليل الموارد اللازمة لتطوير فهم أعمق لظاهرة التطرف العنيف وردودا على الأسئلة الشائعة المرتبطة بتلك الظاهرة المدمرة.
وسيعالج الدليل قضايا أساسية مثل مسئوليات المعلمين والمهارات الأساسية التى تساعد على بناء القدرة على التكيف وإشراك أطراف المصلحة التعليمية وغيرها من قطاعات المجتمع فى جهود الوقاية. وسيتم استكمال الدليل بإصدار وثائق إرشادية لاحقة، تستهدف صناع السياسات فى وزارات التعليم بجميع دول العالم. وسوف توفر هذه الآلية مجموعة من الموارد التى يمكن أن تساعد فى دعم القدرات الوطنية بكل دولة للتصدى لدوافع التطرف العنيف من خلال استجابات قطاع التعليم.
ووفقا لما أعلنته منظمة "يونسكو"ستتم ترجمة الدليل فى البداية إلى اللغة الفرنسية ثم يترجم إلى لغات أخرى. كما سيتم استخدامه كأساس لورش عمل بناء القدرات فى مجال الوقاية من التطرف العنيف من خلال العملية التعليمية. وقد تم تطوير هذا الدليل فى إطار برنامج اليونسكو العالمى لتعليم المواطنة، واستجابة لطلب الدول الأعضاء بالمساعدة فى تعزيز مواجهة قطاع التعليم للتطرف العنيف. وقد تمت مراجعة الدليل من قبل مجموعة من الخبراء الدوليين فى مجال التعليم، وكذلك شبكة مشروع المدارس المنتسبة لليونسكو وطلاب كلية المعلمين فى جامعة كولومبيا الأمريكية.
ويشكل هذا الدليل المساهمة الأولى لليونسكو فى إطار تنفيذ خطة الأمين العام للأمم المتحدة للعمل على منع التطرف العنيف، والتى أعلنها فى شهر يناير ٢٠١٦.
وكانت ايرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، قد شاركت فى قمة الإرهاب التى إستضافها مقر الأمم المتحدة فى نيويورك خلال شهر سبتمبر ٢٠١٥ والتى شهدت إجماع قادة دول العالم على مواجهة تنظيم "داعش" فى سوريا والعراق. وتحدثت بوكوفا عن حجم التحدي، وقالت: "اننا امام أزمة انسانية غير مسبوقة فى سوريا والعراق، حيث نرى التطهير الثقافى على نطاق واسع، وقد تم تدمير التراث الثقافى المشترك، ونهبه وبيعه".
وركزت بوكوفا على الاهمية الاستراتيجية لجودة التعليم لمواجهة التطرف العنيف مشيرة الى دور اليونسكو فى تعزيز التعليم باعتباره أداة لمنع التطرف العنيف انطلاقا من تأكيد هذا الجهد لدور اليونسكو الرئيسى فى منظومة الأمم المتحدة لتعزيز التعليم من أجل حقوق الإنسان والسلام، ولمنع التطرف العنيف.
وقالت بوكوفا : "هذا هو خط المواجهة الجديد للقلوب والعقول. علينا أن نعلم الشباب السلام بدلاً من الكراهية"، و"يجب ان نمد الشابات والشبان فى المنطقة، وفى جميع انحاء العالم، بالتعليم الجيد، وبتطوير المهارات حول التفكير النقدى، والتركيز على الثقافة الاعلامية لمحو الامية ورفض الكراهية، بالإضافة الى دعم الكفاءات للحوار والتسامح".
ووقتها قال الرئيس الأمريكى باراك أوباما :«لا تهزم الأيديولوجيات بالمدافع ولكنها تهزم بأفكار أفضل»، وأضاف قوله : «علينا ان نعمل معاً لبناء مجتمعات متنوعة، متسامحة، شاملة لهزيمة التطرف العنيف». وأكد، رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون، ضرورة التصدى للعناصر الاساسية للتطرف العنيف، باعتبارها أكثر أهمية من العمل العسكرى.
وتجدر الإشارة إلى أن قوى التطرف فى العالم بادرت بالتركيز على تجنيد الأطفال الصغار وبث أفكار الكراهية والتطرف والعنف داخل عقولهم الصغيرة فى محاولة مستميتة لتوسيع قاعدة الكراهية والعنف والتطرف فى أنحاء العالم لأطول مدة زمنية وأوسع نطاقات مكانية ممكنة ومن هذا المنطلق تكون مواجهة تدمير عقول الأطفال عالميا قد دخلت مرحلة جديدة تشمل تقوية مناعة العقول وتقويمها.