أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
فكاهة التوقيت الصيفى
7 مايو 2016
د. وحيد عبدالمجيد


يا له من صندوق قديم ذلك الذى تعودت حكوماتنا المتوالية أن تقبع فى داخله وتحبس المجتمع معها فيه. وياويلنا من هذا الصندوق الذى تهالك على مدى نحو ستة عقود لم نجدد فيه شيئا خلالها، ولم نملك القدرة على أن نخرج منه لأن حكوماتنا تعيد إنتاج نفسها وسياساتها وتصرفاتها.



تغير العالم عدة مرات خلال الفترة التى بقينا فيها أسرى هذا الصندوق الذى ربما كان مناسباً حين دخلناه فى منتصف الخمسينيات، ولكنه أخذ يفقد صلاحيته يوما بعد يوم.



ويكفى أن نقارن بين حال العالم عندما دخلنا هذا الصندوق مثلنا مثل شعوب أخرى فى ذلك الوقت، وما آل إليه هذا الحال الآن. فقد انتهى عصر الصناديق المغلقة التى تحول دون التجديد والتطوير والابتكار والانطلاق إلى آفاق جديدة كل يوم. وحدها البلاد التى تعيش خارج العصر هى التى تقبع داخل صناديق قديمة، فتزداد المسافة بينها وبين العالم طول الوقت.



ووصل عجزنا عن إحداث أى تجديد فى الصندوق القديم الضيق إلى حد أننا نحافظ على طريقة التفكير المرتبطة به حتى فى أصغر المسائل, مثل تغيير التوقيت فى الصيف على نحو يبدو الآن فكاهيا، فقد قررت الحكومة إرجاء هذا التغيير إلى ما بعد نهاية شهر رمضان. ويعنى ذلك أنه سيُطبق لعدة أسابيع ثم يُعاد العمل بالتوقيت الحالى الذى نسميه شتويا.



وأثار هذا القرار جدلا عقيما من النوع الذى يملأ حياتنا الآن، فى الوقت الذى أصبح من السهل ادراك أنه لم تعد هناك جدوى اقتصادية لتقديم الوقت لمدة ساعة فى الصيف. وهذا هو ما توضحه دراسات تفيد أن تغيير التوقيت على هذا النحو لم يعد يحقق توفيرا يُذكر فى استهلاك الكهرباء. ولكن الأساطير المرتبطة بسطوة الصندوق القديم تعلو على الحقائق والوقائع. فقد ضُرب بنتائج تلك الدراسة عرض الحائط، كما هو الحال فى أى دراسات أو أفكار تطرح جديداً يتجاوز الصندوق القديم.



فقد اعتمدت فكرة التوقيت الصيفى على توفير استخدام المصابيح لمدة ساعة فى وقت كانت إضاءة المنازل هى المصدر الأول لاستهلاك الكهرباء. أما وقد صار هذا المصدر هو الأخير فى ظل الانتشار الواسع للأجهزة الكهربائية، وفى مقدمتها أجهزة التكييف، لم يعد الحديث عن توقيت صيفى إلا أضحوكة من فكاهات يعج بها الصندوق القديم، وينطبق عليها القول إن شر البلية ما يُضحك.