حـلب.. معركة الحسـم
برزت على سطح الاحداث أزمة مدينة حلب السورية، والصراع الدموى الذى يدور بها بين الجيش العربى السورى والجماعات الارهابية المسلحة،
التى اتخذت من تلك المدينة مقرا لها لفترة طويلة نفذت فيها ابشع الجرائم ضد الانسانية، من ذبح للشباب واغتصاب للنساء و تدمير البنية التحتية للمدينة، فى الوقت الذى قررت فيه القوات السورية تنفيذ غاراتها الجوية للقضاء على التنظيمات الارهابية التى توجد على الارض وتلك الضربات الجوية المكثفة من اجل تمهيد الارض للقوات البرية لتمشيط المدينة والقضاء على فلول تلك التنظيمات.
ومع العمليات العسكرية التى تنفذ من أجل تحرير حلب من قبضة داعش، نجد فى المقابل عمليات حرب نفسية ومواد إعلامية ضد قوات الجيش السورى والنظام بشكل عام من اجل التأثير على الرأى العام العالمى لتوجيه ضربات ضد الجيش السورى وانهاء تلك الازمة ـ من وجهة نظرهم- وهو الأمر الذى ترغبه الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها فى تركيا وقطر.
ويمكن ان نرصد العديد من النقاط المهمة فى تطورات الاحداث على الارض فى حلب اهمها:
أولا : من المعروف ان حلب هى المعقل الاخير لتنظيم داعش الارهابى والتنظيمات الاخري، ونجاح القوات السورية فى تطهير المدينة، سينهى بنسبة 80 % لما يحدث فى الاراضى السورية بالكامل وان تبقت بعض الجيوب فى مناطق اخرى فسيكون من السهل القضاء عليها فيما بعد، وفى هذه الحالة لن يكون هناك صراع على الاراضى السورية ولن تستطيع اى دولة التدخل فيما بعد فى الشأن السوري، لذا فان المطلوب الآن بالنسبة للدول التى ضد النظام السورى عدم انهاء المعركة لمصلحة الجيش السوري.
ثانيا: مع بداية العمليات قررت الولايات المتحدة انزال 250 جنديا امريكيا داخل الاراضى السورية تحت زعم انها ستقوم بقتال تنظيم داعش الارهابى على الارض، وهو الامر الذى لا يمكن ان يتم فكيف لهذا العدد من الجنود ان يقاتل تنظيم داعش فى سوريا، والحقيقة ان تلك العناصر هى فى الاساس استخباراتية هدفها جمع معلومات على الارض، وتكون طليعة قوات اخرى يتم انزالها أو على الاقل رصد مواقع لاستهدافها بواسطة الطيران وبالطبع ستكون تلك المواقع للجيش السورى وليس للتنظيمات الارهابية.
ثالثا: تسعى الولايات المتحدة الامريكية لوضع صورة مغايرة للحقيقة عن الدور الروسى فى تنفيذه عمليات عسكرية وضربات جوية حققت اهدافها كاملة، واستطاع الجيش السورى ان يستعيد مئات القرى من ايدى التنظيمات الارهابية، لذا فان الترويج الان ان الطيران الروسى يساعد الطيران السورى قى قتل المدنيين مما يخلق جو عدائى ضد روسيا، وتحييدها عن الدخول فى اى مواجهة مقبلة .
رابعا: ان ما تم تنفيذه على الارض من قبل الجماعات الارهابية وتنظيم داعش بأن اطلقت اكثر من الف قذيفة على المناطق السكنية فى مدينة حلب قبل تنفيذ القوات السورية غاراتها دليل واضح ان تلك الجماعات تريد ان يتم جر الجيش السورى الى الموقف الذى يحدث الآن ، واظهاره امام العالم بانه يقصف المدنيين الابرياء، دون النظر الى الخلفية وما فعله تنظيم داعش.
خامسا: اين ذهب العناصر التى اعلنت الادارة الامريكية انها دربتها وسلحتها من اجل مواجهة تنظيم داعش ووصفتها بانها عناصر معتدلة، الحقيقة ان تلك العناصر انضمت فورعودتها الى تنظيم داعش الارهابى وقامت بتدريب افراد التنظيم الارهابي، وذلك وفقا لتقارير الاستخبارات الروسية.
سادسا:مطالبة عناصر المعارضة السورية فى الخارج بسرعة توجه جميع المعارضين المسلحين فى سوريا الى مدينة حلب لمواجهة الجيش العربى السوري، دليل على ان المعارضة السورية فى الخارج متآمرة على وطنها وتسعى الى تدميره.
ان ماسبق يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان ما يحدث فى حلب هى محاولة واضحة من ان الولايات المتحدة الامريكية تسعى الى ايجاد ذريعة قوية فى تنفيذ ضربات عسكرية ضد الجيش العربى السوري، فى محاولة منها لتدمير الدولة السورية والمخطط واضح وصريح تستخدم فيه جميع الوسائل والتمهيد ويلعب فيه الاعلام دورا كبيرا لتوجيه العالم وتهيئة الرأى العام العالمى لضربات محتملة.
ولا يمكن ان ننسى ان الولايات المتحدة الامريكية قد وضعت العراق وسوريا هدفا لها بعد احداث 11 سبتمبر، عندما اعلن جورج بوش الابن انه يجب القضاء على مثلث الشر فى منطقة الشرق الاوسط وكان يقصد ايران والعراق وسوريا، واستطاع ان يجد الذريعة فى غزو العراق واتخاذ القرار بحل الجيش العراقى عن طريق بول بريمر اول حاكم امريكى للعراق، مما فتح المجال لتشكيل ميليشيات مسلحة على اساس مذهبى وخلال 13 عاما تم تدمير العراق بالكامل.
اما بالنسبة لسوريا فنفذت امريكا حربها ضد الجيش السورى بالوكالة، عن طريق الجماعات الارهابية المسلحة بعد تدريبها وتسليحها، والهدف فى اسقاط بشار الاسد هو ايضا تفكيك الجيش السورى وتحويله هو الآخر الى ميليشيات مسلحة تدمر ما تبقى من الدولة السورية على غرار العراق.
ان معركة حلب الآن هى معركة الحسم بالنسبة للجيش السوري، والوقت عليه عامل كبير فكلما تأخر الوقت فى تطهير تلك المدينة سيفتح المجال أمام امريكا لتنفيذ السيناريو المطلوب، واذا انهت العمليات العسكرية فى زمن قياسى فسيفشل المخطط تماما وستستطيع الدولة السورية السيطرة على الوضع .
[email protected]