أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
والتنســيق بيـن المؤسـســات .. فريضــة غــائبـة
22 أبريل 2016
تحقيق - نادر أبو الفتوح:
تطوير المناهج الأزهرية بداية الإصلاح

فى ظل ما يتعرض له الإسلام والمسلمون من هجمات مغرضة، تسعى للربط بين الإسلام والإرهاب، وما يقوم به بعض المنتسبين للإسلام من تصرفات تتناقض مع تعاليم الشريعة الإسلامية،


أصبح التنسيق بين المؤسسات والمنظمات الإسلامية ضرورة لتصحيح صورة الإسلام ومواجهة التشدد، وكشف زيف الجماعات المتطرفة، ورغم أن هناك الكثير من الجهود والمؤتمرات العالمية، التى تعقدها المنظمات الإسلامية والمؤسسات الدينية فى العالم الإسلامي، فٌإن غياب التنسيق أفقد هذه المؤتمرات تأثيرها، وانعكس ذلك بالسلب على المشهد الدعوي، وظهرت الجماعات المتطرفة التى تستقطب الشباب، وتخدعهم بمفاهيم الجهاد والخلافة وغيرها .



علماء الدين أكدوا أهمية وحتمية التنسيق بين المؤسسات الدينية فى العالم العربى والإسلامي، لأن التنسيق يؤدى لتوحيد الجهود، للقضاء على التطرف، وتصحيح صورة الإسلام، ومواجهة الخطاب العنصرى المتصاعد ضد الإسلام والمسلمين، ومن جانبها قررت وزارة الأوقاف أن يكون العنوان الرئيسى للمؤتمر القادم للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حول دور المؤسسات الدينية فى مواجهة هذه التحديات .



ويقول الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن المؤتمر السنوى الذى سيعقد فى أسوان منتصف مايو المقبل، يأتى فى إطار جهود الوزارة لتصحيح صورة الإسلام ومواجهة التطرف والإرهاب، وفى هذا الإطار تم توقيع بروتوكول تعاون بين الوزارة ورابطة العالم الإسلامي، موضحا أن البروتوكول يهدف إلى التعريف بالإسلام, وشرح تعاليمه الصحيحة, ونشر السلام والعدل, والتأصيل للوسطية والاعتدال, والتصدى للغلو والتطرف، وبيان موقف الإسلام من الحركات المتطرفة والتيارات المنحرفة، ومن القضايا الإنسانية المعاصرة، وتبادل المطبوعات والمجلات والكتب التى يصدرها كل طرف، والتنسيق فى التعاون بين المراكز الإسلامية التابعة لهما فى دول العالم، وتنظيم لقاءات مشتركة بين الأكاديميين والباحثين من أتباع الثقافات والحضارات الأخرى, والمؤسسات الدينية والإعلامية والثقافية المعنية بالحوار, لتصحيح صورة الإسلام وإبراز قيمة الإنسانية العالمية، وكذلك تنظيم دورات تدريبية للمدرسين والأئمة والدعاة العاملين فى المجتمعات المسلمة, بهدف رفع مستواهم العلمي، وتطوير قدراتهم العملية، لخدمة المسلمين فى العالم، وتوعية المجتمعات الإسلامية بأمور دينها، وتعميق سبل الحوار والتواصل الحضارى والإنسانى وفقه العيش المشترك بين البشر جميعا .



مواجهة التحديات



ومن جانبه أشار الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركى رئيس رابطة العالم الإسلامي، إلى أن التحديات التى تواجه المسلمين فى الوقت الحالي، تتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق فى مجال التواصل مع الخارج، ونشر سماحة الإسلام، من خلال الندوات والمؤتمرات، التى تعقد فى البلاد العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن الفترة القادمة، سوف تشهد مزيدا من التنسيق مع وزارة الأوقاف المصرية، بهدف خدمة قضايا المسلمين، ومواجهة التحديات الراهنة، فهناك عدم فهم للدين وهناك الطائفية والخلاف، وكل ذلك يتطلب مزيدا من التعاون والتنسيق، من خلال المؤتمرات التى تقدم حلولا لهذه المشكلات .



خطط موحدة



وفى سياق متصل أوضح الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن الغاية التى يبتغيها القائمون على أمر الدعوة فى العالم الإسلامى واحدة, وهى بيان صحيح الدين وجوهر الإسلام الصحيح إلى الناس, بعد هذا التشويه الذى تولى كبره بعض الذين ادعوا انتسابهم إلى الإسلام وهو منهم براء, وارتكبوا أفعالا لا تمت إلى الإسلام أو أى من الديانات السماوية بأدنى صلة, وقد تذرع هؤلاء الضالون بحجج واهية, لا تعضد موقفهم, ولذلك فإن المؤسسات المعنية بأمر الدعوة فى العالم الإسلامي, سواء كانت مؤسسات تعليمية أو غيرها، مطالبة بإيجاد خطط موحدة تسير عليها, وتلاق فى الرؤى بالنسبة لقضايا الحاكمية والتكفير, ونحوها من قضايا العقيدة والتشريع, وأن يكون هناك تواصل دائم ومستمر، بين المهتمين بأمور الدعوة فى هذه المؤسسات, فلا تتقوقع على نفسها, فقد كانت نتيجة ذلك بالغة السوء, مازال الكل يتجرع ثمارها المرة الأليمة, لا فرق فى هذا بين المسلمين وغيرهم, سواء الذين يقيمون فى بلاد الإسلام أو خارجها, وتجد هذه الدعوة دعمها فى قول الله تعالى» وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا «، وكذلك قوله تعالي» وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ «, وبدون هذا التنسيق والتعاون والتآزر، سيظل الحال على ما هو عليه, وهو لا يرضى الله تعالى ورسوله والمسلمين .



غياب التنسيق



ويوضح الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر، أنه من باب التناصح لا التناطح، ومن باب النقد البناء لا الهدام، ومن حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان»، وكذلك قول الله تعالي» وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»، وقد دل ذلك على أن التكامل والتنسيق، لما فيه خير البلاد والعباد من الأمور المقررة شرعا، لكن فى الواقع العملى هناك عدم تواصل، بل شبه تهاجر، بين هيئات ومؤسسات كان من المفترض فيها أن تتكامل، وعلى سبيل المثال، فإن قرارات المجالس العلمية سواء فقهية أو غيرها، لا يعلم عنها الباحثون ولا أعضاء هيئة التدريس شيئا، وبالمقابل أبحاث علمية معظمها من الأهمية بمكان لسلامة الإفتاء الفقهي، فى الكليات والأقسام ذات العلاقة، لا تعرف دار الإفتاء المصرية عنها شيئا، وهناك أبحاث أيضا فى كلية وأقسام الدعوة الإسلامية، تعنى بفقه الدعوة، لا يعرف عنها المختصون بالأوقاف شيئا، إلا من وسائل الإعلام، مع أن هذه الأبحاث العلمية التخصصية لها تأثير كبير، فى تصحيح مفاهيم مغلوطة وتصويب أفكار خاطئة، وأيضا تساهم إلى حد كبير فى آليات الخطاب الدينى المنشود والذى طال انتظاره .



التنافس المذموم



ويقول الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف سابقا، أنه ظاهريا يبدو للمتابع أنه يوجد تنسيق يتمثل فى مؤتمرات مشتركة، ويخرج المؤتمر بتوصيات رائعة، على الأخص ما يتناول جانب التنسيق بين المؤسسات على مستوى العالم الإسلامي، لكن فى الحقيقة، لا يوجد تنسيق على الأرض، لأن هذه المؤسسات متأثرة بالواقع السياسى وبالأيديولوجيات التى تتبناها كل مؤسسة، كما أن كل مؤسسة تريد أن تظهر نشاطها وسبقها للأخرى، فيحصل من ذلك التنافس المذموم وليس المحمود، هذا التنافس الذى يصل لحد محاولة عرقلة نشاط بعضها البعض، حتى فى البلد الواحد، وبالتالى أصبح التأثير ضعيفا، ولو تناسى القائمون على هذه المؤسسات المصالح الجزئية، لكان لها تأثير كبير فى عرض الصورة الصحيحة للإسلام، والقضاء على الفكر المتشدد الذى ينتهى بالتكفير ومن ثم التفجير .