تعرض الكاتبة عزة كامل فى مجموعتها القصصية «كائنات ليست للفرجة» الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، لألوان القهر المختلفة التى تعانى منها المرأة فى حياتها.. والقهر هنا ليس فقط قهراً جسدياً، بل هو قهر نفسى ومعنوى ينتهى نهايات مأسوية حزينة.
الخيط المشترك الذى يجمع بين هذه المجموعة القصصية هو «المأساة».. أو ربما «الصدمة».. فكل أبطال المجموعة القصصية يمرون بلحظات عصيبة فى حياتهم تقود إلى نهاية مأساوية مفجعة.. فى السطور تفوح رائحة الموت والاغتيال.. هنا القاتل المتآمر والقتيل الضحية وما بينهما عوالم مأساوية وكوابيس وأحداث دراماتيكية عنيفة تجعل وطأة الصدمة بالغة فى نفس القارئ. تساءلت وأنا أتابع سطور المجموعة القصصية عما دفع الكاتبة إلى تكثيف كل هذه المآسى فى قصص أبطالها؟.. هل كانت تريد أن تنبهنا إلى أن حياتنا صارت بالفعل مأساة.. وأن واقعنا بات مؤلماً وقاسياً إلى هذا الحد؟.. هل كانت فى حاجة إلى أن تصرخ بصوت عال.. وتهز أجسادنا وتنفض الغبار عن ضمائرنا التى صدأت وتقول لنا بصوت مرتفع وحاد: أفيقوا.. انزعوا هذا الغماء عن عيونكم.. نحن نعيش فى زمن أسود.. العنف صار لغة وحيدة لمجتمعنا القاسى الذى لا يعرف الرحمة، ويكاد ينسى مشاعر التسامح والحب. تكثيف هذه اللحظة المأساوية فى مجموعة عزة كامل يذكرنا بالمآسى اليونانية القديمة التى تحفل بالدماء والقتل والمؤامرات والتى تدور فى أجواء فانتازية تبعث على الدهشة والمفاجأة والصدمة معاً، وأحسب أن الكاتبة قد شعرت أن المأساة الدراماتيكية هى النهج الوحيد الذى يليق بأحداث مجموعتها القصصية. هاهى تتصدى لأوجاع المرأة وتعرض لقضاياها وتقف أمام العنف الذكورى مستخدمة الأسلحة نفسها التى يستخدمها الرجل. أو هل كان بإمكانها حقاً أن تتحدث بلغة أخرى وتلجأ إلى وسائل مختلفة وهى ترصد هذا الخلل المجتمعى البغيض الذى نعيشه ؟ تقول الكاتبة معلقة: «كائنات هذه القصص ليست كائنات مخترعة، وأحلامها وكوابيسها وآمالها وهواجسها وأحداثها تنطلق من صميم الحياة الواقعية وهى انعكاس لكل ما تنطوى عليه حياة الإنسان المعاصر، رغم الغرائبية التى تبدو فى نسيج السرد كله، وفى اللغة والبناء والأسلوب». «كائنات ليست للفرجة» تعد المجموعة الثالثة للكاتبة عزة كامل، بعد مجموعة «حرير التراب» الصادرة عن المجلس الأعلى للثقافة، و«النهر الراجف» عن دار عين للطبع والنشر.
الكتاب: كائنات ليست للفرجة
المؤلف: عزة كامل
الناشر: الهيئة العامة للكتاب