أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
الفنون تضىء الكلمات
18 أبريل 2016

الفن التشكيلى أبدا لم يكن ترفا ورفاهية يتفاخر بها صفوة المجتمعات.. إنه جوهر ومضمون لحياة كاملة المعالم وليست ضمن شطحات الخيال وقد لا تحتمل جمالياته الكثير من تدافعات وصراعات الروتين اليومى ولا ظلال الحياة الافتراضية على مواقع التواصل التى ضيقت علينا الخناق بقشورها السطحية عبر صفحات الإنترنت، لتأتى مساحات التنفس والانطلاق بشكل استثنائى..


أما إبداعات الفنون فلها جذور تتشبث حتى باطن الأرض، فهى تلك الإيقونات التاريخية التى سردت وجسدت ملامح الماضى بكل تفاصيله الدقيقة فى تناقل عبر الأزمنة والحقب لتشهد كافة الأجيال المتلاحقة كيف تصنع الحضارات وتزدهر العلوم والثقافات والصناعات.. رأينا كل هذا وأكثر بين لوحات عتيقة وجداريات مشيدة لتكون بأعيننا وأرواحنا جزء أصيل من ذاكرة الشعوب، بل إن الفنون قد تهمنا وتعلو بنا لمستويات أرحب تتسع معها الأفق، ترسخ بالمرسوم والأشكال المرئية آيات وقصص من القرآن الكريم وتحكى عن تراتيل الإنجيل ومزامير التوراة، بالإضافة لفنون وإبداعات حظيت بها أرضنا منذ آلاف الأعوام أطلت على الكون بأشعة التنوير والتقدم بنقوش ومعابد وآثار ستظل تجذب كل المجتمعات الواعية للتراث والتاريخ.



ونحن هنا بدأنا التنوير منذ أكثر من قرن ونصف القرن مع بداية مؤسسة الأهرام لتسهم وسط مجتمع ساعيا لتحقيق رؤيته يتمكن من مفاتيح مستقبله، بأصوات تعلو لتقوم المسار، ليحتضن بطفرة الحقيقة جاءت عندما أيقنت المؤسسة الأهمية البالغة لرعاية الثقافات والفنون، وبالطبع بدا هذا جليا واضحا حينما تولى الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، ليضع أرثا ثقافيا وفنيا من أهم وأندر الأعمال لرواد الفن التشكيلى بمصر والوطن العربى لتسلط الأضواء من خلال الندوات والمعارض الممتدة بالأهرام كبذور تربت وتشكلت بها عقول ووجدان شرائح المجتمع المتنوع، كما احتضنت الجريدة بين طيات أوراقها العديد من الكتابات النقدية وأفردت مساحات للرسوم الصحفية والتعبيرية وفنون الكاريكاتير الساخر لتقديم النقد البناء للأحداث السياسة والمجتمعية الماضية، وليلمع الكثير من الأسماء البارزة مثل الأساتذة:الحسين فوزى صاروخان وصلاح جاهين، صلاح طاهر، يوسف فرنسيس ثم تتوالى الأجيال لتتأسس صفحة متخصصة للفن التشكيلى وبكل اعتزاز اسردها مع والدى محمد سليمة ومعه أسماء إنارة الأجيال كلماتها وهم الأساتذة: مكرم حنين، نجوى العشري، فرج حسن، محمد الناصر.



واليوم أبدا ليس البداية.. بل استكمال لخطى شقها وحفرها أساتذتنا ومنهم نستقى لكى نتمكن من مد كل روابط وصلات الجمال.



وأخيرا أريد أن أبدأها بحلم متفائل أوله استعادتنا لقيم ماضينا وتاريخنا وأوسطه أننا استكملنا الغد بوعى ونثرنا بذور الفكر والفن حولنا، وهذا حلم دون نهاية، لكن مفاتيح نجاحه ليست فردية انها فى تواصلنا وتبادل الخبرات والرؤى مع عطاء الأجيال السابقة واللاحقة، وليظل الفن يضيء الطرقات وكلمة أخيرة أستعيرها «وصباح الخير أيها الفن الجميل».