أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
رسالة إلى السيد الرئيس
13 أبريل 2016
د‏.‏ محمد مجاهد الزيات

لا خلاف على أن المؤسسة العسكرية المصرية أرقى مدارس الوطنية المصرية وتلك المؤسسة التى أنت يا سيدى الرئيس على رأسها والرمز الأكبر لها لا يمكن أن تفرط فى ذرة من تراب مصر، فالذين استشهدوا على الأراضى المصرية وضحوا بالغالى والرخيص لا يمكن أن يبيعوا تراب وطنهم.لكن قرار تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية وإصدار الحكومة المصرية قراراً مفاجئاً يُشير إلى تبعية جزيرتى تيران وصنافير إلى الحكومة السعودية كان يحتاج إلى إخراج أفضل وبدا لو كان بيان الحكومة المصرية المذكور نوعاً من إبراء الذمة الذى لم يحظ بالاهتمام الكافي، فإذا كان هناك لجنة مشكلة من 6 سنوات، ألم يكن الأمر يحتاج إلى تفاصيل مسبقة عن هذه اللجنة وتشكيلها ومكانة أعضائها الذين استمروا طوال ثلاثة أنظمة سياسية مختلفة والوثائق التى درسوها ومدى الثقة فى هذه الوثائق قبل مفاجأة الرأى العام بقرار الحكومة.

سيدى الرئيس عبدالفتاح السيسى أنت تقود مشروعاً وطنياً لإعادة بناء الدولة المصرية الحديثة وتبذل مجهودات غير مسبوقة لدفع معظم قطاعات الشعب للمشاركة فى هذا المشروع، إلا أن دوائر النخبة السياسية والحكومية لا ترقى إلى المستوى الراقى لهذا المشروع، ولقد أحدث قرار الحكومة نوعاً من البلبلة لم تكن مصر فى حاجة إليها وفتحت الباب أمام قوى مناهضة للتغيير السياسى الذى قادته ثورة 30 يونيو فى محاولة لتقويض الإنجازات التى تمت خلال العامين الأخيرين.

فى تقديرى أن هناك أمورا قد يكون من المفيد النظر فيها قبل تصديق سيادتكم على القرار وقبل مناقشة مجلس النواب لاتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، ومن بين هذه الأمور ما يلي:الكشف عن تشكيل اللجنة القانونية التى بحثت ودرست تعيين الحدود بين مصر والسعودية خاصة فيما يتعلق بملكية جزيرتى تيران وصنافير.

إفساح المجال فى جلسة استماع فى مجلس النواب لعدد من أساتذة القانون الدولى خاصة المتخصصون فى القانون الدولى للبحار لتقييم هذه الوثائق وقد يكون من المفيد أيضاً الاستماع إلى بعض الأصوات العاقلة التى تعبر عن الرأى الآخر وتتعامل مع القضية بموضوعية وتكون جلسة الاستماع المذكورة بمنزلة حوار مجتمعى متخصص. قد يكون من المفيد أيضاً أن يقدم السيد وزير الخارجية بياناً فى جلسة الاستماع المذكورة قبل مناقشة مجلس النواب للاتفاقية يتضمن إيضاحاً من وزارة الخارجية للوثائق الرسمية الموجودة بهذا الخصوص والمراسلات التى تمت بشأنها والتعامل المصرى معها طوال السنوات الماضية.

لا شك أن حضور ممثل للقيادة العامة للقوات المسلحة أو السيد رئيس هيئة المساحة العسكرية بما يتوافر لدية من معلومات سوف يكون مفيداً فمجرد مشاركة ممثلين للمؤسسة العسكرية تعطى الثقة والأمان فى أى قرارات خاصة بالتراب والأرض المصرية وهو ما يمكن أن يساعد على سد ذرائع القوى المعادية والرافضة للتقارب المصرى السعودي. إن تعيين الحدود البحرية يجب ألا يقتصر على ملكيتى تيران وصنافير، ولكن يجب أن يتسع ليشمل المنطقة الممتدة ببن الجزيرتين وعلى طول الساحل الشرقى لخليج العقبة حيث تتداخل المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين، فلاشك أن توقيع اتفاقية شاملة لتعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية على نمط الاتفاقيات التى تم توقيعها بين مصر وكل من اليونان وقبرص سوف تسهم بدرجة كبيرة فى تحصين العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية من ناحية وتتعامل مع أى اكتشافات اقتصادية مرتقبة فى المنطقة طبقاً لضوابط وأسس قانونية متفق عليها من ناحية أخري.

ضرورة توقف بعض مصادر الإعلام عن مصادر الإثارة أو الاستعانة بغير ذوى الخبرة والتخصص لإصدار أحكام تحدث بلبلة وبعيدة عن الموضوعية وتفتقد للسند القانوني.

سيدى الرئيس عبدالفتاح السيسى إن المشروع الوطنى الذى تقوده لبناء الدولة المصرية الحديثة واستعادة الدور الإقليمى لمصر يواجه وسوف يظل يواجه مواقف معارضة من قوى إقليمية استفادت من غياب مصر وغياب العرب معها عن الإقليم، ولا شك أن عودة مصر لدورها الطبيعى سوف يضيق من مساحة حركة تلك القوى خاصة تركيا وإيران، ويمثل التحالف المصرى الخليجى الذى ركيزته المملكة العربية السعوية قوة جديدة يمكن أن تسهم فى استعادة التوازن الإقليمى وتوفير متطلبات الأمن القومى المصرى والخليجى والعربى بصفة عامة، وبالتالى فإن ذلك هدف من المهم للدولة المصرية أن تسعى إليه وأن تستوعب كل دعاوى البلبلة والتشكيك على أمل أن ترقى أجهزة الدولة على اختلافها بما يتوافق مع متطلبات تحقيق ذلك المشروع الوطنى المصرى.