بكل لغات العالم .. «اسكتوا»!
هذا ما فعلته أمريكا :
الشاب المصري المقيم في أمريكا عماد السيد، كتب على صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك» يقول : «أرغب في قتل دونالد ترامب وأن يحكم عليّ بالسجن المؤبد، وسيشكرني العالم بأسره على ذلك»، فاعتقلته المباحث الفيدرالية وحققت معه، ثم قررت إلغاء تأشيرته، وضاع حلمه الأمريكي في دراسة علوم الطيران هناك.
وهذا ما فعلته ألمانيا :
شرطة برلين تطلق الرصاص على «مشتبه»، مجرد مشتبه، خلال حملة أمنية في حي مارتسان بالعاصمة، مما أدى إلى مقتله، لمجرد أنه حاول الهروب من الشرطة، ولم تتضح بعد ملابسات الحادث، ولم تهتم وسائل الإعلام الألمانية أصلا بالبحث عن ملابسات.
وهذا ما فعلته تركيا : الشرطة تقتحم بالقوة مقر صحيفة «زمان» المعارضة بسبب صلاتها بجماعة «خدمة» المحظورة التابعة لفتح الله جولن الداعية الهارب المقيم في بنسلفينيا، والمتهم بمحاولة الانقلاب على نظام إردوغان، وتطرد رئيس التحرير، وتضع الصحيفة تحت وصاية شركة تابعة لها، وتحكم سيطرتها على محتوى الصحيفة نفسها، لتصدر الصحيفة في اليوم التالي وعلى صفحتها الأولى صورة إردوغان مبتسما، مصحوبة بمقالات وموضوعات تتحدث عن إنجازاته!
وهذا ما فعلته البرازيل : الشرطة تقتحم منزل الرئيس السابق لولا دا سيلفا في ساو باولو وتعتقله وتقتاده للتحقيق في الاتهامات الموجهة إليه بالفساد في قضية بتروبراس، وهي قضية طالت رءوسا كبيرة في الدولة البرازيلية.
وهذا ما فعلته فرنسا : حكومة مانويل فالس تتجاهل «تمثيليات» المنظمات الحقوقية وجمعيات الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، وحظيت بموافقة الجمعية الوطنية «البرلمان» على تمديد حالة الطواريء التي أعلنت منذ هجمات باريس العام الماضي، وذلك حتى نهاية مايو القادم، نظرا لاستمرار خطر الإرهاب على البلاد، ووجود احتمالات ومخاوف، مجرد احتمالات ومخاوف، من تعرض البلاد لهجمات أخرى.
وهذا ما فعلته سنغافورة : النجمة الأمريكية الشهيرة مادونا ترضخ لمطالب سلطات سنغافورة والكنيسة هناك بمنع تقديم أغنيتين تحملان معانى مخالفة للدين المسيحي، هما «هولي ووتر» أو «الماء المقدس»، و«ديفيل براي» أو «صلاة الشيطان»، وتصعد مادونا إلى خشبة المسرح أمام 25 ألف سنغافوري، دون تقديم هاتين الأغنيتين المثيرتين للجدل.
هذا ما تفعله دول العالم، بمختلف أصنافها وتوجهاتها، للدفاع عن أمنها ووجودها ومؤسساتها وقوانينها وهيبتها.
أمريكا، المصابة بمرض «فصام» الحريات، طبقت القانون بحذافيره على الشاب المصري، ولم تتعامل معه على أنه «ناشط»، أو «ابن ناس»، ولم يخرج أحد في الإعلام الأمريكي ليساند الشاب في قضيته ليقول : «حرام نضيع مستقبله»، أو «بلاش نحبكها قوي»!
ألمانيا، قدمت نموذجا لأداء الشرطي المستعد للدفاع عن أمنه وأمن الوطن وهيبته مهما كانت العواقب، لمجرد أنه استشعر خطرا من هذا المشتبه، ولم يخرج أحد هناك ليدافع عن قتيل برلين أو من يصفه بأنه «شهيد»، ولم نسمع أحدا يطالب بشل حركة الحياة في ألمانيا إلى أن يتحقق «القصاص»!
تركيا، المصدر الرئيسي للإرهاب والأزمات في الشرق الأوسط، طبقت القانون أيضا، وحافظت على هيبة رئيسها، ولم نسمع أحدا يقول إن إردوغان موظف عند شعبه، وبالتالي حلال فيه الشتيمة والإهانة، ولم يقل أحد أيضا إن جولن «زعيم» و«رمز» و«عضمة كبيرة»، و«حرام نبهدله»!
وفي البرازيل، لم يشفع لدا سيلفا أنه رئيس سابق، أو «معبود البرازيليين»، أو أنه أستاذ ومعلم الرئيسة الحالية ديلما روسيف، أو أنه أول رئيس يرفع من شأن البرازيل من دولة عالم ثالث إلى دولة صاعدة تثبت أقدامها ضمن مجموعة العشرين ودول «بريكس»، فالقانون لا يفرق بين زعيم وغفير، ومن ينفذ القانون هنا هو الدولة والقضاء والشرطة، وليس برامج التوك شو ولا الفيسبوك ومظاهرات الشارع!
وفي فرنسا، علا صوت الأمن القومي فوق صوت الحريات، فلا حريات في وطن مهدد بالفناء، وفشلت توقعات «المتحذلقين» عندنا بعد هجمات باريس بأن طواريء فرنسا ستكون «مؤقتة».
أما سنغافورة، هذه الدولة صغيرة الحجم كبيرة القدر، فقدمت درسا من نوع آخر، حيث احترمت الحكومة بشدة رأي الكنيسة في حفل مادونا، فانتصرت قيم سنغافورة الشرقية المحافظة، وانتصرت حكومتها لرأي مؤسساتها الدينية، وانهزمت قيم الفوضى و«قلة الأدب» القادمة من الغرب باسم الحرية والإبداع!
.. بكل لغات العالم .. «اسكتوا»!