أحمد السيد النجار
محمد عبد الهادي علام
إلا قُوت الشعب
7 مارس 2016
الغربية – أحمد أبو شنب:

فى الوقت الذى تسعى الدولة جاهدةً لاستصلاح 1٫5 مليون فدان، تُولِى محافظة الغربية اهتمامًا بالغًا بالحفاظ على الرقعة الزراعية، بل وحمايتها من أى تعديات، بعدما استغل البعض حالة الفوضى التى شهدتها البلاد إبان ثورة 25 يناير 2011.


وكانت الاعتداءات على الأراضى الزراعية، بغرس الأعمدة الخرسانية بديلا عن المحاصيل الاستراتيجية، مثل: القمح والأرز والقطن، وغيرها.. الأمر الذى جعل اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، يُشدِّد - بقوة على ضرورة التصدى فورًا لأى تعديات على الأراضى الزراعية، فى نطاق المحافظة، رافعًا شعار: »إلا قُوت الشعب«، ومؤكدًا أن الدولة لن ترحم مَنْ يحاول الاعتداء على الأرض الزراعية، وقال: »الإزالة فى المهد، على نفقة المخالف، هى أول إجراء يتم اتخاذه بشأن أى محاولة تعدٍّ على الرقعة الزراعية بنطاق محافظة الغربية، ثم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ضد أى مخالف، وإلزامه بإعادة الأرض مرةً أخرى للزراعة«.




وأضاف المحافظ أنه إذا كانت الفترة التى واكبت ثورة 25 يناير، وما تلاها من أحداث، شهدت أكبر نسبة تعديات على الأراضى الزراعية، فإن الفترة التى تلت ثورة 30 يونيو، شهدت تعافى جميع أجهزة الدولة، خاصة الشرطة، مما أدى إلى انحسار نسبة التعديات، وزيادة نسبة الإزالات، حيث لا يكاد يمر يوم إلا وننفذ حملات إزالة فى مركز من مراكز المحافظة الثمانية، حيث شهدت الفترة من أول يناير الماضى وحتى يوم الخميس 21 يناير ، تنفيذ 13 حملة إزالة، من إجمالى 16 حملة، حيث تمت إزالة 109 حالات تعدٍّ، بمساحة 8 أفدنة، و6 قراريط، و9 أسهم، وتم تأجيل ثلاث حملات للدراسة الأمنية، مشيرًا إلى أنه رغم ما تواجهه الشرطة من تحديات كبيرة، فى حفظ الأمن وملاحقة الخارجين عن القانون، ومكافحة الإرهاب، بما يضمن سلامة وأمن المواطنين، فإن رجال وقيادات مديرية أمن الغربية، يبذلون قصارى جهدهم فى التعاون مع الجهات المعنية؛ لتأمين وتنفيذ قرارات الإزالة بشأن التعديات على الأراضى الزراعية بنطاق المحافظة.



رصد يومي



أكد المهندس عادل محمد العتال، وكيل وزارة الزراعة بمحافظة الغربية، أن مديرية الزراعة بالغربية لا تتوانى عن القيام بدورها فى مواجهة أى حالات تعدٍّ على الأراضى الزراعية، حيث يتم يوميًّا رصد جميع حالات التعدى على الأراضى الزراعية، بنطاق المحافظة، وكذلك ما يتم تنفيذه من قرارات الإزالة لهذه التعديات. وأضاف أنه تم خلال الفترة من 25 يناير 2011 وحتى 21 يناير 2016، إزالة 14 ألفًا و976 حالة تعدٍّ، بمساحة 1030 فدانًا، و21 قيراطًا، و21 سهمًا، من إجمالى 138 ألفًا و178 حالة تعدٍّ، بمساحة إجمالية 6420 فدانًا، و23 قيراطًا، و9 أسهم، بنسبة 16%، منها: فى مركز طنطا، تم تنفيذ إزالة 2513 حالة تعدٍّ، بمساحة 231 فدانًا، و4 قراريط، و21 سهمًا، من إجمالى 16 ألفًا و832 حالة تعدًّ، بمساحة 1001 فدان، وقيراطيْن، و5 أسهم، بنسبة 23%. وفى مركز سمنود تمت إزالة 2578 حالة تعدٍّ، بمساحة 128 فدانًا، و23 قيراطًا، و7 أسهم، من إجمالى تعديات 16 ألفًا، 786 حالة، بمساحة 578 فدانًا، و17 قيراطًا، و8 أسهم، بنسبة 22,28%. كما تمت إزالة 1339 حالة تعدٍّ على الأراضى الزراعية بنطاق مركز السنطة، بإجمالى مساحة 96 فدانًا، و11 قيراطًا، و4 أسهم، من إجمالى 11 ألفًا، و855 حالة، بمساحة 588 فدانًا، و3 قراريط، و13 سهمًا، بنسبة 16,4%. وفى مركز زفتى تمت إزالة 3042 حالة تعدٍّ، بمساحة 207 أفدنة، و15 قيراطًا، و4 أسهم، من إجمالى 16 ألفًا، و168 حالة تعدٍّ، بمساحة 925 فدانًا، و5 قراريط، و6 أسهم، بنسبة 22,43%. وفى مركز كفر الزيات تمت إزالة 1124 حالة تعدٍّ، بمساحة 95 فدانًا، و6 قراريط، و23 سهمًا، من إجمالى 13 ألفًا، و303 حالات تعدٍّ، بمساحة 547 فدانًا، و22 قيراطًا، و12 سهمًا، بنسبة 17,39%. أما فى مركز قطور، فقد تمت إزالة 1588 حالة تعدٍّ على الأراضى الزراعية، خلال الفترة المذكورة، بمساحة 67 فدانًا، و19 قيراطًا، و11 سهمًا، من إجمالى 13 ألفًا، و750 حالة تعدٍّ، بنسبة 13,17%.



أعلى نسبة إزالات



وأوضح وكيل وزارة الزراعة بالغربية، أن مركز بسيون شهد أعلى نسبة إزالات، وأقل نسبة تعديات على الأراضى الزراعية، خلال الفترة المذكورة (يناير 2011-2016) حيث تمت إزالة 1691 حالة تعدٍّ، بمساحة 98 فدانًا، و14 سهمًا، من إجمالى 10 آلاف، و88 حالة تعدٍّ، بمساحة 426 فدانًا، و7 قراريط، وسهم واحد، بنسبة 23%، فى حين احتل مركز المحلة الكبرى أقل نسبة إزالات حيث تمت إزالة 1101 حالة تعدٍّ، بمساحة 105 أفدنة، و12 قيراطًا، و9 أسهم، من إجمالى 39 ألفًا و398 حالة تعدٍّ، بمساحة 1838 فدانًا، و22 قيراطًا، و11 سهمًا، بنسبة 5,73%.



وأشار إلى دور مسئولى الزراعة فى رصد واكتشاف حالات التعديات على الأراضى الزراعية، بصفة يومية، حيث يقوم كل من: المهندس الزراعي، ومهندس حماية الأراضي، بكل جمعية تعاونية زراعية، على مستوى الإدارات الزراعية بمراكز المحافظة الثمانية، بواجبه على أكمل وجه، فى مواجهة أى تعديات على الأراضى الزراعية، فى المهد، ويتمثل دور كل منهما (المهندس الزراعي، ومهندس حماية الأراضي) فى المرور يوميًّا على المنطقة (الأحواض) الخاصة بهما، لاكتشاف ورصد أى مخالفة تعدٍّ بالبناء على الأرض الزراعية فى المهد، وتحرير محضر إثبات حالة بواقعة التعدي، وإخطار كل من: الوحدة المحلية ومركز الشرطة، لإصدار قرار الإزالة، ثم يتم تفعيل قرار محافظ الغربية رقم 1886 لسنة 2011، بشأن تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوحدة المحلية المختصة، وعضوية كل من: المهندس المختص بالتخطيط والتنظيم بالوحدة المحلية، وعمدة القرية أو شيخ البلد، ومندوب من الشرطة، ومندوب من المجلس الشعبى المحلي، ومهندس حماية الأراضى بالإدارة الزراعية المختصة. وأكد المهندس »العتال« أنه فى حالة تكرار المخالفة، يقوم المشرف الزراعي، والمسئول عن حماية الأراضي، باتخاذ نفس الإجراءات السابقة؛ لإزالة المخالفة.



إزالة فى المهد



وبيَّنَ وكيل وزارة الزراعة بالغربية أن من مهام اللجنة المشار إليها (حسب ما ورد فى قرار المحافظ سالف الذكر) اتخاذ جميع الإجراءات القانونية للتصدى للتعديات، وإزالتها فى المهد، ومنها: تحرير قرار إيقاف للأعمال المخالفة، بحيث يكون مسببًا (بناء بدون ترخيص، وخارج الحيز العمراني) مع إعلان المخالف بذلك، وتحرير محضر جنحة طبقًا لنص المادة 102 من القانون 119 لسنة 2008، بالإضافة إلى تحرير قرار إزالة واعتماده من السيد المحافظ، مع إعلان ذوى الشأن بقرارات الإزالة، وإعطائهم مهلة يوميْن للتنفيذ. وأضاف أن من مهام اللجنة أيضًا أنه بعد انتهاء المدة المقررة للإزالة، يتم تحرير محاضر مخالفة بالغرامة اليومية، طبقًا لنص المادة 107 من القانون 119 لسنة 2008، والتى تطبق فى حالة استئناف أعمال سبق وقفها بالطريق الإدارى أو عدم تنفيذ قرارات الإزالة، بعد انتهاء المدة التى تحددها الجهة الإدارية.



جهاز شرطة متخصص



ويطالب «العتال» بضرورة إنشاء جهاز شرطة متخصص لتنفيذ القوانين الزراعية، على غرار شرطة النقل والمواصلات، والكهرباء، وتوفير المعدات الكافية والمناسبة بحيث تكون تحت تصرف »الزراعة«، مع ضرورة أن تتم الإزالة كليًّا، ورفع الأنقاض فور عملية الإزالة؛ لإعادة الأرض للزراعة، بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة العدل لسرعة الفصل فى القضايا الخاصة بالتعديات على الأراضى الزراعية، وسنّ القوانين والتشريعات لتجريم المخالف، والمشارك فى المخالفة، من المقاولين والعمال، مع مصادرة المعدات المستخدمة فى عملية التعدي، وكذلك حظر إقامة أى مشروعات خاصة على الأرض الزراعية عدا مشروعات النفع العام، وتجريم توصيل المرافق للمبانى المخالفة. ويقترح التوسع الرأسى داخل الأحوزة العمرانية حلا لمشكلة التعديات على الأراضى الزراعية، خاصة أن »الغربية« لا يوجد لها ظهير صحراوي.



الظهير الصحراوى الحل الأمثل



من جانبه، يؤكد الدكتور عبد المنعم البسيوني، أستاذ الهندسة المتفرغ، رئيس جامعة المنيا الأسبق (وأحد أبناء محافظة الغربية) فى دراسة علمية له، تحمل عنوان: »الظهير الصحراوي.. نقطة البداية لتنمية محافظة الغربية«، أن إنشاء ظهير صحراوى لمحافظة الغربية هو الحل الأمثل لتنمية المحافظة الوحيدة على مستوى الجمهورية التى ليس لها ظهير صحراوي، الأمر الذى يقضى تمامًا ونهائيًّا على التعدى على الرقعة الزراعية، بل ويسهم بشكل فعَّال فى إضافة آلاف الأفدنة الجديدة إلى الحيازة الزراعية للمحافظة، مما سيكون تعويضًا حقيقيًّا عما فُقِد من أراضٍ، خلال السنوات الماضية.



وأوضح »د. البسيوني« أنه استعان بخرائط علمية لمراكز الاستشعار عن بُعد بأمريكا، فى دراسة أنسب المناطق صلاحيةً لتكون ظهيرًا صحراويًّا وتنمويًّا لمحافظة الغربية، حيث تم تحديد منطقة غرب طريق وادى النطرون العلمين الصحراوي، بعرض 80 كيلو مترًا حتى ترتبط مع محور التنمية الذى اقترحه الدكتور فاروق الباز، لا سيما أن هذه المنطقة تتوافر بها المياه الجوفية وإمكانات الزراعة الصحراوية، ويتم ذلك عن طريق ربط محافظة الغربية بهذه المنطقة من خلال طريق حر بين مركزيْ: كفر الزيات وكفر الدوار، يلتقى مع طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى عند مدخل طريق وادى النطرون العلمين الجديد فى الكيلو 120، مشيرًا إلى أن هذا الطريق سيكون علويًّا وبدون أى تقاطعات، وتُنفذ عليه أعمال صناعية عند تقاطعات الترع والمصارف والطرق الفرعية وخطوط السكة الحديد، مع إمكانية أن يكون به مخرج واحد لأراضى الاستصلاح عند ترعة البستان، مؤكدًا أن هذه المنطقة محل الدراسة بها ثروة معدنية كبيرة، ويجب إجراء الدراسات اللازمة لتحديد مناطقها وأماكن إنشاء المصانع بها لضمان حسن استغلالها. وأوضح »د. البسيوني« أن البداية ستكون بمساحة 150 ألف فدان كمرحلة أولي، وتتلوها مرحلتان أخريان، مساحة كل منهما 150 ألف فدان أيضًا، خاصة أن الهيئة العامة للطرق تنفذ حاليًّا شبكة طرق لربط وسط الدلتا بالطريق الصحراوى بتكلفة قدرها 500 مليون جنيه، مما يساعد كثيرًا فى تنفيذ هذه الدراسة.



وأشار إلى أنه سبق أن تقدم بهذا المشروع لمحافظ الغربية الأسبق المستشار محمد عبد القادر، والذى قام بدوره بعرضه على الدكتور كمال الجنزوري، رئيس مجلس الوزراء آنذاك ، خلال أحد اجتماعات مجلس المحافظين، فى نهاية عام 2011، إلا أن محافظ البحيرة وقتذاك اعترض على المشروع؛ لأنه سيقام على أرض وادى النطرون، التى تقع فى نطاق محافظته، مشيرًا إلى أن الأحداث التى مرت بها البلاد بعد ذلك، حالت دون إتمام المشروع. ويأمل الدكتور عبد المنعم البسيونى فى أن تحظى دراسته العلمية الخاصة بإنشاء ظهير صحراوى لمحافظة الغربية، باهتمام القيادة السياسية، من أجل النهوض اقتصاديًّا واجتماعيًّا بنحو 4,5 مليون مواطن بالمحافظة، خاصة أن هذا المشروع سيقضى على البطالة نهائيًّا فى محافظة الغربية؛ لأنه سيوفر فرص استثمار حقيقية، كما سيعمل على حل مشكلة الإسكان نهائيًّا لأبناء المحافظة، لا سيما فى ظل عدم توافر أرض فضاء صالحة للبناء عليها فى نطاق المحافظة، كما سيحل هذا المشروع مشكلة العشوائيات التى تعانيها مدن المحافظة المختلفة، بالإضافة إلى مراعاته الناحية البيئية، حيث وضعت الدراسة فى الاعتبار أن عدم وجود ظهير صحراوى للمحافظة، أدى إلى تفاقم مشكلة فرز وتدوير المخلفات الصلبة، مما أدى إلى انتشار أكوام القمامة، ولذلك أكدت الدراسة ضرورة إقامة مشروع متكامل لتجميع القمامة ثم تصنيفها داخل المحافظة وتحويل المواد الحديدية إلى المسابك، والزجاج إلى مصانع الزجاج، والبلاستيك إلى صناعات البلاستيك التقليدية، والورق إلى مصانع الورق، أما المواد العضوية فيجب نقلها بعد كبسها إلى مدافن صحية بالأراضى الصحراوية، للاستفادة منها فى السماد العضوى بعد ذلك. وتشير الدراسة إلى أن انتشار الأمراض نتيجة تلوث المياه، والأمراض الناتجة عن انتشار القمامة بالقرى والمدن يجعلان وجود ظهير صحراوى أمرا فى غاية الأهمية للمحافظة.