تزامنت- منذ أيام- واقعتان تتعلقان بحكام مصر، إحداهما تصف ثورة مدينتى بورفؤاد وبورسعيد ضد عملية إعادة نصب تمثال شهير قديم للملك فؤاد، والأخرى ترتبط بما ردده بعض النشطاء ونقلته جريدة خاصة لاستنكار استمرار ورود اسم الرئيس مبارك فى البيانات الرئاسية المصرية التى ذكر أحدها- إبان زيارة الرئيس السيسي- إلى كازاخستان أن السيسى ونور سلطان نزار باييف الرئيس الكازاخستانى اتفقا على استمرار تطوير جامعة نور- مبارك فى كازاخستان. وبداية أنا لا أكتب هذه السطور دفاعا عن الرئيس مبارك، فالرجل وزمانه ونظامه هم فى ذمة التاريخ فى اللحظة الراهنة، ولكنني- فقط- أقارن بين الحالتين (التمثال والجامعة) فالرئيس مبارك- أيا كان وضعه الحالي- هو أحد أبطال حرب أكتوبر وقادتها العظام، ولا يجوز مساواته بالملك فؤاد الذى طلب عدلى يكن تفويضه للتباحث مع الإنجليز وكان على استعداد لقبول تقرير لجنة ملنر دون تصريح 28 فبراير.
يعنى واحد شارك فى تحرير الوطن فى أمجد معاركه والثانى كان على إستعداد لتكريس احتلال الوطن. ثم أن الصحيفة حين نشرت خبر بيان الرئاسة الذى ورد فيه اسم الرئيس مبارك، ألحقت بالخبر قائمة بأسماء المنشآت والاتفاقات التى حُذف منها اسم الرئيس مبارك بعد عملية يناير 2011، والحقيقة أن تأمل تلك القائمة يخبرنا- قولا واحدا فصلا- بأننا نحتاج إلى إعادة نظر فى الطريقة التى ننظر بها إلى التاريخ، كما نحتاج- قطعا- إلى قراءة نقدية لسلوكنا الإجتماعى والثقافي. فمن غير المعقول أن تكون شهرتنا فى الدنيا كلها هى قيام كل حاكم بإزالة ما يتعلق بسلفه من على المسلات أو بإطاحة التماثيل ولافتات التكريم.
طالب الناس برحيل مبارك فرحل ولا معني- بعد ذلك- لمحاولة طمس كل ما يتعلق به عمليات محو التاريخ هى فى نهاية الأمر غير مؤثرة، ولا معني- مثلا- لإزالة تمثال الملك فؤاد بينما اسم المدينة نفسه يظل (بورفؤاد)، ونحن- ربما- نلعن الملك فؤاد وزوجته نازلى وابنه الملك فاروق فى كل يوم مائة مرة، ولكن ذكراهم ستظل حية حتى لو استحقوا لعناتنا، ومازلنا- حتى اليوم- نقارن بازدراء فى خلفية أغنية حبيب الروح من فيلم (غزل البنات)، بين نسختين للفيلم إحداهما فيها صورة للملك فاروق، والأخرى فيها (شخبطة) فوق ملامحه.